بين ليل الثلاثاء الماضي، تاريخ خروج الوزير لحسن الداودي لمؤزرة عمال "سنطرال" في وقفتهم الاحتجاجية أمام مقر البرلمان بسبب "المقاطعة"، وليل الأربعاء الذي اجتمعت فيه الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، للتداول في إخراج الحزب من الورطة التي وضعه فيها وزير الشؤون العامة والحكامة، جرت مياه كثيرة تحت جسر"المصباح". مباشرة بعد موجه الغضب الشعبي الذي لحقت الداودي، عقب احتجاجه إلى جانب عمال شركة توجد ضمن أخريات يواجهن "حملة للمقاطعة"، تلقى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، اتصالات من "جهات" تعيب عليه تصرف الوزير المنتمي إلى حزبه وحكومته، وتطالبه بالتبرؤ من التصرف الذي وصف بغير المسؤول. حاول سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، أن يجيب الجهات المتصلة به في وقتها، حيث حمل هاتفه متصلا بالداودي الذي كان وقتها في البرلمان لبحث حلول لإشكالية الحليب، ومستفسرا إياه عن سلوك الاحتجاج الذي لم ينفه الوزير إلى جانب متظاهرين يفترض فيهم أنهم جاؤوا ضد الحكومة؛ لكنه دون أن يقدم مبررات موضوعية عن سبب الخروج، واكتفى بالقول إنه خشي اعتراض المحتجين، فالتحق بهم إراديا. وفي هذا الصدد، قال مصدر مقرب من رئيس الحكومة بأن الأخير فوجئ بالتحاق وزير الشؤون العامة والحكامة، مساء الثلاثاء، بمجموعة من المتظاهرين أمام مقر البرلمان كمؤسسة دستورية رافعا شعارات عن الخطر الذي يهدد الاقتصاد المغربي دون علمه، مؤكدا أنه قام بالاتصال بالداودي فور علمه بالموضوع وتنبيهه إلى أن عمله غير لائق. وفي الساعات الأولى ليوم الأربعاء الماضي، وجد الداودي نفسه في وضع لا يحسد عليه، بعد اتصالات مكثفة مع قيادات حزب "المصباح" ووزرائه، وبعد ضغوط كبيرة مورست عليه حسم الوزير قراره بالانحناء في وجه العاصفة وتقديم طلب الإعفاء إلى رئيس الحكومة من مهامه. وقبل طلب الإعفاء الذي تقدم به الداودي إلى العثماني بعد منتصف يوم الأربعاء، خُيّر المسؤول الحكومي بين مغادرة السفينة الحكومة أو اتخاذ إجراءات تأديبية في حقه لن تقل عن إخراجه من الحكومة من باب طلب رئيس الحكومة للملك إعفاءه وبعدها تجميد عضويته من قيادة الحزب. اختار الوزير الطريق الأقصر والأسلم، فقدم طلب إعفائه إلى رئيس الحكومة الذي طالب بدوره باجتماع طارئ للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية للتداول في الموضوع، حيث قرر الحزب التأكيد على "أن الداودي تقدم بطلب إعفائه من الوزارة بعد الجدل الذي خلقته مشاركته في وقفة مع عمال "سنطرال"". لم يحضر الوزير الداودي للاجتماع الذي كان محوره الأساسي، لأنه حسم قراره قبل ذلك بلقاء عقده على انفراد مع الأمين العام لحزب المصباح ورئيس الحكومة؛ لكنه في المقابل قرر مواصلة مهامه وحضور المجلس الحكومي، إلى حين بتّ الملك في الطلب الذي يفترض أن يكون العثماني قد بادر برفعه إلى العاهل المغربي.