لم يستسغ قادة جبهة البوليساريو "تراجع" الاتحاد الإفريقي عن دعمه المطلق للأطروحة الانفصالية، الساعية إلى تقرير المصير، إذ كان التقرير الأخير للاتحاد، في جزئه المتعلق بقضية الصحراء، عقب قمة نواكشوط، أكثر موضوعية، كما قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي. وظهر الغضب السائد وسط "الجبهة" جليا من خلال التصريحات التي أدلى بها محمد سالم ولد السالك، "وزير خارجية البوليساريو"، لوكالة سبوتنيك الروسية للأنباء، والتي قال فيها، بخيبة أمل واضحة، إنّ المغرب يستمر في محاولة تحييد الاتحاد الإفريقي عن حلّ نزاع الصحراء. القيادي في جبهة البوليساريو الانفصالية لم يُخف ما يسود وسط الجبهة من إحباط كبير جراء نجاح المغرب، عقب عودته إلى حضن الاتحاد الإفريقي، في إمالة مواقف الأخير لصالحه، بعدما كان في السابق يميل إلى أطروحة البوليساريو الساعية إلى الانفصال. وذهب ولد السالك إلى اتهام فرنسا بالوقوف وراء ما حققه المغرب، قائلا: "الجدير بالاهتمام أن هذا الموقف المغربي المعرقل لم يكن ليستمر في تحديه للشرعية الدولية لولا التأييد الواضح والصريح في مجلس الأمن الدولي من طرف فرنسا، العضو الدائم في المجلس". نوفل البعمري، المحامي المتابع لملف قضية الصحراء، قال في تصريح لهسبريس إنّ تقرير المفوضية الإفريقية المكلفة بملف الصحراء، في الاتحاد الإفريقي، يتضمن عدة نقاط، منها ما هو في صالح المغرب، ومنها "ما يثير بعض القلق المشروع في مثل هذه الملفات". وسجّل البعمري أنَّ "من الأمور المهمّة التي جاء بها تقرير المفوضية الإفريقية أنه أسقط من توصياته الحديث عن "استفتاء تقرير المصير"، وهي التوصية التي دأب الاتحاد الإفريقي على إصدارها في كل قمة، وكانت تثير الكثير من النقاش في ظل غياب المغرب عن الاتحاد". واعتبر البعمري أنَّ قطع المغرب مع سياسة الكرسي الفارغ، بعودته إلى الاتحاد الإفريقي، واستقبال رئيس المفوضية من طرف الملك، ساهما في تغييب هذا الموقف السياسي، مبرزا أن هذا "يعتبر نكسة بالنسبة للبوليساريو التي كانت تستند إلى تقارير المفوضية وتوصياتها في مواجهة المغرب وفي مخاطبتها للأمم المتحدة، وهو تحول يحسب للمملكة". ورغم أنَّ تقرير المفوضية الإفريقية لم يتحدث عن تقرير المصير، فإن البعمري يرى أنّ التقرير حاول التحايل على قرار مجلس الأمن الذي أكد أن أي معالجة للملف لا يمكن أن تتم إلا داخل الأممالمتحدة. وأوضح البعمري: "التقرير وإن كان أشار إلى هذه النقطة، فهو أيضا أكد على دور الاتحاد الإفريقي في الملف بشكل حاول خلق آلية جديدة إفريقية لمتابعة الملف، مشكَّلة من أربعة رؤساء دول، ما يطرح السؤال حول دواعي هذه اللجنة مادام الملف لدى الأممالمتحدة". وفسّر المتحدث ذاته سعي الاتحاد الإفريقي إلى خلق الآلية الجديدة لمتابعة ملف قضيّة الصحراء بكون واضعي تقرير المفوضية الإفريقية يرغبون في أن يكون للاتحاد الإفريقي دور موازٍ في الملف إلى جانب الأممالمتحدة، معتبرا أنّ هذا الطموح سيصطدم بالموقف المغربي الرافض لأي دور خارج الدور الأممي لحلحلة نزاع الصحراء. وفيما قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، إن المغرب تمكن بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي من إعادة تقارير هذه المؤسسة إلى سكة الموضوعية، اعتبر البعمري أنّ تقرير المفوضية الإفريقية المكلفة بقضية الصحراء "لا يمكن وصفه بالمتوازن، بل يعكس من جهة التحول السياسي في موقف الاتحاد الإفريقي من خلال تخليه عن مطلب تقرير المصير، مع استمرار فتح الباب أمام أي دور محتمل له".