"خنتُه وأخونه وسأظل أخونه"، بإصرار ودون خجل تردد علياء، الشابة ذات ال34 ربيعا، وهي زوجة وأم لأربعة أطفال، هذه العبارة، وتروي لنا تفاصيل صادمة عن حقيقة نقضها لعهد رباط وثيق قدّسه الدين قبل المجتمع. بملامح جميلة، وشعر أسود بقصة دارجة على الموضة وسحنة بيضاء أخَاذة، تبدو علياء وهي مقبلة لتلتحق بنا. جلست بخيلاء لا تبدو عليها ملامح الندم أو الخجل مما تقول؛ فنبرة صوتها الثابتة تتحدى كل الأعراف والقيم الأخلاقية. تقول علياء إنها تزوجت عن حب في سن مبكرة لم تتجاوز العشرين، كان زوجها حينذاك فارس أحلامها الذي لطالما تمنته. توقعت أن تكون حياتهما الزوجية جنة بمشاعر وردية، لتصدم بعد مرور شهرين فقط بقساوة وبرودة هذه العلاقة. تحتج علياء قائلة: "هل ترتجين الخير في علاقة مبنية على الحرمان المادي قبل العاطفي؟". تشعل سيجارتها وترتشفها بتلذذ، وتكمل الحديث: "كنت أظن أن الحياة الزوجية تنبني على احترام الزوج وطاعته، وأن كل تصرفاته تجاهي ليست إلا لصالحنا العام، بناء على نصائح قدمتها لي عائلتي قبل موعد الزواج. لهذا، كنت أغض الطرف عن ممارساته الفضَة؛ فمنذ أيامنا الأولى التي من المفروض أن تكون مليئة بمشاعر الود والحب والاحترام لم أر غير الاستعباد وجفاء المعاملة". تسترجع علياء ذكرياتها الأليمة مسترسلة الحديث: "تحملت كل العناء؛ لأن عائلتي منعتني من الطلاق، خصوصا أنني أنحدر من وسط محافظ. مرت السنون وأنجبت أربعة أطفال، وكنت حينها ألزم منزلي طوال اليوم؛ حتى أسرتي منعني من زيارتها إلا مرة كل ستة أشهر أو سنة بدعوى أن مصاريف السفر تكلفه كثيرا". وتواصل الشابة ذات ال34 ربيعا: "غرمت بأحد الرجال الذي تعرفت عليه في أحد المطاعم وأنا جالسة رفقة صديقاتي اللواتي شجعنني للخروج من هذه الدوامة المظلمة، تنصلت من شخصية خجولة ضعيفة لم تجلب لي غير الخزي والمذلة لأعيش بعدها بشخصيتين مركبتين لا تتشابهين في شيء، لتبدأ هنا مغامراتي الجنسية مع كل من صادفتهم في طريقي دون أن أعبأ بتقاليد وأعراف دمرت حياتي، يكفيني ما عانيته وما تحملته، تبا لكل تلك الخزعبلات؛ لكن أخشى دائما انكشاف أمري وتعرضي للمساءلة القانونية". أقديم: التلبس سيد الأدلة وفي إضاءة قانونية، يقول الأستاذ محمد أقديم، محام بهيئة الرباط، إن الزوجة الخائنة إن ضبطت في حالة تلبس تقضي عقوبة سجنية حسب السلطة التقديرية للمحكمة، وإن تنازل زوجها فهي تعفى من المساءلة القانونية. ويشرح أقديم أن المشرع المغربي أعطى ضمانات في هذا الفصل من قبيل التلبس، أي ضبط الفاعلين وهما يمارسان الخيانة، أو توفر مكاتب أو أوراق عن الشخص المعني بالأمر تثبت ضلوعه في فعل الخيانة والفساد، أو اعتراف صريح أمام المحكمة، تفاديا لأي ظلم يمكن أن يطال المتهمين. وأضاف المحامي بهيئة الرباط أن المحادثات عبر مواقع التواصل الاجتماعي دلائل يعتد بها إن تضمنت عبارات واضحة وصريحة تفيد ارتكاب فعل الخيانة، ما عدا إن شكك المعني بالأمر في صحتها أو اعتبر أنها غير صادرة عنه، في هذه الحالة للمحكمة السلطة التقديرية التي تراعي ظروف الأطراف، فتتراوح العقوبة بين 6 أشهر (حبسا نافذا أو موقوف التنفيذ) وسنة أو سنتين، فالظروف المخففة منصوص عليها في القانون الجنائي، مثلا الظروف العينية والشخصية للمشتبه به تؤخذ بعين الاعتبار ليمكن للقاضي أن ينزل على الحد الأدنى، فإن تبين له أن الجاني أو الفاعل يستحق تلك الظروف يقضي بعقوبة مخففة حسب أحوال كل قضية على حدة، فليست كل القضايا متشابهة. شهادة أخرى لزوجة أخرى اعتادت حياة الملاهي وسمر الخلان، تقول نورا: "أنا كنت خليلة زوجي، كان يعرف قصتي جيدا، قبِل الزواج بي بالرغم من مساوئي وأقدر له هذه التضحية، إلا أنه يهملني وأنا لا أتحمل، فأستمتع بالسهر خارجا لوحدي أو مع أحد معارفي. صراحة لا أقوى على التخلص من هذه العادة، أتمنى من كل قلبي أن أشفى منها، فالمسألة تؤرقني وأحس بالذنب حيال أبنائي وزوجي". شباش: "حتى مش ما كيهرب من دار العرس" في تعليقها على الظاهرة، تقول الدكتورة أمال شباش، المتخصصة في العلاج النفسي والجنسي، إن ظاهرة خيانة الزوجات لم تكن تطرح للنقاش أبدا قبل 18 سنة (مدة تجربتها المهنية) من الآن؛ فالأمر كان طابوها محرما، لكن هذا لا يعني أبدا أن الظاهرة حديثة العهد. وتضيف شباش: "اليوم ولمجموعة من العوامل: الانفتاح التكنولوجي، وسائل الإعلام... باتت خيانة الزوجات متفشية أكثر وتستفحل شيئا فشيئا؛ وهو ما يستدعي طرحها بجدية لمحاولة وضع الأصبع على الداء ومحاربتها". وانطلاقا من تجربتها في مجال العلاج النفسي والجنسي لأزيد من 18 سنة، تعاين الدكتورة شباش نساء أصبحن اليوم قادرات على المواجهة والاعتراف بذنبهن بغية العلاج. نساء استجبن لنداء عشق جارف عوضهن عن كل ما فقدن في علاقتهن مع أزواجهن. تقول الدكتورة: "لكل واحدة منهن عالمها الخاص وظروفها التي جعلتها تقدم على مثل هذه الممارسات، وإن الحكم عليهن ووسمهن بالعار ظلم في حقهن؛ فنحن لسنا مطلعين على ظروف وملابسات مطبخهن الداخلي. لهذا علينا التريث ومساعدتهن ليتجاوزن محنتهن". تشرح شباش الأسباب التي تدفع بهن إلى الارتماء في أحضان حبيب أو شريك في المستور، قائلة: "عادة يعزى الأمر إلى تهميش تحس به الزوجة من قِبل زوجها؛ فلا هو مهتم بوجودها ولا هو يحسسها بأنوثتها ويجاملها بين الفينة والأخرى، ولا هو يعرف ما تحتاجه هذه المرأة...". واعتبرت الاخصائية ذاتها أن "هذه العوامل تعد من بين الأكثر انتشارا المستند عليها لتبرير فعل الخيانة، إلا أن ما خفي كان أعظم، فقد نجد في مرات عديدة حالات - قد سبق أن عاينتها في عيادتي- أدمنَ الخيانة وهن غير واعيات بذلك، وهذا يرجع إلى اضطراب نفسي في شخصيتهن، حيث يغيب وعيهن حين يقترفن هذا الفعل، كذلك هناك حالات يعانين من اضطراب يسمى الإدمان الجنسي، ويكون نتيجة تعرضهن في الصغر إلى نوع من الاستغلال الجنسي المفرط؛ وهو ما يجعلهن يبحثن عن تلك الجرعة لتهدئتهن حتى وإن كانت خارج الإطار الشرعي". وأشارت شباش إلى نوع آخر من النساء الخائنات لأزواجهن، وهن "النساء اللواتي يستخدمن الجنس كوسيلة للانتقام من أنفسهن ومن الزوج، هذه الحالات أنصحهن بضرورة زيارة طبيب مختص ليتخلصن من هذا الاضطراب الذي قد يدمر حياتهن إن فات الأوان". وأبرزت الطبيبة المختصة في العلاج النفسي والجنسي أن الخيانة لا تقتصر فقط على الممارسة الفعلية للجنس، عكس ما يقره المشرع؛ ف"الخيانة الروحية والعاطفية تعتبر خيانة للشريك، فحين تفشي الزوجة أسرار علاقتها الحميمة مع زوجها لشخص غريب تعد خيانة. كما أن المحادثات عبر تطبيقات التواصل الاجتماعي تندرج أيضا في خانة الخيانة الزوجية؛ لكن وبحكم تمثلاتنا الاجتماعية أن الخيانة مرتبطة بالفعل الجنسي نحصرها في هذا الجانب فحسب". وعن استمرار النساء في ارتكاب فعل الخيانة، بالرغم من إدراك خطورة أفعالهن، تقول الدكتورة أمال إن "سيكولوجية المرأة تجعلها ترتبط لا شعوريا بالرجل الذي تمارس معه الجنس، لتصبح غير قادرة على فراقه. وهنا تبدأ المعاناة الحقيقة، لتبدأ دوامة تأنيب الضمير والإحساس بالذنب حيال زوجها وأطفالها، كذلك هناك من تجد في هذه العلاقات نوعا من إثبات الذات؛ وهو ما يجعلها تعتبر هذه العلاقات وهذه الممارسات شرا لا بد منه، إلا أن الإحساس بالذنب دائما يسيطر على تفكيرها حتى وإن تعايشت مع هذه الخيانة، لأن الوازع الديني والأخلاقي يظل حاضرا عندها، لما تلقته من تربية في مجتمع عربي إسلامي". ونصحت الدكتورة شباش، في ختام حديثها، الشابات والنساء ب"أن يكن أكثر واقعية وأن يتجاوزن مرحلة الصبا الروحية التي تجعلهن يحلمن بفارس أحلام مثالي، فهذا غير موجود على أرض الواقع أبدا"، معتبرة أن "الرجال اليوم أصبحوا يجيدون إسقاط الأنثى في شباكهم بالكلام المعسول والقصص الوردية التي ينسجونها لأجل أن يستغلوا ضعفهن وظروفهن ويسقطوهن في شباك الممنوع"، مؤكدة أن "رعاية الزوج لأسرته وزوجته سر من أسرار تفادي هذه المعضلة؛ فحتى مش ما كيهرب من دار العرس"، بتعبير الطبيبة المختصة في العلاج النفسي والجنسي. * صحافية متدربة