أكد مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، أندري أزولاي، أن الربيع العربي لن يبقي الأوضاع كما كانت عليه، في كل من تونس ومصر وليبيا وكل الأقطار التي شهدت حراكًا سياسيًا، أفرز تعريفات جديدة لمفاهيم الحرية والعدالة والكرامة ، تلك التعريفات التي أصبحت كونية، ولم تعد ترتبط بتاريخ أو حضارة أو دين معين. جاء ذلك خلال محاضرة ألقاها أزولاي، الخميس، أمام طلبة المعهد العالي للإعلام والاتصال في الرباط، تحت عنوان، الربيع العربي وربيع وسائل الإعلام. وفي مستهل حديثه قال " إن السنوات الثلاث التي عملت فيها صحافيًا كانت قصيرة"، مقارنة بمساره المهني الطويل والحافل، والمقدر بنصف قرن، قضى منه 21 عامًا، مستشارًا للملك الراحل الحسن الثاني وخلفه الملك محمد السادس. وأضاف: "إن هذه السنوات الثلاث كانت الأكثر تأثيرًا في حياتي وأشعرتني بالمسؤولية"، واصفًا أحوال الصحافة في الوقت الراهن بأنها " شهدت تغييرًا هائلاً، ساهم فيه ظهور وسائل ووسائط جديدة للاتصال، بفضل الشبكة العنكبوتية". عما تموج الساحة العربية من تحولات سياسية قال أزولاي " ما كان لثورات الربيع العربي أن يكتب لها النجاح لولا التطور التكنولوجي لوسائل الاتصال" متذكرًا فترة عمله بالصحافة، وكيف كان يقف إلى جانب جهاز التلكس، يترقب وصول الخبر، قائلاً: " اليوم يتوفر لكل صحافي هاتف محمول وبريد إلكتروني، وصفحة على أحد مواقع الاتصال الاجتماعي"، في إشارة إلى أن كل هذه الوسائل جعلت من العالم قرية معلوماتية صغيرة. وأشاد أزولاي بالنتائج التي حققتها ثورات الربيع العربي، موضحًا" إن مطالب الحرية والكرامة والعدالة اخترقت كل جدار، وأن أصداءها تسمع في نيويورك وباريس ومدريد وأثينا وروما ولندن". كما ربط بين الربيع العربي وربيع وسائل الإعلام، مشيرًا إلى أن التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام سيجعل هذا العالم يتغير باستمرار، وأعتبر، أزولاي نفسه، من بين المحظوظين الذين عاشوا هذه الفترة من حياة شعوب، تواقة للحرية والكرامة، مشددًا على أن المغرب كان حالة مختلفة وليست استثناءً وسط هذا الحراك السياسي. عن هذا الاختلاف قال أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي" إن المغرب في العام 1961، كان البلد الوحيد في العالم الذي منع الفكر الوحيد والحزب الوحيد، بقوة الدستور الذي نص، منذ 50 عامًا مضت، على التعددية السياسية والحزبية، و خلال هذه المدة حقق المغرب منجزات عديدة، على طريق بناء دولته الحديثة، من خلال تدبيره لتنوعه الثقافي والتاريخي، الشيء الذي مكن المغرب من تجاوز الربيع العربي بنجاح وحكمة"، مختتمًا كلمته بأن دولاً أخرى بدأت تفكر في الإقتداء بالتجربة الدستورية في المغرب، في إشارة إلى الدستور المغربي الجديد الذي استجاب لتطلعات شرائح واسعة من المغاربة، نتيجة نضال طويل، ليس وليد اليوم أو الأمس القريب، على حد قول مستشار العاهل المغربي. * عن موقع "العرب اليوم"