عجبا للذين يحلوا لهم أن يتبعوا التقاليد التي لا تمت لمجتمعنا الإسلامي والمغربي بصلة، ويسعون بتقليدهم الأعمى هذا إلى التباهي والظهور بمظاهر التقدم أوالرقي المفبرك الذي لا أسس له .. و ما دعاني للخوض في هذا الحديث واتخاذه اليوم موضوعا هو ما تعرفه الساحة من تحركات في جميع الاتجاهات من لدن بعض الطبقات التي تنحو منحى الغربيين، - وذلك عكس ما اعتدنا أن نراها عليه كلما أوشكت السنة الهجرية على الانتهاء- لنجد بعض الذين يقارنون أنفسهم بالغربيين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها، و ذلك من جراء ما تعرفه حياتهم الشخصية خلال الشهر الأخير من كل سنة ميلادية من تصرفات غير عادية، كاتخاذ التليفون والبطاقات البريدية وباقات الورود كوسائل لتقديم التهاني والتحايا بمناسبة قدوم السنة الميلادية، ومنهم من يبالغ في المعاملة فيذهب إلى اقتناء أثمن وأجمل الهدايا لتقديمها كعربون للمحبة والتمني، و منهم من يحيي حفلة رأس السنة (Réveillon) بكل ما في الكلمة من معنى .. كتنظيم جلسات الخمر والمجون التي تؤدي في غالب الأحيان إلى ما لا تحمد عقباه، و منهم .. و منهم. "" وان ما يذهل الإنسان و يجعله يقف وقفة تأمل واندهاش في آن واحد، هو أن هؤلاء الذين يعيرون الاهتمام البالغ للاحتفال بانقضاء سنة مضت واستقبال السنة الموالية في كثير من الأحيان تجدهم لا إلمام لهم بالشهور العربية التي تتكون منها السنة الهجرية، والتي يحق لنا كمسلمين أن نحتفل باستقبالها، وأن نحييها كمناسبة لنا فيها الكثير من العبر، منها مثلا المناسبة التي نعتز بها، والتي تتمثل في هجرة الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه من مكة إلى المدينة، و لنا فيها أيضا مناسبات أخرى عظيمة و مقدسة. الملاحظ أننا تركنا كل ما يهمنا، و كل ما يتماشى مع عقيدتنا الإسلامية وتعاليم ديننا الحنيف وراء ظهورنا واتبعنا أهواءنا إرضاء لنزواتنا .. ناسين أو متناسين عن عمد ما يلزم اتباعه من طرفنا لنغرسه في نفوس من سيخلفوننا من الأجيال التي ستحمل المشعل من بعدنا لمواصلة المشوار في درب الحياة الدنيا. وعليه .. فان فاتح محرم أول شهورالسنة الهجرية على الأبواب، والواضح أن جل الناس لايعرفون مدى أهمية هذا التاريخ وكأن الأمر لا يعنيهم في شيء، فمرة أخرى نجد أنه من واجبنا تنبيههم بأن فاتح محرم يشير إلى انقضاء سنة من عمرنا، والوضع يحتم علينا الجلوس إلى أنفسنا لمحاسبتها عن الكيفية التي مرت بها السنة التي ودعناها، وكيف طويت صفحة من صفحات كتاب حياتنا الذي لا يعلم عدد صفحاته إلا مشيد هذا الكون العظيم، وعلينا أيضا أن نتسلح بالجرأة لنتطرق إلى نقد ذاتي نتعرف من خلاله على كم الايجابيات التي حالفنا الحظ للظفر بها، وما هي السلبيات التي حصدناها على طول السنة، ويجب أن لانكون كالذين يظنون أنه بدخول المؤمنين الفائزين الجنة ينتهي الكفاح ولا يعود للمؤمنين عمل سوى الاستمتاع بأطيب الطعام وبالحورالعين، بل يلزمنا وضع برنامج لاستقبال سنة أخرى جديدة والاحتفال بها اعتزازا وتعبيرا عن هويتنا الاسلامية، محاولين بذل الجهود الجبارة من أجل العمل على قضائها في ظروف أحسن بكثير من سالفتها، وهذا ما يثنينا عن التمادي في اتباع تقاليد الغرب العمياء التي لا نجني منها إلا الويلات والتفرقة والابتعاد عن طرق الصواب.