أمام غياب مأسسة الوساطة الأسرية كحل أساسي لإنقاذ الزواج والحفاظ على حقوق جميع أفراده، أعلنت جمعيات حقوقية تتوزع على ربوع المملكة تأسيس شبكة تلمّ شمل الأسر المغربية وتتدخل في النزاعات الأسرية بشكل حميمي وفي سرية تامّة، بعيدا عن نظام الصلح القضائي. أسماء المودن، رئيسة الشبكة المغربية "شمل" للوساطة الأسرية، التي تضم أزيد من ثلاثين جمعية ومركز استماع، أوردت في ندوة صحافية عقدت بالرباط أنّ قضايا نزاعات الأسر لا تقتصر على نهاية علاقة زوجية بالطلاق فقط، بل تشمل في جوهرها عدّة قضايا، من بينها التفكك الأسري، النفقة، نزاع الآباء والأبناء، مبرزة أنّ "الأسر المغربية تتخبط في العديد من المشاكل التي تهدد كيانها وتماسكها". وأبرزت الرئيسة أنّ العمل على تدبير النزاعات وتذويب الخلافات الأسرية، التي اشتغلت عليها الجمعيات المنضوية تحت شبكة "شمل"، ساهم في تحقيق الصلح بنسبة 40 في المائة، مشددة على أنّ الشبكة تسعى إلى تطوير هذا العمل من خلال اعتماد مقاربة شمولية وأصيلة تدمج الأبعاد الحقوقية والتربوية والاجتماعية، وتركز على مجالات الوقاية والعلاج والإنماء. وتحدثت المودن في مداخلتها عن الخدمات النوعية التي توفرها "الوساطة الأسرية" في دعم تماسك الأسر، وتطوير المهارات الأسرية ومعالجة السلوكات السلبية، بهدف لمّ شمل الأسر، وتابعت: "اليوم نسعى إلى توحيد الجهود من أجل تشجيع التأهيل للزواج وبناء العلاقة الزوجية على مفهوم التكامل والتعاون وخدمة تماسك الأسرة واستقرارها، وبلورة رؤى تجديدية في موضوع الوساطة الأسرية باعتبارها السبيل الأنجع لتدبير الخلافات بين أفراد الأسر، وإعداد إستراتيجية مندمجة خاصة بعمل هذه المراكز". من جهتها، أبرزت سكينة اليابوري، ممثلة وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، أنّ الوساطة الأسرية أصبحت حلا لفكّ النزاعات والحفاظ على استقرار الأسر وتماسكها، مضيفة: "التحولات التي يعرفها المجتمع المغربي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي انعكست على القيم الأسرية، وأصبح من الضروري التفكير في وسائل للحفاظ على الأسرة". وأبرزت اليابوري أنّ "هذه المراكز تمتاز بالتفاعل السريع وقربها من الأسر، نظرا لتواجدها في الأحياء، ما يسمح بالسيطرة على النزاع والتحكم فيه قبل اللجوء إلى القضاء، بالإضافة إلى الأدوار التي تقوم بها في توعية المقبلين على الزواج، ومواكبة الأسرة في تربية أطفالها". أمّا ممثل وزارة العدل والحريات، نور الدين الإبراهيمي، فشدّد في مداخلته على ضرورة نهج سياسة قبلية في حل النزاعات الأسرية قبل طرق باب القضاء، موضحا: "إمكانية حلّ النزاع بعد وصوله إلى المحكمة يصبح مستعصيا بنسبة 95 في المائة"، ومشيرا إلى اعتماد بعض الدول آلية الوساطة الأسرية ضمن الإجراءات القضائية المعمول بها.