"يريدُون أن يمْضوا إلى آخر نقطة... إلى حيز الضوء الأبيض. هناك توجدُ مدريد" يقولُ أحد الشبان المغاربة مازحاً وهو يلوِّح بيده إلى الضفة الأخرى من أمام الساحل المتوسطي "الهادئ"؛ قبل أن يُضيفَ: "في المغرب لا يوجد شيء، 80٪ من الشباب يقضون ساعات اليوم في المقاهي، ولا يكسبون المال، ولا يمكنهم الزواج... إنهم يريدون فقط مغادرة البلاد". في مقطع فيديو جديدٍ يظهرُ شباباً مغاربة يقفزون نحو قارب رسا غير بعيد عن اليابسة في منطقة سيدي قنقوش ضواحي طنجة، بعدما عرضَ عليهم أصحابُ القارب إن كانوا يرغبون في الهجرة إلى إسبانيا؛ فيما يوثق شريط آخر مدته 35 ثانية لحظة وصول هذا القارب إلى أحد الشواطئ المحاذية لمنطقة طريفة الإسبانية، ويظهرُ فيها "الحراكة" المغاربة بوجوهٍ مكشوفة يرددون كلمات شكر لأصحاب القارب ثم يقفزون إلى المياه. وتثير هذه الفيديوهات جدلاً واسعاً في الجارة الشمالية بكونها أصبحت تُحفز أكثر المغاربة على الهجرة صوب أوروبا، حيث بات يتمُّ تصوير أكثر اللحظات حميمية في مسار "المهاجر السري"، الذي لم يعد محفوفاً بالمخاطر وأصبح الوصول إلى "إلدورادو الأوروبي" أمراً ممكنا وسهلاً؛ ففي بعض المرات، يكون القارب محمولاً بأطفال صغار ونساء يلوحن بأيديهنَّ فرحاً بمغادرة المغرب. وتحذر الرابطة الموحدة للحرس المدني الإسباني من أن "عصابات المخدرات بمضيق جبل طارق أصبحت تنوع أنشطتها ومسؤولة أيضاً عن تقديم خدمات للباحثين عن الهجرة من السواحل المغربية"، موردة أن "هذا النشاط الجديد للمافيا بات حاضراً وأن الشباب المغاربة الذين صعدوا إلى القارب تم إنزالهم قبالة شاطئ "لوس لانسيس" في طريف. ووفقاً لشهادات مغاربة نقلتها وسائل إعلام إسبانية، "فإن الكثير من المغاربة يلجؤون إلى الهجرة بسبب ظروفهم المادية الخانقة؛ فالشباب الذين يكسبون 200 يورو فقط في الشهر لا يستطيعون الاندماج داخل المجتمع ولا يتزوجون وأغلبهم غادروا الجامعات بشواهد علمية، لكنهم لا يجدون عملاً يحميهم من براثن الفقر والفاقة". "لقد كنا نطالب، منذ فترة طويلة، بتنفيذ خطة شاملة ضد هذه العصابات. والجمع بين المقاربة الأمنية والعمل الجمعوي المدني، من خلال توفير الوسائل الضرورية والأمن في المنطقة المذكورة"، تقول الرابطة الحقوقية. وتؤكد الرابطة أن عصابات المخدرات دخلت في تحدٍّ جديد مع السلطات الإسبانية، وتقول "إن اقتحامهم مجال الهجرة غير الشرعية يدل فقط على حجم وإمكانات هذه العصابات، وكذلك الحاجة الملحة المتزايدة لمواجهتها بكل الوسائل المتاحة. وحذرت الهيئة الحقوقية ذاتها من عمل هذه الشبكات الإجرامية وحالة اليأس الكبيرة التي يعيشها المغاربة، حيث يمكن أن يصبحوا طعماً سهلاً في يد هذه الشبكات التي تنشط خلال هذه الفترة من السنة.