تعيش مدينة مشرع بلقصيري على إيقاع مشاكل كبيرة تؤرق الساكنة في مجالات الصحة والتشغيل؛ فالوضع الصحي "كارثي" ولا يوفر الحاجيات الضرورية في التطبيب، كما أن مشكل البطالة وضعف فرص الشغل يقف أمام شباب المدينة الذين بدأ اليأس يدب في أوصالهم، ويلوح الكثير منهم بالهجرة. مشرع بلقصيري، المدينة التي تفصل غرب المغرب عن شماله، قسم القطار، الذي يقطعها من الوسط، أحياءها غير المجهزة ببنى تحتية في المستوى، في ظل غياب سياسة واضحة ترسم معالم هذه الحاضرة، التي تلاحقها مشاكل عديدة. "الكل في المقاهي..الشباب يعانون في هذه المدينة..لا توجد فرص عمل..مع حلول العيد وبعده الدخول المدرسي "الناس واقفة""، يقول أحد شباب المدينة، ويضيف آخر: "يجب توفير فرص العمل في هذه المدينة لمحاربة البطالة لدى الشباب، خصوصا أننا في منطقة فلاحية..يجب استثمار هذا المعطى لخدمة أبناء هذه المنطقة". وتعاني مدينة مشرع بلقصيري، حسب تصريحات مجموعة من شبابها، من ركود اقتصادي كبير، في ظل ضعف الاستثمار، إذ يوجد معمل وحيد لقصب السكر، يعتبره الكثيرون يؤذي المدينة أكثر مما يخدمها، نتيجة التلوث الذي يتسبب فيه، كما أنه يفتح فرص التشغيل أمام القادمين من مدن أخرى، ويهمش أبناء المنطقة، حسب ما رددته ألسن هؤلاء. هذا المصنع الذي يستقبل القادمين إلى المدينة في مدخلها تعاني معه الساكنة منذ الثمانينيات من مشكل "الباكاص"، وهو رماد أسود ينبعث من فوهات المعمل، ويتسبب في مشاكل في التنفس والربو والحساسية، في حين لم تحرك نداءات الساكنة المتكررة المسؤولين لتجاوز الإشكال. "منذ سنوات ونحن نعاني مع مشكل "الباكاص"، خصوصا في المرحلة التي يتم فيها طحن الشمندر، إلى درجة أنك إن سافرت وتركت نوافذ البيت مفتوحة ستجده ملوثا بالباكاص، الذي نطالب إدارته وسلطات المدينة بإيجاد حلول توقف إزعاجه"، يقول شاب قاطن بمدينة بلقصيري. ويضيف شاب آخر من أبناء المدينة أن "الباكاص" يؤثر بشكل كبير في الحياة اليومية لساكني المدينة، مردفا: "تتمشى في الطريق حتى يتسرب إلى عينيك، ونجده على الملابس بعد غسلها". وتقول الطبيبة مليكة غوش، في تصريح لهسبريس، إن "مشكل الباكاص في المدينة يتسبب في الحساسية، ويعمق مشاكل المصابين بالربو، وهو مشكل كبير يؤرق الساكنة كل عام"، وزادت: "تتكرر كل سنة الوعود بإيجاد حلول لتصريف تلك المخلفات بطريقة سليمة، لكننا إلى اليوم لم نشهد أي إجراء". وإلى جانب المشاكل الصحية التي يواجهها سكان بلقصيري بسبب "الباكاص"، شبح آخر يؤرقهم، يتمثل في ضعف القطاع الصحي، بسبب غياب الأطر الطبية الكافية، وضعف الخدمات بالمستشفى المحلي للمدينة التي يبلغ عدد سكانها أزيد من 40 ألف نسمة. من أمام المستشفى، ذي الأبواب المغلقة، يقول أحد المواطنين: "الخدمات الطبية بهذا المستشفى منعدمة، قسم الولادة لا يتوفر على سيارات إسعاف وطبيب مداوم..". مواطن آخر يصرح وعلامات التأثر بادية على محياه: "المستشفى فارغ، لا طبيب ولا ممرضين..قبل سنتين فقدت طفلين في هذا المستشفى، ولم أحصل حتى على نتائج التشريح الطبي لمعرفة أسباب الوفاة التي كانت مجهولة".