قرار مفاجئ أعلنته الحكومة المغربية، بعد موافقتها على الدعوة التي وجّهها أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، إلى كل من المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية بحضور كل من الجزائر وموريتانيا، بهدف استئناف المفاوضات، عقب الرفض القاطع الذي سجلته المملكة في وقت سابق ومطالبتها بضرورة إدراج الجارة الشرقية الجزائر كطرف مباشر في الملف. الموافقة، التي جاءت قبيل أيام من آخر أجل على الموعد النهائي لإبداء الرأي، تأتي في سياق تحاول فيه القوى الدولية فرض الأمر الواقع على جميع الأطراف، بعد مُطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بمفاوضات دون شروط وتلويح أمريكا بفرض عقوبات إذا لم تتحرك الدولية لتحريك المياه الراكدة منذ ما يقارب عقدا من الزمن، في حين ساندت روسيا خطوة المبعوث الأممي بفرض المفاوضات مطالبة هي الأخرى بضرورة إيجاد حل للملف. وأوضح سمير بنيس، المستشار الدبلوماسي، أنه "لا شك في أن هناك توجها عاما داخل مجلس الأمن يسعى إلى إحياء المفاوضات المعطلة بين أطراف النزاع بهدف التمهيد للتوصل إلى حل سياسي ومتوافق عليه وفقاً لقرارات مجلس الأمن التي تم اعتمادها منذ أبريل 2007"، لافتا إلى أن "هورست كولر، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، يبدو عازما على تفادي الفشل الذي تعرض له سلفه. ومن ثم، يحاول ربح الوقت والحصول على دعم أعضاء مجلس الأمن من أجل حمل المغرب والبوليساريو على الجلوس لطاولة المفاوضات". وأضاف الخبير السابق في هيئة الأممالمتحدة أن "من بين العوامل التي تدفع بالأممالمتحدة إلى تسريع وتيرة مطالبتها لمجلس الأمن بالتعجيل في إطلاق هذه المفاوضات المباشرة هو وجود جون بولتون، السفير الأمريكي السابق في الأممالمتحدة، في الإدارة الأمريكية؛ فمستشار الأمن القومي الحالي للرئيس دونالد ترامب يعرف خبايا الموضوع، ويعتبر العقل المدبر وراء إعلان الولاياتالمتحدة عن عزمها خفض مساهمتها من 16 مليون دولار إلى 8 ملايين دولار السنة المقبلة". وأردف المحلل المقيم في واشنطن أن "توصية الأمين العام بخصوص المفاوضات ليست بشيء جديد، إذ تكررت هذه التوصية في التقارير التي قدمها الأمين العام لمجلس الأمن منذ 10 سنوات؛ غير أنه ما يعاب على الأمين العام الجديد ومبعوثه الشخصي هو استعمال الوصفة ذاتها التي استعملها سلفيهما دون إدخال أي تغيير يذكر على النهج العقيم التي اتبعته الأممالمتحدة منذ اعتماد القرار 1754 في شهر أبريل 2007". وأكمل الخبير في العلاقات الدولية أن "المغرب يتوفر على هامش المناورة ويتمتع بدعم عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأمريكي، بالإضافة إلى عدد لا يستهان به من موظفي وزارة الخارجية الأمريكية؛ فهناك الكثير من المؤشرات التي توحي بأن الولاياتالمتحدة غير مستعدة لاتخاذ موقف معاد للمغرب فيما يتعلق بهذا الملف، أولها الميزانية السنوية لعام 2018، التي أوصت بتخصيص جزء من الدعم المالي الأمريكي للمغرب في الصحراء". وأكد بنيس أنه "بناءً على ذلك، وحتى وإن تضمّن القرار المقبل لمجلس الأمن دعوات صريحة لأطراف النزاع للدخول في مفاوضات مباشرة، فإن المغرب سيتوفر على متسع من الوقت من أجل تعبئة أصدقائه في واشنطن من أجل حصول على الدعم والدفع بأجندته والتأكيد على أن التوصل إلى حل سياسي لقضية الصحراء مرهون بإشراك الجزائر كطرف رئيسي في المفاوضات". وأردف المتحدث أنه "يتعين على المغرب بذل جهد أكبر من أي وقت مضى لكسب تعاطف مجلس الشيوخ الأمريكي وحصوله على دعمه؛ ففي الوقت الذي يحظى فيه المغرب بدعم واسع لموقفه داخل الكونغرس، فإنه لا يتمتع بالدعم نفسه لدى أعضاء مجلس الشيوخ، الذين يوجد من ضمنهم بعض الأعضاء الذين دأبوا على دعم مواقف الجزائر والبوليساريو وحرصوا على الحيلولة دون أن تتضمن قوانين الميزانية الأمريكية أي إشارات إلى الدور الرئيسي للجزائر في النزاع".