في التقرير السنوي لبنك المغرب حول الوضع الاقتصادي والمالي بالبلد، والذي قدمه والي البنك، عبد اللطيف الجواهري، أمام الملك في مدينة الحسيمة، ورد معطى يتكرر في التقرير كل سنة، وهو أن الاقتصاد الوطني لا يوفّر ما يكفي من فرص الشغل لتقليص نسبة البطالة. وسجل التقرير السنوي للبنك المركزي أن الاقتصاد الوطني سجّل نموا خلال السنة الفارطة، بنسبة 4.1 في المائة. ومكّن تحسّن نسبة النمو من خلق عدد مهم من مناصب الشغل، لكن المناصب الموفّرة لم تلبّ حاجيات الباحثين عن العمل، ما انعكس سلبا على نسبة البطالة. المعطيات الواردة في تقرير بنك المغرب تسائل المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل، الذي تقول الحكومة إنه سيخلق مليونا ومائتي ألف منصب شغل في أفق سنة 2021، وهو ما يعتبره خبراء الشأن الاقتصادي أمرا مستحيل التحقق، إذا ظلت نسبة النمو على حالها. واستبعد محمد صلوح، الباحث المتخصص في الاقتصاد، احتمال نجاح الحكومة في خلق عدد مناصب الشغل الذي وعدت به، قائلا: "الاقتصاد الوطني يحتاج على الأقل نسبة نمو سنوية لا تقل عن 6% من أجل القدرة على خلق ما يكفي من مناصب الشغل للساكنة النشيطة التي تنضاف كل سنة إلى ما هو موجود أصلا". وحسب أرقام المندوبية السامية للتخطيط فإن الاقتصاد الوطني لم يتمكن خلال الفترة ما بين 2016 و2017 من خلق سوى 84 ألف منصب شغل، أي أقل من ثلث عدد مناصب الشغل التي تعد الحكومة بخلقها، سنويا، في غضون السنة الحالية والسنوات الثلاث القادمة، ضمن المخطط الوطني للنهوض بالتشغيل. وقال محمد صلوح إن الحكومة لم تتمكن حتى من رفع نسبة النمو إلى نسبة تتراوح ما بين 4.5 و5.5 في المائة، كما وعدت بذلك في برنامجها الحكومي، مضيفا: "لا يمكن أن نخلق مناصب الشغل بقرار وزاري أو نص تشريعي. مناصب الشغل يخلقها الاستثمار العمومي والخاص عندما يتم في القطاعات المشغلة". واعتبر صلوح أن حديث الملك في خطبه الأخيرة عن ضرورة التسريع في البت في قرارات الاستثمار وضرورة تجاوب الإدارة مع المستثمرين دليل على أن حل كثير من المشاكل يمر عبر الاستثمار وخلق مناصب شغل جديدة قادرة على تحسين الوضعية الاجتماعية للأسر وتخفيض نسب بطالة الشباب. وذهب المتحدث ذاته إلى القول إن توفير مليون ومائتي ألف منصب شغل هدف لا يمكن تحقيقه في ظل ضعف نجاعة الاستثمار العمومي وتراجع الاستثمار الخاص والأجنبي الموجه إلى المغرب في ظل غياب إجراءات حكومية محفزة، ما يجعل إصدار ميثاق جديد للاستثمار أمرا في غاية الأهمية، على حد تعبيره.