كشف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، منذ أيام، عن أرقام حول تزايد توْليد النساء الحوامل في المغرب عن طريق العملية القيصرية بشكل "مهول"، جعل معدل الولادات القيصرية في المغرب يتجاوز بكثير نظيره في عدد من الدول. الأرقام، التي كشف عنها "CNOPS"، تشير إلى أنّ المعدل الوطني لتوليد النساء بالعمليات القيصرية سار في منحى تصاعدي خلال العِقْد الأخير، حيث ارتفع من 35 في المائة سنة 2006 إلى 49 في المائة سنة 2011، واستمرّ في الصعود ليبلُغ 59 في المائة سنة 2016. وحسب المعطيات الرقمية ذاتها، فقد بلغت عمليات التوليد القيصرية في المغرب 30.492 حالة سنة 2016، بزيادة 7 آلاف حالة في عِقد واحد، حيث بلغ عدد العمليات المُجراة سنة 2006، 23.481، ويتراوح عمر النساء اللواتي يخضعن لهذه العلميات ما بين 20 و35 سنة. التقرير الصادر عن الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي جاء بعد بضعة أسابيع من إصدار منظمة الصحة العالمية تقريرا دعتْ فيه إلى الحدّ من التدخل الجراحي في عمليات توليد النساء، ومنحهنّ وقتا أطول للمخاض وإشراكهن في اتخاذ القرار. وفي تقرير آخر صدر سنة 2015، أوصت منظمة الصحة العالمية بعدم اللجوء إلى الولادة القيصرية إلا عندما تكون ضرورة طبية، محذّرة من تزايد التدخلات غير الضرورية في الولادة. وإذا كان معدل الولادة القيصرية في سنة 2016 قد قفز إلى ما بين 80 و95 في المائة في بعض المدن المغربية، كالرباط والدار البيضاء وفاس وأكادير والصويرة، فإنّ اللافت في تقرير "CNOPS" هو أنّ المصحات الخاصة تستأثر بحصة الأسد من هذه العمليات بنسبة 65 في المائة. وتُوجه أصابع الاتهام في تزايد عدد الولادات التي تتم عن طريق العملية القيصرية في المغرب إلى "جشع" الأطباء، حيث إنَّ أرباح المصحات الخاصة تكون أكبر في حال توليد المرأة بطريقة قيصرية؛ لكنّ طبيبا مختصا في التوليد بأحد المستشفيات العمومية قال إنَّ "الجشع" ليس وحده السبب". "لا يمكن أن ننكر أن هناك أطباء يسعون إلى نيل ربْح مادي، عبر توليد النساء قيصريا، ففي كل ميدان يوجد ناس يسيئون إلى مهنتهم؛ لكنّ هذا لا يعني أن هذا هو السبب لتزايد توليد النساء بعمليات قيصرية"، يقول الطبيب الذي تحدثت إليه هسبريس، والذي فضل عدم ذكر اسمه. وأوضح المتحدث ذاته أنَّ فئة من النساء أصبحن يفضّلن الولادة عن طريق العملية القيصرية، "وهو ما يجعل الطبيب يكون في حالة من الضغط؛ لأنّ المرأة الحامل تدفعه إلى أن يولّدها قيصريا". وفيما ترتفع أصوات محذرة من مضاعفات الولادة القيصرية، قال المصدر الطبي، الذي تحدث لهسبريس، إنَّ العملية القيصرية يتم اللجوء إليها لتفادي المضاعفات التي تنجم عن الولادة الطبيعية، مضيفا "إذا تمّت العملية بشكل صحيح، فإنّ مضاعفات الولادة تكون عادية". في المقابل، ترى الدكتور أمال بنزكري، في تعليقات حول الموضوع نشرتها على الفيسبوك، أنّ الولادة القيصرية تخلف عددا من المضاعفات؛ مثل المشاكل التنفسية التي تحدث لدى الوليد، معتبرة أن "تزايد عمليات الولادة القيصرية راجع إلى أنّ الأطباء يتبرمون من تخصيص وقت كاف للمرأة لتلد ولادة طبيعية، من جهة، ومن جهة ثانية لكون نسبة من النساء يطلبن من الأطباء توليدهن قيصريا".