تجاهلت جبهة البوليساريو الانفصالية الإدانة القوية التي عبّر عنها المغرب للأعمال الاستفزازية الأخيرة التي تقوم بها في بلدة تيفاريتي، شرق المنظومة الدفاعية للصحراء المغربية، ودعا زعيمها، إبراهيم غالي، في المقابل الرباط إلى الدخول في مفاوضات مباشرة "بحسن نية ودون شروط مسبقة". وفي رسائل تهدف إلى تمويه الرأي العام الدولي والصحراوي داخل المخيمات، رمى زعيم التنظيم الانفصالي الكرة في مرمى الحكومة المغربية، متجاهلاً تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، من أي إجراء "من شأنه تغيير الوضع الراهن" بخصوص قضية الصحراء، عقب تنظيم الجبهة لمناورات عسكرية واحتفالات بتيفاريتي. وخاطب "كبير الانفصاليين" الحكومة المغربية بضرورة "تغليب لغة العقل والمنطق والتحلي بالإرادة السياسية الشجاعة للامتثال للشرعية الدولية من أجل إحلال السلام العادل والدائم في المنطقة المغاربية والانخراط في مسار مشترك بين كل مكونات المنطقة دون تهميش أو إقصاء"، بتعبيره. وفي الوقت الذي تؤكد فيه معطيات المكتب المركزي للأبحاث القضائية انتشار السلاح بشكل عشوائي بمناطق شاسعة بالصحراء غير خاضعة للرقابة تنشط فيها بكثرة عناصر ما يسمى بجبهة البوليساريو؛ إذ بينت الإحصائيات أن ما يزيد عن مائة انفصالي ينشطون في صفوف الجماعات الإرهابية، قال إبراهيم غالي إن "الشعب الصحراوي كان وسيبقى شعبا مسالما ينبذ الحروب والتطرف والإرهاب". وفي حوار مع قناة تلفزيونية إيطالية، لم يتردد زعيم الجبهة في الترويج لمغالطات وأكاذيب واضحة، مشيرا إلى أن تنظيمه "ملتزم باتفاق وقف إطلاق النار منذ وقفه سنة 1991، بكل البنود المنصوص عليها في الاتفاق الموقع بين طرفي النزاع المغرب وجبهة البوليساريو"؛ وذلك رغم التوغلات العسكرية المتكررة التي تقوم بها الميليشيات في المنطقة العازلة، التي تهدف عموما إلى جر المنطقة نحو المجهول. تشبث جبهة البوليساريو بإجراء مفاوضات بدون شروط مسبقة من شأنه أن يُطيل عمر هذا النزاع، بالنظر إلى التوجهات الرئيسية التي حددها الملك محمد السادس بخصوص مستقبل الحل، والتي لا يُمكن أن تخرج عن مبادرة الحكم الذاتي وسيادة المغرب الكاملة على صحرائه. يشار إلى أن جبهة البوليساريو كانت قد أقدمت، أمس في منطقة تفاريتي شرقي الجدار العازل، على تخليد ما تسميه "الذكرى ال45 لاندلاع الكفاح المسلح"، بحضور زعيم الانفصاليين إبراهيم غالي، وبمشاركة بعض ممثلي الدول والسفراء المساندين لطروحات الجبهة. وحضرت في هذه الاحتفالات وفود ممثلة عن دول فيتنام، إكوادور، ناميبيا، زيمبابوي، كوبا، وجنوب إفريقيا، ودبلوماسيين من إثيوبيا وكينيا وأوغندا وأونغولا ونيجيريا، وهي الدول التي تعتبرها الجبهة "صديقة لها". وأصدرت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بلاغا عبّر عن أسف المغرب "لكون هذا التصعيد يتم بمباركة وتواطؤ من بلد جار، عضو في اتحاد المغرب العربي، ولكن يخرق ميثاقه في مناسبتين: بإغلاق الحدود، وباستقبال حركة مسلحة على أرضه تهدد الوحدة الترابية لدولة أخرى عضو في الاتحاد"، مضيفا: "هذا البلد، عوض احترام قيم حسن الجوار وضوابط الاستقرار الإقليمي، يتمادى في دعم مرتزقة البوليساريو في عملهم المزعزع للاستقرار في خرق للشرعية الدولية".