مع استمرار تدفّق المهاجرين غير النظاميين على المغرب، والضغوط التي يمارسها الاتحاد الأوروبي على المملكة، من أجل الحد من أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين يحاولون بلوغ الضفة الشمالية للأطلسي، عادت اتفاقية جرى توقيعها عام 1992 بين المغرب وإسبانيا، وتتعلق بالهجرة، لتطفو على السطح، لعدم انسجامها مع السياسة الجديدة للمملكة في معالجة ملف الهجرة. ويلتزم المغرب، بمُوجب الاتفاقية سالفة الذكر، باستقبال المهاجرين غير النظاميين الذين تطردهم إسبانيا من أراضيها، سواء كانوا مغاربة أو قادمين من دول أخرى ومرّوا في اتجاه الجارة الشمالية عبر التراب المغربي؛ وهو إجراء يرى حقوقيون أنه لا يتلاءم مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية والأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان. محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، والذي سبق أن وجّه رسالة إلى الحكومة يطالبها فيها بإلغاء الاتفاقية الموقعة مع إسبانيا، قال، في تصريح لهسبريس، إن الاتفاقية سالفة الذكر ليست في صالح المهاجرين؛ لأنها لا تحترم حقوقهم. كما أن الاتفاقية ليست في صالح المغرب، لكونها تُلزمه بفتح أبوابه أمام المهاجرين المطرودين من إسبانيا، وبالتالي تحمّل عبئهم لوحده. وتنص المادة الأولى من الاتفاقية التي جرى توقيعها بالعاصمة الإسبانية مدريد، والمنشورة في الجريدة الرسمية عدد 6214 الصادرة بتاريخ 19 دجنبر 2013، على "أن تقوم سلطات الحدود للدولة المطلوب منها، بناء على طلب رسمي لسلطات الحدود للدولة الطالبة، بإعادة قبول رعايا دول أخرى دخلوا بصفة غير قانونية فوق ترابها والقادمين من الدولة المطلوب منها". وبمُقتضى هذه المادة، فإنّ المغرب ليس ملزما فقط بقبول المهاجرين السريّين من جنسية مغربية، الذين يتسللون إلى الجارة الشمالية للملكة، بل مُلزم بقبول جميع المهاجرين المنطلقين من الأراضي المغربية في اتجاه إسبانيا، أيا كانت جنسيتهم. ويرى محمد بنعيسى أن المغرب مطالب بإلغاء هذه الاتفاقية، "لكونها لا تحمي حقوق المهاجرين، ولا تخدم مصالح المغرب". انتهاك حقوق المهاجرين العابرين من المغرب إلى إسبانيا لا تنتهي فقط عند حدود قبول المغرب باستقبالهم بعد طردهم من إسبانيا، بل تستمر بترحيلهم من المغرب إلى بلدهم الأصلي، أو إلى البلد الذي انطلقت منه رحلتهم في اتجاه المغرب، إذا لم يكن لهم الحق في البقاء فوق ترابه، حسب ما تنص عليه المادة الخامسة من اتفاق تنقل الأشخاص والعبور وإعادة قبول الأجانب الذين دخلوا بصفة غير قانونية. وقال رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، في الرسالة التي وجهها إلى الحكومة لإلغاء الاتفاق المبرم بين المغرب وإسبانيا، إن إجراءات ترحيل المهاجرين من إسبانيا إلى المغرب تتم دون احترام ما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية والأوروبية الخاصة بحقوق الإنسان والمهاجرين؛ ومنها أن قرار العودة يصدر من المحاكم الإسبانية، دون أن يملك المهاجرون حق الطعن في هذه القرارات. من جهة ثانية، يطرح اتفاق تنقل الأشخاص والعبور وإعادة قبول الأجانب الموقع بين المغرب وإسبانيا إشكالا يتمثل في تعارضه مع قانون الهجرة رقم 02-03 الذي وضعه المغرب، والذي تنص المادة ال42 منه على أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى 6 أشهر، وبغرامة مالية من 2000 إلى 20000 درهم كل شخص يقيم في المغرب بطريقة غير قانونية؛ وهو ما يعني أن المهاجرين الذين يتم طردهم من إسبانيا نحو المغرب مهدّدون بأن تطبّق عليهم العقوبة التي تنص عليها المادة ال42 من قانون الهجرة المغربي. وكانت إسبانيا أعلنت، أمس الخميس، عن إعادة 116 مهاجرا سريا إلى المغرب، بعد أن اقتحموا السياج الحدودي الفاصل بين مدينتي الفنيدق وسبتة المحتلة.