يبدو أن مطالب العديد من المسؤولين الأوروبيين بخصوص تسريع سريان اتفاق الصيد البحري قبيل الصيف المقبل ستواجه قليلا من الانتظار القسري، بسبب عطلة البرلمانيين التي تمتد إلى غاية شهر أبريل، فضلا عن الإجراءات الدستورية التي تقتضيها المصادقة على اتفاقية استمر النقاش الأوروبي بمختلف مؤسساته حولها ما يقارب سنة كاملة. وإن كانت التعليقات تستصغر دور المصادقة المغربية، مقارنة بالاعتراف الأوروبي، خصوصا بعد استحسان البرلمان المحلي لمبادرة نظيره الأوروبي، فالأمر سيدفع بالمغرب إلى عقد دورة استثنائية في الغالب من أجل تسريع عملية الاعتماد، أمام تصاعد خطاب الحكومة الإسبانية، التي تشدد على دخول المياه المغربية قبيل الصيف المقبل. ولجأت الحكومة الإسبانية، طيلة فترة التوقف، إلى المساعدات المباشرة عقب الاحتجاجات التي اجتاحت الموانئ الإسبانية، من أجل إعادة الدفء إلى الأنشطة البحرية الإسبانية في المغرب، خصوصا أن الأخير يمتص بطالة ما يقارب 35 قاربًا أندلسيًا و10 قوارب كنارية، و4 قوارب غاليسية، ويبلغ عدد المشتغلين بها 534، 107 منهم من المغاربة؛ وذلك حسب إحصائيات سنة 2018. وفي السياق، أكد الباحث في العلاقات الدولية كريم عايش أن "الدوائر الرسمية استبشرتْ خيرا بالاتفاق الفلاحي الجديد بين المغرب والاتحاد الأوروبي، الذي كانت أهم نقطة فيه تضمينه الأقاليم الجنوبية، والتي تعتبرها المملكة نقطة محورية في أي اتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف، وذلك احتراما لمبدأ سيادة البلد ووحدة أراضيه؛ وهو ما جعل الاتفاق نصرا دبلوماسيا أكثر منه اقتصاديا". وزادَ عايش: "على طول المفاوضات، والتي كانت شاقة ومفعمة بالكثير من النوايا الحسنة والإرادة المغربية في تجنب تدخل جزائري - انفصالي في المسألة، بسبب تحرك اللوبي الانفصالي بتسهيلات دبلوماسية جزائرية، وإظهار الكثير من المرونة والشفافية في التعاطي مع بنود الاتفاق، خاصة في شقها المرتبط باستفادة الساكنة المحلية مباشرة من عائداته، وهو أمر يكرس بعض التدخل الأوروبي في مسألة تدبير الموارد وتخطيط البرامج الاقتصادية المحلية في مجال سيادي خاص domaine réservé كما هو متعارف عليه في القانون الدولي". ويستشرف الأستاذ الباحث في تصريحه "غياب النقاش الدقيق والممحص تحت قبة البرلمان، التي ستعمل على تمرير الاتفاق للمصادقة دونما مشاكل انطلاقا من قاعدة تحصيل حاصل، وتفاديا لإعادته إلى دواليب هياكل الاتحاد الأوروبي وإعادة كل الميكانيزمات المعادية للاشتغال من جديد، لضربه وتعطيله، وبالتالي تفويت هذا التقدم الدبلوماسي، الذي يعد مفيدا جدا في جوهره للمغرب ليثبت مكانه كشريك إستراتيجي ويحقق وضعه المتقدم مع الاتحاد الأوروبي، في أفق إحياء مشروع الراحل الحسن الثاني بضم المغرب إلى الاتحاد".