أخي كفاك رؤية الجانب الفارغ من الكأس ،والانشغال بالبحث ،من حولك، عن النقط السوداء ،لأنك ستصاب بالإحباط والكآبة مما سيحجب عن عينيك رؤية الأشياء الجميلة . "" كفاك تذمرا وشتما لما أنت فيه والتطلع دائما لما لدى الغير ، لأنك في النهاية قد تقضي حياتك وأنت تبحث عن جواب لسؤال سيظل عالقا في رأسك، ويفرض نفسه عليك باستمرار: لماذا تحدث لك كل هذه المآسي وبهذا الشكل المكثف والمتوالي ؟ لماذا أنت وليس الآخرين ؟ عليك أن تعرف بأن حالات أقسى وأعنف يمر منها غيرك، لكن أنانيتك تجعلك تشعر كأنك مستهدف وباستمرار،رصاصة من الألم ستخترق فؤادك وأنت ترى ما في يد الآخر وتقارنه بما لديك . لماذا تضيع زهرة شبابك في التحسر على ما لم تستطع اكتسابه، مع أن أفضل الأحوال هي الحالة التي أنت عليها الآن. قد تكون جالسا في مقهى تندب حظك التعس و تشتكي البطالة التي كادت تؤدي بك إلى الانتحار ، بينما هناك شخص خلف القضبان يتمنى أن يهب عمره من اجل أن ينعم بكرسي في مقهى يستنشق هواء الحرية ولو لدقيقة واحدة . قد تكون خلف القضبان تعد الأيام الباقية لمعانقتك الحرية ،وهناك شخص راقد في سرير لا يتحرك يتمنى أن يكون سجينا ويتمتع بصحة جيدة. قد تكوني عانسا تتألمين من حظك السيء، وهناك في مكان ما زوجة تهان كرامتها من طرف زوجها وحماتها وتتمنى من كل قلبها لو تعود السنين إلى الوراء وتفتح عينيها لتجد نفسها حرة غير مرتبطة بأحد، ويكون كل ما تعيشه من قهر مجرد كابوس. قد تكون مفلسا لا تملك درهما واحد ،ومع ذلك فأنت أسعد حالا من شخص تراكمت عليه الديون بملايين الدراهم نتيجة كساد تجارته، ومهدد في أي وقت بالحجز على ممتلكاته أو يقايض ديونه بالسجن ، ويتمنى من كل قلبه أن يكون مفلس معدم، بشرط أن لا يكون مدينا لأحد بدرهم. أخي ،الحياة عبارة عن مركب لا يجب علينا أن نجدف عكس التيار لأن بدلك لن نصل إلى أي مكان بل العكس سنتراجع كيلومترات إلى الوراء. قد يكون سبب ما نحن فيه الآن نتيجة سوء تسير حكومي ،نتيجة عكسية أدت إلى استحواذ فئة من المحظوظين على أرزاق باقي الخلق، ينفقون في ليلة ما نكسبه في سنة أو اكتر ،ومع دلك فلن يفيدنا التألم ،البكاء ،الحسرة ،العض على النواجذ، فمهما طال الليل لابد لضوء الصباح أن يزيحه ويذيبه ، والى حين شروق الشمس علينا أن نختار لحظات سعيدة نعيشها وسط الظلام الدامس ،لابد أن يكون في مكان ما، نبع سعادة نغرف منه بشراهة. يجب أن نتخلى عن أحزاننا وهمومنا ،لا أن نحضنها كما تحضن الدجاجة بيضا فاسدا لن يفقص أبدا. أخي بعد أيام قليلة سنودع سنة من عمرنا بمسراتها وأحزانها ،عليك أن تختم ماضيك بالشمع الأحمر وابدأ من جديد، ليس عيبا أن تبدأ من الصفر في أي وقت من الأوقات ،ولكن العيب كل العيب أن تتقوقع داخل نفسك وتنكمش على أحزانك وتجتررها وتتلذذ بتعذيب ذاتك. وفي الختام لا يسعني إلا أن أقول لكما ، أخي وأختي، كل عام وأنتما بألف خير. انتظروا مني مقالات أخرى