"أنتظر، لكن شيئا لم يحصل"، فبعد ثلاث سنوات على وصوله إلى برلين، ما زال الشاب العراقي زيد الأحمد لا يعرف هل يستطيع أم لا البقاء بصورة دائمة في ألمانيا ويحاول الاندماج في مواجهة إدارة غارقة بالملفات. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، يقول هذا الشاب بلغة ألمانية ممتازة مصبوغة بلكنة عربية: "إنه لأمر محزن، لا أتمكن من العيش بهدوء". يشكل زيد الأحمد (23 عاما) واحدا من مئات آلاف المهاجرين إلى ألمانيا والذين ما زالت ملفاتهم عالقة بعد سنتين أو ثلاث سنوات على وصولهم، وسط متاعب إدارة منهمكة منذ 4 سبتمبر 2015 حين قررت المستشارة الألمانية فتح حدود بلادها أمام طالبي اللجوء. وقد اختار هذا الشاب العراقي في يناير 2017 المحاكم للطعن في قرار مكتب الهجرات واللاجئين الذي رفض طلبه للجوء في ديسمبر 2016 كونه اضطر لتولي النظر في ملفات أكثر من مليون مهاجر في 2015 و2016. ومنذ ذلك الحين، ينتظر أن يبتّ القضاء في برلين في حالته. وتنهمك المحاكم الألمانية بعدد طلبات المهاجرين المرفوضين أو الذين حصلوا على تصريح إقامة محدودة لمدة سنة واحدة. وفي أواخر 2017، كان 372 ألف طلب في حالة انتظار للبتّ بها، أي أكثر بأربع مرات من 2016. ورفع 70 ألف ملف إضافي في الفصل الأول 2018، مما زاد كثيرا فترة البحث والتدقيق. وذكرت المحكمة الإدارية في برلين، في تقريرها السنوي الأخير، أن "حوالى ثلثي الإجراءات الجارية في المحكمة الإدارية يعنيان بقانون اللجوء". نوعية رديئة يشار دائما إلى النوعية الرديئة لبعض القرارات التي اتخذها مكتب الهجرات واللاجئين منذ تدفق اللاجئين في 2015. وبأسف، قالت فيليتس بولات، النائبة عن الخضر (معارضة): "تم التعاقد مع أشخاص لم يكونوا مؤهلين" للقيام بهذه المهمة الدقيقة، حيث يتعين لا أكثر ولا أقل تحديد مصير أشخاص. وأضافت هذه النائبة المتخصصة بمسائل الاندماج: "من وجهة نظر نوعية، كان بعض قرارات مكتب الهجرات واللاجئين سيئا". والنتيجة أن أكثر من نصف (65،5%) قرارات مكتب الهجرات واللاجئين حمل على اللجوء إلى القضاء في الفصل الأول من 2018. وفي انتظار أن ينكب القضاء على ملفاتهم، سمح بصورة مؤقتة للمهاجرين بالبقاء في ألمانيا. وقال زيد الأحمد: "كل ثلاثة أو ستة أشهر، يتعين عليّ تجديد الإذن بالإقامة". وغالبا ما تكشف حياته اليومية عن عقبات وقيود على صعيد تأمين مسكن أو الوصول إلى سوق العمل. إذن إقامة وهو يتقاسم غرفة تقل عن 20 مترا مربعا مع اثنين آخرين من اللاجئين في منزل، مع مطبخ مشترك في الطابق العلوي. ولا يأمل زيد الأحمد في العثور على شقة طالما لم يحصل على إذن بالإقامة للمدى البعيد. وقال: "يجب تبرير إذن بالإقامة فترة سنة على الأقل للحصول على الأوراق التي يطلبها المانحون". ويحلم هذا الشاب، المولع بكرة القدم ويقلد في تسريحته المصري محمد صلاح، بالانضمام إلى تدريب مقدمي الرعاية؛ وهي وظيفة واعدة في ألمانيا التي يزداد فيها عدد المسنين وتفتقر إلى اليد العاملة في هذا المجال. ومنذ وصوله، وعلى الرغم من القلق المتعلق بمستقبله، داوم على صف لاستقبال اللاجئين في ثانوية وحاول الحصول على مقابل مدرسي من شأنه أن يفتح له أبواب التعلم، والعمل في الوقت نفسه خلال الليل في مقهى. وقد وجد حوالى 290 ألف لاجئ حتى الآن وظائف، كما تفيد إحصاءات وكالة العمل، وتراجع عدد الذين ما زالوا منهم يتلقون مساعدات من الدولة بنسبة 36% بين 2016 و2017. وأضاف زيد الأحمد، الذي يحمل على جسمه آثار هجوم استهدف متجر العائلة في بلاده: "عندما وصلت إلى ألمانيا، لم تكن لدي أدنى فكرة عما ينتظرني، وما كان يهمني هو أن أهرب من العراق". وخلص إلى القول مبتسما: "لكني أعرف، اليوم، أن مستقبلي هنا". * أ.ف.ب