تعيش المدن المغربية الكبرى، وبشكل خاص السياحية منها، حالة استنفار قصوى تحسبا لوقوع اعتداءات إرهابية تزامنا مع الاحتفالات بالسنة الميلادية الجديدة. وشوهدت تعزيزات أمنية مكثفة أمام الفنادق والمؤسسات العمومية والأجنبية، فيما نصبت مجموعة من الحواجز أمام مداخل المدن، حيث يجري التدقيق في هوية مختلف المارين. ونشرت عناصر فرقة اللواء الخفيف للتدخل السريع "البلير" في محيط السفارات والقنصليات والمؤسسات العمومية وأمام الدوائر الأمنية، فيما طوقت الفنادق المصنفة بقوات الأمن الخاص مصحوبة بكلاب حراسة مدربة. ""
وأفادت مصادر أمنية، أن هذه الإجراءات الاحترازية تدخل في إطار المحافظة على اليقظة والحذر الأمنيين تفاديا لمحاولة عناصر متطرفة تنفيذ اعتداءات إرهابية نهاية السنة"، مشيرة إلى أنها "تبقى إجراءات عادية ومعمول بها في مثل هذه المناسبات".
ويأتي هذا في وقت تزايد نشاط "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وهي التسمية الجديدة ل "الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية"، إقليميا، حيث قامت، بحر الأسبوع، بعملية قتل السياح الفرنسيين الأربعة، كما قتلت أربعة جنود، الخميس الماضي، في اعتداء إرهابي قرب حامية تبعد بحوالي 700 كلم شمال شرق العاصمة الموريتانية نواكشوط، إلى جانب الاعتداءات الأخيرة التي عرفتها الجزائر، ما يظهر أن عناصر التنظيم، يعملون على "تنفيذ أوامر الرجل الثاني في القاعدة أيمن الظواهري"، الذي دعا إلى "تطهير منطقة المغرب العربي من الأجانب، خصوصا الفرنسيين والإسبان".
وكان الظواهري دعا، في شريط بث في شتنبر الماضي، "المسلمين في بلدان المغرب العربي إلى تطهير أراضيهم من الفرنسيين والإسبان"، وزد قائلا "من واجب المسلمين استعادة الأندلس". يشار إلى أن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أعلن أن إثنين من عناصره شاركا في الهجوم الذي أودى بحياة أربعة فرنسيين، الاثنين الماضي.
وشرع المغرب في تفعيل المخطط الأمني 2008 -2012، الذي يهدف إلى تدعيم الإمكانيات البشرية والمادية للإدارة الترابية والمصالح الأمنية، وسد الخصاص الكمي والكيفي، الذي تسجله بعض هياكل الأجهزة الأمنية في نقاط جغرافية معينة. يرتكز المخطط، الذي يركز على مواجهة الإرهاب والجريمة، على تقوية الإدارة الترابية بجعل القيادة وحدة أولية ومنطلقا للتأطير لخصائص القرب التي تميزها، والدائرة إطارا للتنسيق والعمالة مجالا لتوزيع الموارد والجهة فضاء لاتخاد القرارات والتنظيم بما يمكن من رفع تحديات الأمن والتنمية.
ويرمي هذا المخطط أيضا إلى تحديث هياكل الإدارة الأمنية وتعزيز مواردها المادية، ولا سيما البشرية بإحداث حوالي خمسة آلاف وأربعمائة منصب مالي سنويا اعتبارا من السنة المقبلة. وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يقوده عبدالملك دروجدال الملقب "أبو مصعب عبدالودود" الذي يرى في الأردني ابو مصعب الزرقاوي الذي قتله الجيش الأمريكي في العراق، مثله الأعلى. وتهدد الجماعة بانتظام منذ خمسة أعوام بمهاجمة فرنسا. ويرى خبراء جزائريون في مكافحة الارهاب أن تنظيم القاعدة غير طريقة عمله وشكل وحدات من الانتحاريين جند افرادها بين شبان الأحياء الفقيرة في المدن الكبرى، حيث مازال الاسلاميون ناشطين.