المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ينشر دراسة حول "خطاب التغيير في المغرب" نشر أخيرا المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة دراسة للباحث رشيد يلوح تحت عنوان "خطاب التغيير في المغرب". وتناولت الدراسة محاور من خطاب التغيير الذي يعرفه المغرب مع جيل الشباب منذ انطلاق الثورات العربية. يُعرِّف الباحث هؤلاء الشباب بأنهم أصوات جديدة تدعو إلى "تغيير عميق وحقيقي"، ينحدر المستقلون منهم في الغالب من طبقة وسطى، حيث تلقوا تكوينهم السياسي في أسر كانت لبعض أفرادها تجارب في أحزاب يسارية أوجماعات إسلامية أونقابات، بينما يشكل الجزء الآخر من تلك الأصوات امتدادا لفعاليات إسلامية أو يسارية معارضة، ظلت محرومة لوقت طويل من الفضاءات والفرص المناسبة للتعبير عن مطالبها بشكل صريح. ويضيف أن شعار (20 فبراير) أضحى رمزا مؤثرا جمع معظم هؤلاء الشباب رغم اختلافاتهم الإيديولوجية والفكرية، وهو العنوان الذي ارتضاه شباب التغيير لحركتهم التي انطلقت في العشرين من فبراير 2011 مطالبة بتغيير سياسي عميق يتم فيه تجديد التعاقد بين الحاكم والمجتمع، من خلال دستور جديد تكون فيه السيادة للملك والحكم للشعب، إضافة إلى مطالب من قبيل: حل الحكومة والبرلمان، وإقرار دستور ديموقراطي، ومحاسبة المفسدين وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ومطالب سياسية واجتماعية أخرى.. ويشير رشيد يلوح إلى أن خطاب التغيير المغربي تأسس على الجرأة والوضوح، خاصة عند مناقشة المثقفين والباحثين الشباب لمواضيع من قبيل: النظام الملكي والواقع الاقتصادي والاجتماعي المغربي. اختلف المحللون حول قابلية النظام الحاكم (المخزن) للإصلاح وتقبل الديموقراطية كأداة جديدة لإدارة الحكم والمجتمع، وأخذ هذا الموضوع قسما هاما من نقاشات الشباب، وانتقدوا طقوس البلاط الملكي من تقبيل يد الملك والركوع بين يديه، وغير ذلك من السلوكات التي اعتبرها الكثيرون مُهينة ومُذلة للذات الإنسانية. وفي موضوع ميزانية القصور الملكية، تناولت أقلام الشباب أرقام ميزانية القصر الملكي، والتي يُقرها البرلمان ضمن ميزانية الدولة دون أن يناقشها، حيث تُشكل فيها التكلفة الاجمالية السنوية للقصر الملكي نسبة 1.17 في المائة من الميزانية الإجمالية للدولة. كما ناقش شباب التغيير الاستثمارات الملكية في السوق المغربية، حيث تهيمن شركات العائلة الملكية على معظم القطاعات الانتاجية والثروات الوطنية، وقد أثارت أرباح هذه الشركات التي بلغت 347 بالمائة في سنة 2010 م انتقادات واسعة. وتداولت تجمعات الشباب الالكترونية ومقالاتهم، كما رفعت التظاهرات الغاضبة صور وأسماء أصدقاء للملك مقربين منه، باعتبارهم عناصر فاسدة اقتصاديا وسياسيا، تساهم في تعميق أزمات المغرب السياسية والاجتماعية. واستحضر خطاب التغيير أيضا الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المغرب، وكثف الشباب هذه الدلالات السلبية في الكلمة العامية (الحُكْرَة) (alhogra)، وتنحدر الكلمة لغويا من المصدر الفصيح (الاحتقار)، وفي وجدان المواطن المغربي تجمع هذه الكلمة بين معاني الظلم والإمعان في الإهانة والاحتقار الذي يتعرض له من قبل الجهاز الحاكم بكل أشكاله وأنواعه. وتقدم مقالات الباحثين الأرقام الحكومية والدولية باعتبارها شواهد تكشف الدرجات المتأخرة التي يحتلها المغرب ضمن المؤشرات العالمية، وآخرها تقرير للبنك الدولي سجل بقاء المغرب في الشريحة الدنيا من الدول المتوسطة الدخل، مع دول مثل غامبيا والإكوادور. وفي محور "تفاعلية شباب 20 فبراير" يؤكد الباحث أن هذه التفاعلية تقدم نمطا جديدا من السلوك السياسي الاحتجاجي في الشارع المغربي، إذ استطاعت مكونات الحركة أن تخرج إلى الساحة المغربية بالكثير من المطالب السياسية التي ظلت لعقود حبيسة بعض الفضاءات الحزبية المغلقة، مع إجماع مختلف التيارات والاتجاهات الإيديولوجية على تلك المطالب، باعتبارها الحد الأدنى، مع حفاظ هذه الحركة على سلمية الاحتجاج وقدرتها على الحشد الجماهيري، وتأثيرها الممتد عبر كل مناطق البلاد. ومما يسجل أيضا لهذه التفاعلية أنها تمكنت من تجاوز مجموعة من العقبات والخطابات التي انتهجها النظام المغربي لإفشالها، ومنها العنف الأمني والمحاصرة واستخدام البلطجية والاعتقالات والمحاكمات، وترويج الإشاعات من قبيل تشويه وتجريم الشباب، أو اتهام جماعة العدل والاحسان وحزب النهج الديموقراطي بالسيطرة على الحركة. وينظر خطاب التغيير في المغرب إلى حركة 20 فبراير، باعتبارها حاملا تاريخيا لمطلب الدولة الديموقراطية في المغرب، في حين حسم الخطاب الرسمي موقفه بعد الاستفتاء، معتبرا التعديلات الدستورية بداية لعهد الديموقراطية. وفي محور (رسائل الصيف الساخنة) يعرض الباحث لمجموعة من الرسائل القوية التي نشرت صيف 2011، وخاطب فيها أصحابها الملك محمد السادس أو كشفوا فيها معضلة استحكام الفساد والاستبداد في أجهزة الدولة. ويرى الباحث أن استمرار الاحتجاجات وانضمام فئات العاطلين عن العمل وذوي المطالب الاجتماعية الأخرى، واتجاه الغاضبين نحو أساليب جديدة، يدفع إلى الإقرار بوجود تحول نوعي للغضب الشعبي، بينما لايزال النظام المغربي يراهن على أدواته التقليدية في مواجهة مطالب التغيير، مثل الاحتواء والالتفاف والاستقطاب، وتفجير الخلافات بين شباب التغيير، والتجاهل، والمعالجات الأمنية الجانبية. أما بعض الأحزاب فهي على ما يبدو لاتزال تبحث عن شواهد واقعية على حسن نوايا النظام. ويختم الباحث ورقته بثلاث أسئلة: هل سيشهد المغرب لحظة يستجيب فيها الملك لضرورات التحول التاريخي؟ أم أن الاحتجاجات ستستمر وتتصاعد قوتها إلى أن تصل إلى درجة اللاعودة ؟ أم أن النظام سينجح في امتصاص الغضب، ومرة أخرى يُقنع الجيل الجديد بتأجيل مطالبه إلى المستقبل ؟ للاطلاع على الدراسة كاملة: http://www.dohainstitute.org