عرف الأرجنتيني خورخي سامباولي النجاح مع منتخب التشيلي لكرة القدم، إلا أنه يعاني مع منتخب بلاده. المدرب المتوتر يخوض، السبت، إحدى أهم المباريات في مسيرته، ثمن نهائي مونديال 2018، ضد فرنسا. في أولى مباراة إقصائية في مونديال روسيا، سيستعيد سامباولي المسار الذي قاده إلى موقع المدير الفني للمنتخب الأرجنتيني. في العام 1995، كان سامباولي، الذي كان مدربا لنادي ألومني المتواضع بالأرجنتين، يستند إلى شجرة بعد طرده من مقاعد الاحتياط. صورة نشرتها الصحافة فتحت أمامه أبواب الاحتراف. تدرج سامباولي بين الأندية، وبرز خلال قيادته منتخب التشيلي لنيل لقب كوبا أميركا عام 2015، حيث فاز فريقه بركلات الترجيح على المنتخب الذي يدربه حاليا. مع الأرجنتين لم يحقق المدرب، الذي تولى مهامه في يونيو 2017، نجاحا مماثلا بعد. في مونديال روسيا لا تبدو الأمور مطمئنة: تعادل مخيب في الجولة الأولى للمجموعة الرابعة مع إيسلندا (1-1)، خسارة قاسية أمام كرواتيا (0-3)، وفوز في الدقيقة ال86 على نيجيريا (2-1). كان المدرب الأصلع، ذو الزي الرياضي الدائم، عرضة للانتقادات. إذ سال حبر الصحافة الأرجنتينية بالحديث عن وجود شرخ في صفوف المنتخب، ودعوات من اللاعبين بألا يكون هو في موقع المسؤولية. وقد نفى الاتحاد ولاعبون هذا الأمر، رغم الإيحاءات بأن الأمور لم تكن على ما يرام. للمنتخب الأرجنتيني قائد واحد لا مساومة حوله، اسمه ليونيل ميسي، أفضل لاعب في العالم خمس مرات. لكن لا تبدو العلاقة بين المدرب ونجم برشلونة الإسباني في أفضل حالاتها. ميزان التأثير يبدو مائلا بشكل لا يقارن لصالح النجم البالغ من العمر 31 عاما، وما زاد الاعتقاد بذلك لقطة مصورة أظهرت سامباولي في المباراة الأخيرة ضد نيجيريا، وكأنه "يستشير" ميسي حول ما إن كانت ثمة حاجة للدفع بالمهاجم سيرخيو أغويرو. شغف غير مضبوط ستكون المباراة ضد فرنسا، السبت بملعب قازان أرينا، فاصلة على الأرجح بالنسبة إلى مستقبل سامباولي على رأس الإدارة الفنية ل "البيسيليستي"، والأهم بالنسبة إلى المنتخب الساعي إلى لقب ثالث بعد 1978 و1986. قال عنه اللاعب والمدرب السابق خورخي فالدانو إنه يتمتع ب"شغف جامح" بكرة القدم، وأنه مهووس، ومثله الأعلى هو مارسيلو بييلسا، الذي تولى مقاليد المنتخب بين 1998 و2004. يصل تماثله بالمدرب المكنى "إل لوكو" (المجنون) حد الاستماع إلى تسجيلات مؤتمراته الصحافية، وهو يزاول رياضة الجري. يعشق موسيقى الروك، ويعرف عنه أيضا حبه للأوشام، إذ طبع على ساعده عبارة شهيرة للثائر تشي غيفارا مفادها "لا نحيا من خلال الاحتفال بالانتصارات، وإنما بتجاوز الهزائم". ويقول: "طبعت علم الأرجنتين عندما تم تعييني مدربا للمنتخب. إنه يرمز إلى لمّ شملي مع بلدي". قال عنه أيضا لاعب الوسط الأسبق أوزفالدو أرديليس إنه "متعجرف، جاهل، وحتى مع أفضل لاعب في العالم، لم يتمكن من صنع فريق تنافسي". عقدة نقص؟ في تصريحات سابقة، اختصر سامباولي، البالغ من العمر 58 عاما، دوره. إذ قال: "أشعر أن مهمتي تكمن في تدريب (ليونيل) ميسي، أفضل لاعب في التاريخ (...) هذا الأمر يفوق كل الأشياء العادية". ليس ميسي لاعبا سهلا، وليس بسيطا أيضا كي يتمكن مدرب من احتواء هالته. إلا أن هذا الجانب يبرزه منتقدو سامباولي، ويرفع في وجهه كنقطة سلبية، بشكل أكثر من العديد من المدربين الذين تعاملوا مع النجم العالمي. يقول عنه فرنسوا ماناردو، المسؤول الإعلامي السابق للمنتخب الفرنسي، والذي عرف عن كثب المدرب الحالي للمنتخب الأرجنتيني والسابق لنادي إشبيلية الإسباني، إنه "يعاني ربما عقدة نقص بسبب مساره غير التقليدي كمدرب، لأنه لا يشكل جزءا من النخبة" في عالم كرة القدم الأرجنتينية. عرف سامباولي بنجاحاته خارج بلاده: بين 2002 و2010 خاض تجارب مع أكثر من ناد في البيرو والتشيلي والإكوادور، قبل أن يتولى تدريب أونيفرسياد التشيلي ويقوده إلى لقب "كوبا سود أمريكانا" في 2011، وهي مسابقة توازي الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) في أمريكا الجنوبية. تولى سنة 2012 مهام تدريب منتخب التشيلي. طبق فيه أسلوبه الهجومي، وقاده في مونديال 2014 في البرازيل للتغلب على منتخب إسبانيا (2-0) حامل اللقب آنذاك، في الدور الأول. كما أوصل المنتخب الأمريكي الجنوبي إلى الدور ثمن النهائي، وخسر أمام المضيف البرازيلي بركلات الترجيح. في 2015 قاد منتخب التشيلي إلى لقب كوبا أميركا على حساب الأرجنتين وميسي بركلات الترجيح في المباراة النهائية. ضغط وقلق منذ توليه مهامه في المنتخب الأرجنتيني العام الماضي، بدا أن الزواج بين عقليته الهجومية ونجوم خط المقدمة في المنتخب لم يكن ناجحا. منتخب يضم في صفوفه هدافين، أمثال ميسي، غونزالو هيغواين، سيرخيو أغويرو وباولو ديبالا، لم يضمن تأهله الى نهائيات كأس العالم سوى في المباراة الأخيرة من التصفيات ضد الإكوادور (3-1) بثلاثية سجلها ميسي. وفي الدور الأول من المونديال سجل المنتخب ثلاثة أهداف في ثلاث مباريات. وحسب المدرب الفرنسي السابق رينالد دونويكس، "من الواضح أنه (سامباولي) لم ينجح في وضع قواعد السلوك موضع التطبيق (...) كنا نعرف ماذا يريد أن يفعل مع التشيلي. هنا، لا نعرف ماذا يريدون، ولا مع من، ولا كيف". مباراة فرنسا ستكون ال15 لسامباولي مع المنتخب الأرجنتيني (سبعة انتصارات، أربعة تعادلات، وثلاث هزائم). وبالنسبة إلى ماناردو، فسامباولي شخص "لا يبعث كثيرا من الثقة في صفوف الفرق التي يدربها". ماذا يمكن ان يقدم لها؟ "ضغط وقلق مجاني"، يقول ماناردو.