فاجأها المخاض الى عمود خيمة مهترئة ... تكورت على نفسها... أغمضت جفنيها.... صعد دم قان الى وجنتيها....حبست انفاسها للحظة. فتحول اللون الوردي في وجهها الى أزرق غامق ثم نفثت نفسا طويلا ، كأنها تتخلص بخروجه من كل آلامها ومعاناتها...صامتة هي حتى في ذروة ألمها....سمع دوي انفجار قربها... صامدة هي حتى والارض تهتز من تحتها... لمحت قبالتها طفلتها تهرش بأسنانها قطعة خبز صلبة...ربما أصلب من أسنانها اللبنية الغضة...لكنها تتصارع....تعض...تكسر جزءا من القطعة فتنفتح أساريرها وكأنها خرجت منتصرة للتو من مباراة في المصارعة...فتحول الفتات المكسور الى يمين ويسار فكيها علها تستطيع ابتلاعه فلم تفلح.... أخرجت القطعة ... نظرت اليها مليا ... تستعطفها لتلين ثم اعادتها الى فيها وأعادت المحاولة. يمين ...يسار... فتفتت قطعة الخبز ولانت لها...فبلعتها وهي مزهوة كأنها حققت نصرا عظيما... ثم ارتمت على الكسرة العنيدة لتعيد الكرة من جديد..... صراخ أمعائها وآلام معدتها الجائعة أعطياها القوة لكي تعيد العملية ثانية وثالثة حتى تسكت غرغرة امعاءها الفارغة....انست هذه اللقطة البائسة المراة آلام مخاضها لفترة لكن الالام عاودتها من جديد. فتكومت على نفسها مرة اخرى وتلون وجهها من أحمر الى ازرق الى اللالون....تساءلت وهي في ذروة آلامها علام هو حريص على الخروج الى هذه الحياة وكلها الم وتعب وعوز و.... وانفجر ينبوع ساخن من تحتها ثم اندفع الثقل الى الخارج فاذا بصراخ يعلو ويعلو ويعلو ثم همد على حلمة ثديها... رفعت الوالدة بصرها الى السماء فاذا بها أمام طفلتها وهي مصوبة بصرها نحو الرضيع وقطرات الحليب تتدفق من جانبي فيه....ربما تمنت في لحظة جوع وعطش وعري ان ترتمي في حضن والدتها الدفئ وتشبع لبنا سائغا دافئا لذة للشاربين ... مصت الصبية شفتيها وولت على اعقابها خارج الخيمة فبدا للمراة من كوة بابها لهيب نيران أمامها تبعه دوي انفجار صاروخ ناري مر للتو من فوق بقايا الخيمة...توقف الوليد عن الرضاع وتفحص قسمات وجه امه مليا... لم يبتسم كغيره من الرضع بل اناخ السمع والبصر والفؤاد لاول درس لامثاله ... تلقيح طبيعي ضد الحروب والنوازل والضربات والصواريخ والالام ثم التقط الحلمة من جديد ... عادت الصبية الى الخيمة تفرك عينيها من سموم دخان الصاروخ بابهاميها الوسختين فسالت دموع رمادية على خديها الغضين فرسمت خطين متوازيين....سعلت....تمخطت....بصقت بقايا لقمة الخبز العنيدة مصبوغة باللون الاسود وهي تتحسر على مجهود ضاع من غير نتيجة ... قرات المراة الرسالة الاليمة....جرت الصبية من كم اسمالها الصقتها بحضنها.... ربتت على ظهرها بحنان غامر... ثم أغمضت لها جفنيها عساها تسعد بحلم جميل تشبع فيه خبزا طريا و...و ""