في أول تصعيد ميداني بعد قرار مجلس الأمن الأخير، تجاهلت جبهة البوليساريو الانفصالية تحذيرات المملكة المغربية والمنتظم الدولي، إذ أعلنت عن تنظيم مناورات عسكرية ضخمة بالمنطقة العازلة، تيفاريتي؛ وهي المنطقة التي كادت أن تُشعل حرباً في الصحراء، بسبب خرق ميليشيات الجبهة لاتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعاه الأممالمتحدة. وقررت البوليساريو إحياء الذكرى ال45 "لاندلاع الكفاح"، بعد غد الأحد 20 ماي بمنطقة تيفاريتي، التي تعتبرها "محررة"، في تحدّ صارخ للمغرب الذي أكد أن "تحركات التنظيم الانفصالي في المنطقة العازلة تغير الوضع الفعلي والتاريخي والقانوني لها، ويمكن أن تدفع المنطقة إلى المجهول". ووفقا لمصادر إعلامية تابعة للآلة الدعائية للبوليساريو، فإن برنامج الاحتفالات يتضمن تنظيم استعراضات عسكرية ضخمة ومناورات عسكرية بتيفاريتي تنفيذاً لتعليمات صادرة عن ما تسمى "وزارة الدفاع الصحراوية، التي أعطت أوامرها على ضرورة ضمان جاهزية الجيش الصحراوي واستعداده الدائم لكل الاحتمالات". والأخطر هو أن تنظيم "إبراهيم غالي" الانفصالي قرّر نقل أشغال "برلمان البوليساريو" إلى بلدة تيفاريتي تجسيداً لما أسماه ب"السيادة الصحراوية على الأراضي المحررة"، في خطوة من المرتقب أن تُعيد التوتر بشكل غير المسبوق إلى الأقاليم الجنوبية. وخلال هذه الاحتفالات المرتقبة أيضاً، أشارت المصادر ذاتها إلى أن الميليشيات القتالية ستقوم بالتخلص من مخزون الألغام الذي يملكه "الجيش الصحراوي، حيث سيتم تدمير أزيد من 5000 لغم في ثالث عملية تخلص من الألغام تقوم بها البوليساريو بالتعاون مع منظمة نداء جنيف المختصة في تشجيع الدول للتخلص من مخزونها من الألغام، بحضور بعثة الأممالمتحدة في المنطقة". التوغلات العسكرية الجديدة بالمنطقة العازلة تأتي بالرغم من أن المغرب يلوّح بقيامه بتدخلات عسكرية فوراً في حالة تمادي البوليساريو في خروقاتها غير مقبولة؛ فقد سبق أن سلم ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رسالة خطية إلى الأمين العام للأمم المتحدة، تحذر من التطورات الخطيرة للغاية التي تشهدها المنطقة الواقعة شرق الجدار الأمني الدفاعي للصحراء المغربية. وتباحث بوريطة مع أنطونيو غوتيريس "الخشية من تدهور الوضع في بئر لحلو وتيفاريتي، أو ألا تتم تسويته كما كان الحال بالنسبة للكركرات"، مشيرا إلى أن الملك محمدا السادس "حرص على التعبير باسم كافة القوى الوطنية الحية بمختلف توجهاتها عن رفض المغرب الصارم والحازم لهذه الاستفزازات والتوغلات غير المقبولة". وتابع بوريطة أن الملك حرص على التوضيح لغوتيريس أن هذه الأعمال "تشكل تهديدا لوقف إطلاق النار، وتنتهك القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة، وتقوض بشكل جدي العملية السياسية". وكان مجلس الأمن قد أعرب عن "قلقه" بشأن وجود عناصر جبهة البوليساريو في منطقة الكركرات العازلة بدورها، وأمر الجماعة الانفصالية بإخلاء هذه المنطقة التي تقع في المنطقة العازلة ''على الفور". وجاء في قرار مجلس الأمن رقم 2414، الذي مدد مهمة بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2018، أن المجلس "يعرب عن قلقه لوجود جبهة البوليساريو في المنطقة العازلة بالكركرات ويدعو إلى انسحابها الفوري من هذه المنطقة". ويبدو، من خلال البرنامج الذي أعلنته جبهة البوليساريو، والذي يتضمن حضور بعثة الأممالمتحدة خلال عمليات تدمير الألغام بتيفاريتي، أن الأممالمتحدة لا تعتبر منطقة تيفاريتي ضمن المنطقة العازلة المنصوص عليها في اتفاقية وقف إطلاق النار بين المغرب وجبهة "البوليساريو"؛ وهو الأمر الذي يفرض على المغرب اتخاذ إجراءات غير مسبوقة للرد على هذه الاستفزازات.