شنت الولاياتالمتحدة ما تسميه الصين "أكبر حرب تجارية في التاريخ الاقتصادي" بين أكبر اقتصادين في العالم، بعد أن دخلت حيز التنفيذ، الجمعة، رسوم جمركية على ما قيمته 34 مليار دولار من البضائع الصينية. والخلاف الأمريكي الصيني هو واحد من النزاعات التجارية العديدة التي يخوضها الرئيس الأمريكي الحمائي دونالد ترامب، الذي يرفع شعار "أمريكا أولا". وأثارت الشبكة المعقدة من العلاقات التجارية المهددة جراء هذه السياسات احتمالات نشوب حرب تجارية عالمية؛ وهو ما أدى إلى هبوط الأسواق المالية. في ما يلي حروب ترامب التجارية على أكثر من جبهة: الصين بعد أسابيع من المفاوضات غير المثمرة، فرضت واشنطن رسوما على ما قيمته 34 مليار دولار من البضائع الصينية؛ ما أثار ردا فوريا من الصين. وقد تكون هذه الرسوم أولى خطوات في حرب ستتسع، إذ هدد ترامب بأنه قد يضاعف من إجراءاته لتشمل 450 مليار دولار من البضائع الصينية؛ وهو ما يشكل الغالبية العظمى من الصادرات الصينية للولايات المتحدة. وتنظر الإدارة الأمريكية بالفعل في أمر بضائع صينية قيمتها 16 مليار دولار، وقد تضاف قريبا إلى الرسوم الأمريكية. وتستهدف الرسوم الأمريكية قطاعا كبيرا من البضائع الصينية؛ بينها سيارات وقطع تدخل في صناعة الطائرات أو الأقراص الصلبة لأجهزة الكمبيوتر، التي تقول واشنطن إنها استفادت من ممارسات تجارية غير عادلة، لكنها تستثني الهواتف المحمولة والتلفزيونات. على الإثر، أعلنت وزارة الخارجية الصينية دخول إجراءات للرد حيز التنفيذ "على الفور"، إذ ستفرض بكين "رسوما جمركية إضافية" على سلع زراعية أمريكية للإضرار بمؤيدي ترامب خصوصا. الاتحاد الأوروبي في 1 يونيو، أنهى ترامب الجدل حول تهديداته للاتحاد الأوروبي، وفرض رسوما قدرها 25 في المائة على واردات الصلب من التكتل، ورسوما قدرها 10 في المائة على واردات الألومنيوم. وقال ترامب إن الاتحاد الأوروبي "على الأرجح سيئ مثله مثل الصين"، حين يتعلق الأمر بالتجارة؛ فيما ردت بروكسل برسوم دخلت حيز التنفيذ في 22 يونيو. ورد الأوروبيون بفرض رسوم جمركية على 3,2 مليارات دولار من المنتجات الأمريكية الشهيرة؛ من بينها الدراجات النارية هارلي ديفيدسون والويسكي والجينز. ويخشى الأوروبيون من تنفيذ ترامب لتهديده بفرض ضريبة 20% على واردات بلاده من السيارات من الاتحاد الأوروبي؛ وهو الإجراء الذي يخشاه قطاع السيارات القوي في ألمانيا خصوصا. لكن بوادر تهدئة ظهرت في 5 يوليوز، حين عقد ريتشارد غرينيل، سفير الولاياتالمتحدة لدى ألمانيا، اجتماعا مع قادة الشركات الثلاث الألمانية الكبرى المصنعة للسيارات "فولكسفاغن" و"بي إم دبليو" و"دايملر" وشركة "كونتينانتل" المصنعة لقطع السيارات، دعا خلاله الاتحاد الأوروبي إلى خفض الرسوم على السيارات إلى الصفر مقابل معاملة مماثلة من الولاياتالمتحدة. كندا والمكسيك لم يستثن ترامب كندا والمكسيك، العضوين في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، من الرسوم الأمريكية على الصلب والألومنيوم؛ وهو ما دفع البلدين إلى التهديد بشن إجراءات انتقامية. وتبادل ترامب وجاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي، الانتقادات اللاذعة بخصوص الرسوم على الصلب في قمة مجموعة السبع التي اختتمت أعمالها بخلاف كبير بين ترامب وحلفائه في 9 يونيو. وتجري الولاياتالمتحدةوكندا والمكسيك مباحثات، بعد أن طالب ترامب بإصلاح "الاتفاق السيئ"؛ فيما واصل الرئيس الأمريكي تهديده بالانسحاب من الاتفاق الذي يحمله مسؤولية القضاء على آلاف الوظائف الأمريكية ونقل الشركات لمقارها، وخصوصا في قطاع السيارات. اليابان تعد اليابان هدفا آخر للرسوم الأمريكية على واردات الصلب؛ وهو ما قالت طوكيو إنه "أمر مؤسف للغاية". ودخلت طوكيووواشنطن في سجال بشأن السياسة التجارية، بعدما رفضت الولاياتالمتحدة إعفاء اليابان من الرسوم التي دخلت حيز التنفيذ في 1 يونيو. وفي ماي، أبلغت طوكيو منظمة التجارة العالمية بأن لديها الحق في فرض رسوم تبلغ قيمتها 50 مليار ين (456 مليون دولار) على البضائع الأمريكية؛ وهو ما يعادل تأثير الرسوم الأمريكية التي تم فرضها على منتجات اليابان من الصلب والألمنيوم. كوريا الجنوبية أعلن البيت الأبيض في الأول من ماي أنه أنجز اتفاقا للتجارة الحرة مع سيول ينهي نزاعا تجاريا مع كوريا الجنوبية. وبموجب الاتفاق، توافق سيول على فتح قطاع السيارات في شكل أكبر أمام مصنعي السيارات الأمريكية. وواقفت أيضا على خفض صادراتها من الصلب إلى الولاياتالمتحدة بنسبة 30 في المائة. وكان ترامب يقول إن الاتفاق الأصلي الموقع بين البلدين في العام 2012 غير متوازن في صالح سيول، كما أنه ربط بشكل غير مباشر بين تقديم سيول لتنازلات تجارية بتحقيق تقدم في مباحثاته المنفصلة مع كوريا الشمالية بخصوص برنامجها للتسلح النووي. روسيا أعلنت روسيا، الجمعة، فرض رسوم جمركية إضافية على مجموعة من السلع الأمريكية والتحضير لإجراءات جديدة ردا على الرسوم الجمركية التي فرضتها الولاياتالمتحدة على الصلب والألومنيوم، على وقع حرب تجارية عالمية. وقال مكسيم أورشكين، وزير الاقتصاد الروسي، في بيان، إن "إجراءات التعويض اتخذت شكل رسوم جمركية إضافية على الواردات تراوح بين 25 و40 في المائة"، متوقعا أن تجني روسيا من هذه العملية 87,6 مليون دولار. إيران أعلن ترامب، في ماي، انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع إيران الذي جرى التوصل إليه في 2015 بعد محادثات شائكة؛ وهو ما يعني فرض عقوبات وتدابير عقابية جديدة على الجهات التي تقوم بمبادلات تجارية معها. أمهل الأمريكيون هذه الشركات بين تسعين و180 يوما للانسحاب من إيران. وسيتطبق أولى العقوبات التي أعيد فرضها في السادس من غشت، تليها دفعة ثانية في الرابع من نوفمبر. وأعلنت المجموعة الفرنسية توتال أنها تنوي التخلي عن مشروع للغاز بدأته في يوليوز 2017 في إيران، ما لم تحصل على استثناء من الولاياتالمتحدة.