غادَرتْ آخرُ الأساطيل الأوروبيّة المياه المغربية، بعد انتهاء مدة العقد الجامع بين الرباط والاتحاد الأوروبي، لكن الأوْساط الرسمية في بروكسيل مازالتْ تبْحثُ بدْءَ مفاوضات جديدة تبدّدُ بها الشُّكوك التي أثْخَنَت الأوروبيين مُؤخراً؛ فقد أفادت مصادر إسبانية بأن "مناقشات تجري حاليا في العاصمة البلجيكية، وستُستأنف الأسبوع المقبل"، مضيفة أن "الطرفين متفائلان". وفي وقت يلتزم فيه المفاوضون الرَّسميون المغاربة والأوروبيون الصمت حيال سيْر المُفاوضات التي جرت منذ أبريل الماضي بين الرباطوبروكسيل، أوردت مصادر مقربة من الملف، نقلاً عن وكالة "إيفي" الاسبانية، أن "الأوروبيين والمغاربة مقبلون على جولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من المرتقب أن تنطلق ابتداء من الأسبوع المقبل"، موردة أن "التفاؤل يسود الطرفين من أجل توقيع اتفاق جديد". وتعطَّلَت عجلةُ المفاوضات في المرحلة الثالثة من المسلسل التفاوضي التي همّت مناقشة الشق التقني بعدما ظل المغرب متمسكا بمطلب الرفع من القيمة المالية لأي اتفاق جديد محتمل، لكنَّ الشق السياسي كان له أيضاً تأثير كبير في تقدم المشاورات؛ إذ يتشبثُ المغرب بسيادته على مياه الصحراء، مُعلناً أنه "لا يمكن توقيع أي اتفاق خارج هذا النطاق". وفي هذا السياق، ذكر موقع "كنال سير" الإسباني أن الجزء السياسي كان هو الأكثر تعقيدا خلال المفاوضات التي انطلقت خلال شهر أبريل الماضي، وتمثلت العقبة الأهم في قرار محكمة العدل الأوروبية الصادر في 27 فبراير الماضي، الذي يستثني مياه الصحراء من الاتفاق، وهو ما يرفضه المغرب، ويعتبر السيادة على مياه الإقليم المتنازع عليه خطا أحمر. وسبق لمسؤولين إسبان أن أشاروا إلى أن المغرب طلب تعويضات مالية تصل إلى 80 مليون يورو سنويا، علما أن المملكة كانت تحصل على 40 مليون يورو سنويا بموجب اتفاق سنة 2014. وحذَّر رئيس الاتحاد الأندلسي لرابطات الصيادين، مانويل فرنانديز، في تصريح لوكالة الأنباء الإسبانية "إيفي"، من مغبة فشل تجديد الاتفاق، وقال إن هذا الأمر "سيزيدُ الضغط على خليج قادس، لأن القوارب الإسبانية التي ستغادر المياه المغربية ستضطر للصيد بالمنطقة إلى حين التوصل إلى اتفاق جديد". وتابع أن السفن التي تعمل في المغرب "لديها تراخيص مزدوجة تمكنها من الصيد في مياه خليج قادس ومياه دولة أخرى"، وأوضح أن السفن التي ستكون معنية بمغادرة المياه المغربية يبلغ عددها 90 سفينة، وسيعود معظمها إلى العمل في المياه الإسبانية، وأكد أن المساعدات التي وعدت الحكومة الإسبانية بتقديمها للسفن المتضررة قد تستغرق أكثر من أربعة أشهر لإخراجها إلى أرض الوجود. ووفقًا لأرقام الاتحاد الإسباني للصيد البحري، فقد استفاد قطاع الصيد الإسباني من 49 ترخيصًا (35 قاربًا أندلسيًا و10 قوارب كنارية، و4 قوارب غاليسية) في عام 2018، تضم 534 من أفراد الطاقم، 107 منهم من المغاربة. وأبرز محمد ناجي، باحث مغربي مختص في الصيد البحري، أن نهاية اتفاقية الصيد سيكون لها أثر سلبي على الأسطول الأندلسي، في حين لن تتسبب في خسائر كبيرة للجانب المغربي.