بدون سكر، بدون لاكتوز، بدون ملح...خال من الغلوتين، هكذا أضحت اليوم معالم النظام الغذائي الذي يلقى إقبالا كبيرا. ويميل هذا النمط الجديد في التغذية اليوم إلى التقليل من شأن حساسية الغلوتين التي تعتبر مرضا حقيقيا، بل عائقا حقيقيا أمام التغذية اليومية. وبين أولئك الذين لا يتحملون فعلا مادة الغلوتين والشغوفين بهذا النظام الجديد "الخالي من الغلوتين" يسجل هذا النمط الجديد المزيد من الأتباع في العالم. وفي الواقع فإنه في وقت يتجه بروتين الغلوتين إلى ترك النظام الغذائي لبعض الناس الذين يريدون الحفاظ على مظهرهم وحيويتهم، فإن عددا من الأفراد الذين لديهم حساسية لهذا الغلوتين أو مرضى الداء البطني (السلياك) يعرف طفرة كبيرة بالمغرب. وقبل أن يصبح أسلوبا فإن مرض الداء البطني، والمعروف أيضا باسم حساسية الغلوتين، هو مرض مزمن في الأمعاء، ناجم عن تناول بروتين الغلوتين، وهو مزيج من البروتينات الموجودة في بعض الحبوب (القمح والشعير...). وفي تصريح صحافي أوضحت خديجة موسيار، أخصائية في الطب الباطني وأمراض الشيخوخة ورئيسة الجمعية المغربية لأمراض المناعة الذاتية والجهازية، أن هذا المرض يسبب تلف النتوءات المبطنة للأمعاء التي تقوم بدور الامتصاص، ما يجعل السطح المبطن للأمعاء أملس، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث سوء امتصاص للمواد الغذائية، خاصة الحديد والكالسيوم وحمض الفوليك . وأضافت المتحدثة أن ذلك يظهر أيضا في العديد من الأعراض الأخرى، بما في ذلك الإسهال، وأحيانا الإمساك ونقص الوزن وتأخر النمو وفقر الدم والضعف والوهن وآلام البطن وانتفاخ البطن وتقرحات فموية وزيادة قابلية النزف واضطراب في التركيز والذاكرة، وأبرزت أن هذا المرض يعد أحد أكثر أمراض الجهاز الهضمي شيوعا في الوقت الراهن، مشيرة إلى أنه على عكس الاعتقاد السائد بأنه يحدث في مرحلة الطفولة فإنه يمكن أن يحدث في أي مرحلة من العمر، ويصيب المرأة أكثر من الرجل، ويمس أكثر من 1 في المائة من الساكنة المغربية (أكثر من 300 ألف شخص). وقالت الأخصائية ذاتها في هذا الإطار إن العلاج الطبي الوحيد لهذا المرض في الوقت الحاضر هو نظام غذائي مدى الحياة، يميل إلى تجنب مادة الغلوتين، ليس فقط في جميع المواد المصنوعة من القمح والشعير، مثل الخبز والمعجنات، ولكن أيضا في عدد كبير من منتجات الصناعات الغذائية، وخاصة الأطباق المطبوخة وبعض الحلويات. ويشكل طحين الحنطة السوداء والأرز والذرة بالخصوص مواد بديلة من أجل تغذية مرضية وآمنة لصحة جيدة بالنسبة للذين لديهم حساسية لمادة الغلوتين، تمكن أمعاءهم من أن تشفى . ومع ذلك تقول مارية الشنتوف، صيدلية ورئيسة الجمعية المغربية لمرض السيلياك وحساسية الغلوتين بالدار البيضاء، في تصريح مماثل، فإن هذا النظام الغذائي يمثل محنة يومية لمعظم الناس، وخاصة الفقراء، الذين لا يملكون الفرصة ولا الوسائل لشراء المنتجات الغذائية التي تعرض الملصق دون الغلوتين أو الغلوتين الحر، نظرا لأسعارها المرتفعة وأحيانا لعدم توفرها في السوق المغربية، مع العلم أن غالبية هذه المنتجات يتم استيرادها من دول أخرى . وفضلا عن المرض فإن الدافع وراء اختيار هذا النمط الغذائي، الذي كان في البداية مدفوعا من الحساسية لبعض البروتينات، يبدو ناجحا منذ أن دعا نجوم من عالم رياضة كرة المضرب على مستوى عال وغيرهم إلى اتباع نظام غذائي خال من الغلوتين من أجل تغذية صحية تسهل فقدان الوزن وضمان مظهر مثالي. ومن بين هؤلاء النجوم نوفاك ديوكوفيتش، لاعب التنس رقم واحد في العالم سابقا، والذي ألف كتابا بعنوان "خدمة مربحة: نظام غذائي خال من الغلوتين من أجل لياقة بدنية وعقلية مثالية"، والذي يتحدث عن فوائد النظام الغذائي الخالي من الغلوتين . وتحتفل العديد من الجمعيات الوطنية والدولية في يوم 18 ماي من كل عام باليوم العالمي للداء الزلاقي، المعروف أيضا باسم الحساسية من الغلوتين، وهي فرصة لإثارة المزيد من الانتباه إلى هذا المرض والنظام الغذائي بدون غلوتين، ما يتيح لذوي الحسياسية من مادة الغلوتين تبادل الأفكار والوصفات والمعلومات المستجدة حول التطور الطبي بخصوص هذا المرض. * و.م.ع