مرض السلياك أو المرض الجوفي يعدّ مرضا صامتا لا يحظي بالعناية اللازمة من طرف المسؤولين الصحيين في بلادنا، وهو ينتمي إلى أمراض المناعية الذاتية، الذي يسبب معاناة حقيقية، ذات بعد نفسي، اجتماعي، واقتصادي، بالنسبة للأشخاص المصابين به وعائلاتهم، نتيجة للمضاعفات المرضية والإكراهات الناجمة عن الحمية، مع نقص في جودة الحياة. وعلى خلاف الماضي حين كان التشخيص المرضي يتميز بالبطء والتأخير، وبعد ظهور مضاعفات المرض وانتفاخ البطن، أصبح التشخيص مبكرا ممكنا بفضل فحص بيولوجي بسيط . ويعرف المرض الجوفي بالحساسية من الغلوتين، وهو بروتين يوجد في القمح والشعير، ينجم عنه عدم القدرة على امتصاص العناصر الغذائية، مع تلف والتهاب للبطانة المعوية للشخص المصاب، عند تناول الأطعمة التي تحتوي على هذا البروتين. وتبين الإحصائيات الدولية أن تفشي المرض يقارب 0.5 إلى 1 في المئة من الساكنة، ويصيب الأطفال والكبار، كما يصيب بنسبة أكبر الأشخاص المصابين بمرض السكري و أمراض الغدة الدرقية ومتلازمة داون. يشبه المتخصصون في بلادنا مرض السلياك بجبل الجليد، على اعتبار أن واحدا من المرضى المصابين على عشرة يعرف أنه مصاب بالمرض، مما يشكل تحديا كبيرا للمنظومة الصحية في بلادنا، ويتطلب مجهودا جبارا من الجمعيات المختصة، المؤسسات التربوية، وسائل الإعلام... وغيرها في مجال التربية العلاجية والتثقيف والمصاحبة. من جهة أخرى يعتبر الإسهال المزمن من الأعراض السريرية التي يجب أن تلفت انتباه الطبيب المعالج للمرض الجوفي، بالإضافة إلى الأعراض الأخرى المتمثلة في ألام البطن، فقدان الوزن، فقدان الشهية، انتفاخ البطن وفقر الدم، كما يمكن أن يشخّص المرض عند المرأة بعد إجهاض متكرر أو عقم. ويعرف معدل تفشي المرض في أقاليمنا الجنوبية ارتفاعا مقارنة مع المعدلات المسجلة في الأقاليم الأخرى، وذلك بسبب عوامل بيئية وراثية مع تغير في الأنظمة الغذائية. ويعتمد التشخيص المرضي على تحليل بيولوجي في الدم على أضداد ناقلة «الكليتاميناز»، والفحص بالمنظار للأمعاء الدقيقة، مع أخذ خزعة للفحص المجهري، في حين يتمثل العلاج في تجنب المريض للمأكولات التي تحتوي على الغلوتين والتي توجد في القمح والشعير، علما أن الغلوتين يعتبر مادة حافظة ونجدها في عدة منتجات مصنعة، مما يرهق المرضى في عملية البحث عن مواد غذائية خالية من من هذه المادة، وفي هذا الصدد، يجب التأكيد على أن الصناعة الغذائية في بلادنا يتعين أن تضمّن الغلاف الخارجي للمنتوج الغذائي خلوّه أو احتوائه على الغلوتين. ويعتبر التقيد الدقيق بالحمية الخالية من الغلوتين في بلادنا، أمرا صعبا ومرهقا، لعدم وجود برنامج وطني ضد مرض السلياك، وعدم تشجيع ودعم إنتاج الطحين العذائي الخالي من هذه المادة، وكذاك عدم تكوين الخبازين في تقنيات إنتاج الخبز بدون غلوتي.