نظم أعضاء المكتب الإداري للجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة «مابا»، وعدد من المنخرطين، لقاء أطرته الدكتورة أمل شباش، اختصاصية في العلاج النفسي والجنسي، حول موضوع «كيف يقاوم الأزواج الذين يعيشون صعوبات في الانجاب مشاعر الذنب»، وتميز هذا اللقاء بحضور عدد من الأزواج صحبة زوجاتهم، لأول مرة في المغرب، في لقاء مفتوح للتعبير عما يدور في القلب والخاطر، ومشاعر الاكتئاب، والقلق المستمر والخوف من الاستبعاد الأسري والاجتماعي، واضطرار البعض إلى العزلة والوحدة خوفا من وصم المجتمع. مناسبة أفصح خلالها الحاضرون عن مشاعر الخوف التي تصاحب عدم القدرة على الإنجاب، ومنها القلق من تعرض العلاقة الزوجية إلى الهدم، والتعرض للهجر أو التخلي، سواء من الزوجة أو الزوج، بسبب ثقل الضغوطات الممارسة على الزوجين. وساهمت تجربة الدكتورة «أمال شباش» في إدارة النقاش، وخلق أجواء أسرية، حفزت الأزواج الذكور على التعبير عن دواخلهم ومشاعرهم الدفينة، والبوح بجروحهم، والكشف عن آلامهم، والتعبير عن انتظاراتهم وآمالهم. في لحظات مختلفة من هذا اللقاء، اختلطت الابتسامة بالدموع، وتحول التحفظ من الحديث حول الموضوع إلى طلاقة في اللسان ورباطة جأش لوصف المشاعر وسعي نحو الحلول. وتسلحت النساء بالهمة في الحديث عن تجربتهن المريرة في عدم الشعور بأمومتهن وأنوثتهن، وضعفهن أمام الكلمات والمواقف المحرجة لخصوبتهن في اللقاءات والتجمعات العائلية. ومن بين اللحظات القوية، مبادرة زوج إلى الحديث عن تجربته مع صعوبات الإنجاب، بسبب عدم توفره على المادة الأولية لتحقيق الإخصاب والإنجاب، المعروفة في الوسط الطبي ب Azoospermie ، متحدثا ، بحضور زوجته، عن مرور 15 سنة من الزواج..من الانتظار، ومن الأمل، حيث وبمجرد انتهاء مداخلته قوبل بتصفيقات حارة مشجعة من قبل الحاضرين، اعترافا بشجاعته وجرأته على الحديث عن تجربته أمام أزواج آخرين، لا تجمعه بهم سوى وحدة الموضوع وهي «العيش من دون أطفال». كما جاء الاعتراف الأكبر من زوج آخر، قال إنه كان يعتقد نفسه شجاعا في الدفاع عن زوجته التي تحمل مسببات صعوبة الإنجاب، أمام أفراد عائلته، وبقوته في صد أي «تسديدة» توجه إليها من المجتمع، في محاولة لإقناعه بالطلاق منها والزواج من امرأة أخرى تحمل صفة «الولُود» . سيدة أخرى، فكانت شهادتها أيضا قوية ومؤثرة، والتي لخصت العديد من مراحل مرورها بتجربة الطلاق، نتيجة ما تعانيه من صعوبات في الإنجاب، قبل أن يعود زوجها لطلب يدها للزواج مرة ثانية، بعد إنجابه طفلا من زوجته الثانية. وهي الآن لاتزال تقاوم صعوبات الإنجاب، بالجراحة والأدوية، على أمل تحقق شعورها بالأمومة. لقاء مرّ عبر ثلاث مراحل، الأولى أعطت فيها «أمال شباش» الكلمة الحرة لكل من الزوج والزوجة، وهو ما ساعد الحاضرين على الاستماع إلى تجربة الآخرين، وأعطى تشخيصا عن الهمّ النفسي لكل واحد منهم، والذي بناء عليه قدمت «شباش» شروحات ومدلولات هذه المشاعر، ليجري اللجوء إلى اقتراح البدائل والحلول، التي تنوعت حسب كل حالة. وعبر الأزواج عن شعورهم بالارتياح لمقاسمة نظرائهم ما في دواخلهم من مشاعر، حول الموضوع الذي يعني العديد من الأزواج في المغرب وخارجه. كما قامت الدكتورة المؤطرة بتقوية قدرات الزوجين للعب دور المعالج الذاتي لتحصين ذواتهم من المشاعر السلبية التي يتأثرون بها بسبب العوامل الخارجية، لضمان راحتهم النفسية وتعزيز تماسك زيجاتهم، التي تتأثر سلبا بالثقافة السائدة في المجتمع وفي الأوساط التي ينتمون إليها، المصاحبة بضغط ممارس عليهم نتيجة صعوبات إنجابهم، والتي قد تكون، في حد ذاتها، عائقا أمام نجاح العلاج. وتبعا لذلك، حثت شباش جميع الأزواج على ضرورة التأقلم مع الموضوع، واعتباره مشكلا عاديا كغيره من المشاكل التي يمكن أن تصادف أي فرد مادام حيا على وجه البسيطة، وعدم جعله عقبة أمام الزوجين في الحياة، وتحويلها إلى كربة مستمرة، داعية إلى ضرورة اشتغال الزوجين على ذاتيهما لعدم التأثر بالصورة النمطية المكونة عن الأسرة، بأنها لا تستقيم إلا بالأولاد، أو الصورة الملتصقة بالمرأة بأنها لا تكون زوجة إلا من خلال الإنجاب، وتقوت قدرتهم على مواجهة كل متطفل في حياتهم الشخصية كلما قلت حدة حساسيتهم مع هذا الموضوع، بل آنذاك يمكن أن تنتهى معاناتهم بشكل نهائي حالما يصلون إلى وضعية الرضى بالقضاء والقدر وحينها قد تحصل المفاجأة ويتم إنجاب الأطفال. وشددت المؤطرة على أن مبادرة الجمعية المنظمة لهذا اللقاء، تأسيس إطار جمعوي من هذا القبيل، هو إنجاز ونجاح وتفوق لجميع الأعضاء والمنخرطين، حيث من خلاله سيتم إخراج هذا الموضوع من الطابوهات ومن خانة «العيب» و»لحشومة»، وبالتالي بذل الجهود في خدمة أناس آخرين ودعم قضيتهم، وهو ما يشعر الذات بالارتياح والتصالح معها. وتؤكد الأبحاث الطبية والعلمية أن الضغط النفسي والحساسية التي يتم بها أخذ وتلقي مشكلة الإنجاب وثقل الضغط ، يكون حائلا أمام الإنجاب وكلما خفت وتم تناسي الموضوع يحل هذا المشكل، مادامت لا توجد هناك أية مشاكل أو موانع. يشار إلى أن الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة تضع رهن إشارة الأزواج الذين يعانون صعوبات في الانجاب، إمكانية الاستفادة من ورشات الدعم النفسي، من خلال تسجيل طلباتهم على البريد الالكتروني [email protected]