"وْلادْنَا أبطال.. أحفاد مولاي امحند قلُوبهم حَيًّة تَغْلِي، ويبكُون الدَّم من أجل هذا الوطن الذي ألقى بهم في السجن"، تقول والدة نبيل أحمجيق، الناشط البارز في "الحراك الريفي" بالحسيمة الذي أدانه القضاء مؤخراً بعشرين سنة سجناً نافذا، مضيفة أن "دينامو الحراك الشعبي" لا يستحقُّ هذه العقوبة القاسية لأنه "لم يسرقْ أمْوالاً ولم يطالب بأشياء فوق القانون، وإنما خرج إلى الشارع رافعاً مطالب مشروعة". وأوْردت السيدة ذاتها من داخل منزلها الواقع في حي سيدي عابد وسط الحسيمة، الذي كان إلى وقتٍ قريبٍ يشهدُ احتجاجات متواصلة، أن ابنها يعيشُ حياة بسيطة والأسرة فقيرة، قائلة: "نحن أناس بسطاء، وْلادْنا عاطْلينْ عن العمل وقراوْ وتْعبْنا مْعاهُمْ، 22 عام وأنا أتحمل المسؤولية لوحدي بعد وفاة والد نبيل، عانيت، وفي الأخير زجَّ بهم في سجن عكاشة"، مضيفة: "هذا ظلم كبير". وتابعت والدة أحمجيق بحرقة شديدة ممزوجة بدموع الحزن: "نبيل دْيالي أفتخرُ به وأعتزُّ به كثيراً لأنه راجْل بطل واسمه سيخلده التاريخ"، معبِّرة عن حسرتها على الأحكام الصادر في حق الزفزافي ورفاقه بالقول: "صدمت بهذا الحكم، لكن ما دام قام بذلك من أجل وطنه فسيكون قوياً ولن يؤثر فيه لا السجن ولا هذه الأحكام التي لن تَزِدْهُ إلا قوة وعزيمة"، مضيفة: "لن نُسامحَ هذه الدولة لأنها لا تفكر بالعقل وبالحكمة". وفي سردها لمعاناة الاعتقال والأحكام التي أدانت ابنها بعشرين سنة سجناً نافذا، تابعت أمّ نبيل في تصريح خصّت به هسبريس: "نتعرَّض لتعذيب نفسي، نحن وطنيون مغاربة لم نرض بهذا الحكم المهزلة؛ لأن القضاة باطلون وفاشلون وهذا حكم باطل وظالم"، على حدِّ قولها، وأوردت في حديثها: "ولادنا أبطال أحفاد مولاي امحند قلوبهم حيّة تغْلي، ويبكون الدم من أجل هذا الوطن الذي ألقى بهم في السجن"، وقالت: "عشنا معاناة كبيرة وما زلنا نعيش المعاناة نفسها". وكشفت والدة "دينامو حراك الريفي" عن تفاصيل لقائها بابنها، وقالت: "دائما ما يُردِّد بأنه ليس نادماً على ما فعل لأنه يحب هذا الوطن ويأمل عند خروجه من السجن أن يجد الأوضاع وقد تحسنت، وأن يجد هذا الوطن يمْضِي في السكّة الصحيحة وتتحقق مطالب الريف المشروعة"، مشددة على أنها لا تقوى على الذهاب إلا حيث يقبع ابنها بالدارالبيضاء، لأنه "تعوزني الحاجة ولا قدرة لي صحيا على السفر". والدة نبيل الذي اشْتهر بأدائه لأغان خاصة بالحراك الشعبي في الحسيمة، قالت في تصريحها: "هي الغيرة على وطننا والعالم يشهد بأن هذه المطالب التي رفعناها معقولة ومشروعة"، قبل أن تورد في ما يشبه الرد على أحكام الدارالبيضاء: "الدولة تسيرُ إلى الهاوية". وأكملت: "أبناؤنا يَسْتحقُّون أوسمة لأنهم أبطال شرفاء ولأننا عرفنا شْنو ولدنا وعرفنا شنو ربينا"، قبل أن تضيف: "نعم إنها صدمة كبيرة لكنني سأظلُّ قوية من أجل ابني الذي أوصاني بالصبر وأوصاني بأن أبلِّغ سلامه إلى عائلات المعتقلين والمحاميين وإلى الشعب المغربي لأنه أبداً لن ينهزم"، مختتمة تصريحها بالقول: "أشتاق إلى ولدي نبيل ولن أسامحهم أبدا". وكانت غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء وضعت نهاية لملف معتقلي "حراك الريف"، ليل الثلاثاء، بعد عام من سير المحاكمة، ووزعت أحكاماً وصلت إلى 20 سنة سجناً نافذا. وقضت الغرفة المذكورة بالحرمان من الحرية طيلة 20 عاما في حق كل من ناصر الزفزافي ونبيل أحمجيق وسمير اغيد والبوستاتي، وبعقوبة سجنية مدتها 15 عاما لكل من الحاكي وأدهشور وبوهنوش. أما محمد جلول، الذي سبقت إدانته بخمس سنوات سجنا في احتجاجات خلال سنة 2011، فقد تمت مؤاخذته بجميع التهم الموجهة إليه واعتبار الأفعال المنسوبة إليه تشكل مؤامرة للمس بالسلامة الداخلية للدولة، وأدين بعشر سنوات سجنا نافذا، رفقة آخرين. جدير بالذكر أن باقي الأحكام، التي جرى الكشف عنها في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء الماضي، وزعت على باقي المعتقلين بما يزيد عن ثلاث سنوات لأغلبهم، مع غرامات مالية، دون أن تتم تبرئة أي واحد.