شكل التصعيد الإيراني الإسرائيلي في سوريا، وتداعيات قرار الرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، أبرز المواضيع التي استأثرت باهتمام الصحف العربية، الصادرة اليوم الجمعة. ففي مصر، كتبت صحيفة (الجمهورية) في مقال لأحد كتابها، أن نتنياهو لم ينتظر طويلا بعد انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني وبدأ على الفور في تنفيذ مخطط جرى إعداده مسبقا بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها في المنطقة تتقدمهم إسرائيل، بهدف تحويل ميزان القوى الحالي في سوريا من انتصار مؤكد للجيش العربي السوري على الجماعات "الارهابية" التابعة لأصحاب هذا المخطط إلى موقف عسكري معاكس يعطي قبلة الحياة لما تبقى من هذه الجماعات خاصة في الشمال السوري ويسمح لها بامتلاك موقف مؤثر في المفاوضات المقبلة حول تقرير مصير سوريا، وفي الوقت نفسه تتولى إسرائيل عملية تصفية ما يسمى بالوجود العسكري الإيراني في سوريا. وأضاف كاتب المقال، أن هذا المخطط يراعي حتى الآن عدم الاصطدام بالوجود الروسي في سوريا لما قد يسببه هذا الصدام من أخطار حرب عالمية، مكتفيا بإظهار عجز روسيا عن حماية الوجود الإيراني إذا كانت لديها النية في ذلك، وهذا ما أظهرته زيارة نتنياهو المفاجئة لموسكو ولقاؤه بالرئيس بوتين وتصريحه عقب اللقاء بأنه لا يقلق من رد روسي على حربه ضد إيران على الأراضي السورية، بينما تكتفي التصريحات الروسية بالتعبير عن الاستياء في وقت تتكلم فيه الصواريخ المتبادلة عبر الجولان بين إيران وإسرائيل بعد أن أشعل ترامب النار وأطلق الرصاصة الأولى في حرب جديدة المستفيد الوحيد منها هو نتنياهو ما دام العالم العربي "ممزقا" وجامعته العربية "مشلولة" وأطراف منه مازالت تلعب بالنار. وكتبت (الأهرام) أن التصعيد المستمر على الجبهة السورية طيلة الفترة الماضية يثير المزيد من القلق والكثير من علامات الاستفهام حول رغبة القوى الكبرى والإقليمية والمجتمع الدولي في وضع حد لهذه الأزمة التي تزداد اشتعالا على مدار السنوات الثماني الماضية. وتابعت الصحيفة، في افتتاحيتها، "بالأمس وصلت الأزمة لمنعطف جديد بالقصف الاسرائيلي المركز على عدة مواقع سورية وهو الأمر الذي يصب الزيت على النار المشتعلة مما يهدد بامتدادها إلى مواقع ودول أخرى، ولا يمكن فصل التصعيد الأخير عن القرار الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، لتكون سوريا هي الفناء الخلفي لتصفية الحسابات بين إيران وأمريكا وإسرائيل ولتظل المنطقة على أطراف أصابعها عرضة لحروب جديدة وبلا أفق واضح لأي حلول سياسية تنهي الأزمة السورية ذاتها وبقية الأزمات التي تشتعل تباعا". وفي السياق ذاته، كتبت (الأخبار) في مقال لأحد كتابها، أنه "لا يمكن وصف ما أقدمت عليه إسرائيل بعدوان إطلاق صواريخها ضد سوريا في ساعة مبكرة من صباح أمس، سوى أنه جر نحو حرب عاتية جديدة في الشرق الأوسط، إنها بهذا العمل الاجرامي الفاجر تضع إيران أولا ثم روسيا في موقف محرج لا يحسدان عليه، يأتي ذلك انطلاقا من تواجد هاتين القوتين على الأرض السورية لدعم وحماية النظام السوري الذي يدافع عن وجوده وعن وحدة وسيادة الدولة السورية". وأضاف كاتب المقال، أن إسرائيل بهذا "العدوان" تتعمد أن تدفع منطقة الشرق الأوسط إلى حرب مدمرة جديدة، لا يمكن أن يكون لدى إسرائيل هذه الجرأة الخطيرة إلا إذا كانت قد حصلت على الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية التي يقودها ترامب باستراتيجية وفكر "المغامرة والمقامرة والعشوائية وعدم المسؤولية"، فليس من تفسير لهذا "التوجه الجنوني"، برأي الكاتب، سوى الدفع بالشرق الأوسط بل والعالم إلى مواجهات لايعرف إلى أين تصل تداعياتها. وفي الإمارات،كتبت صحيفة (الاتحاد) أن سوريا تحولت إلى" ميدان لحرب عالمية بين أطراف عدة.. وصارت الأمور فيها مفتوحة على كل الاحتمالات، وربما يتفجر الموقف في أي لحظة ليتحول إلى حرب عالمية حقيقية، تكون سوريا مسرحها" مضيفة أن "العرب خرجوا تماما أو آخرون من المعادلة السورية، ولم يعد لهم أي دور يذكر، وصار اللاعبون الأساسيون في الملعب السوري جميعا أجانب: الولاياتالمتحدةوروسياوفرنسا وإسرائيل وإيران وتركيا". وأبرزت الصحيفة في افتتاحيتها بعنوان "سوريا وحر الدول" أن هؤلاء جميعا لديهم أجنداتهم ومصالحهم التي لا علاقة لها بحل الأزمة السورية أو بالشأن السوري، وكلما اقترب الوضع في سوريا من الانفراج جاء من يفجر الموقف ويعيد الأمور إلى الصفر.. لأن المصالح المتأرجحة هي التي تملي على الأطراف حركتها في سوريا"، مؤكدة أن المتابع لكل الأزمات العربية يجد إيران حاضرة بقوة فيها (..) حيث حاولت فرض سيطرتها على المنطقة العربية بذريعة تحرير القدس والقضاء على إسرائيل. وفي نفس السياق، أكدت صحيفة (الخليج) أنه من دون أن تكون إيران قادرة على تقديم نفسها باعتبارها دولة تحافظ على الاستقرار في المنطقة، لن يكون العالم في مأمن من مغامراتها في أكثر من بؤرة توتر، سواء في الجوار القريب، كلبنانوسوريا والعراق، أو في أماكن بعيدة مثل اليمن، فالأحداث التي تشهدها هذه البلدان دليل على" إصرار طهران على المضي في طريق التصعيد وإبقاء العالم مشدودا إلى ما ستؤول إليه مغامراتها، التي صارت تشكل خطرا كبيرا على أمن منطقة الشرق الأوسط بدرجة رئيسية والعالم بأسره، خاصة بعد أن تجاهلت النداءات العالمية والأوروبية بأهمية تبديد مخاوف الدول المجاورة من طموحاتها العسكرية والسياسية، والتي ظهرت في أزمة (الاتفاق النووي) مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي دفع الرئيس دونالد ترامب إلى إعلان انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، الموقع عام 2015. وخلصت الى أن "سياسات المكابرة" التي تتبعها إيران خلال السنوات الأخيرة والتدخل في شؤون الآخرين لن تؤدي إلا إلى مزيد من تأجيج الصراع في البلدان العربية بشكل خاص، وتزيد من قناعة المجتمع الدولي من أن إيران لم تعد دولة تساعد على استقرار المنطقة بل تزيدها اشتعالا . بدورها، قالت صحيفة (الوطن) في افتتاحيتها إنه "بات مؤكدا أن النظام الإيراني اليوم، في أتعس أيامه ويترنح بسرعة أكبر من المتوقع، وهو إن كان يحاول دائما الهرب إلى الأمام من أزماته، لكن هذه المرة بات يتلقى الصفعات من كل حدب وصوب"، مبرزة ان التطورات منذ الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي شكلت" مرحلة مفصلية مهمة في التاريخ الحديث (..) والفترة القادمة ستبين حجم الأزمة لنظام الملالي وتبدد مخططاته، فالموضوع اليوم لم يعد يتوقف على قطع الأذرع والأيدي الإيرانية العابثة في عدة دول، بل يبدو أنه بات مطلوبا النظام الإيراني بمجمله، لأنه السبب في كل ما يحدث من ويلات". وفي الأردن، وتحت عنوان "طبول الحرب تدق.. تصعيد إيراني إسرائيلي في سورية"، أشارت (الغد) إلى تصاعد حدة التوتر بين إيران وإسرائيل في سورية، بإعلان إسرائيل أمس قصفها لعشرات الأهداف الإيرانية ردا على هجوم مباشر ضد القوات الإسرائيلية هو الأول من نوعه نسب إلى طهران. واعتبرت أن لا شيء يدل عما إذا كان هذا التطور يشكل بداية لتصعيد تسري مخاوف بشأنه على خلفية تأجيج التوتر القائم بين الولاياتالمتحدةوإيران بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع القوى الكبرى عام 2015، وإعادة فرض عقوبات على طهران. وفي الشأن المحلي، توقفت صحيفتا (الرأي) و(الدستور)، عند دعوة رئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز، أمس، إلى التصدي "بحزم وقوة" للظواهر المقلقة من عنف مجتمعي، وتعدي على هيبة الدولة، وانتشار خطاب الكراهية (...)، من خلال تفعيل القوانين وتطبيقها على الجميع بعدالة. ونقلت الصحيفتان عن الفايز مطالبته الحكومة بسرعة إقرار قانون الجرائم الإلكترونية وإرساله إلى مجلس الأمة، لوقف الإساءات التي تمارس عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وبعث رسالة لكل "مسيء ومارق" بأن أفعالهم المشينة هي جرائم يعاقب عليها القانون. وفي البحرين، أبرزت صحيفة (البلاد) أن الولاياتالمتحدة تسعى بعد قرار انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران إلى إجراء محادثات فورية مع دول أوروبية وآسيوية، لإقناعهم بالضغط على إيران بشأن برنامجها النووي والصاروخي. وأضافت الصحيفة أن السؤال يبقى مفتوحا بشأن ما إذا كان حلفاء الولاياتالمتحدة، لا سيما في الاتحاد الأوروبي، سيوافقون على استئناف المحادثات، بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، مشيرة إلى أن واشنطن أعربت عن أملها في أن يتمكن الحلفاء الأوروبيون من إقناع إيران بالجلوس إلى طاولة المفاوضات، في ظل التلويح الأمريكي بمعاقبة الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران بعد إعادة فرض العقوبات على طهران. غير أن دول أوروبية حليفة للولايات المتحدة، مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، تقول الصحيفة، تضغط من أجل إعفاء شركاتها في إيران من العقوبات الأمريكية بعد أن جددت هذه الدول التزامها بالاتفاق النووي مع إيران، مبرزة أنه وفقا لخبراء فإن العقوبات الأمريكية على إيران ستجبر ، على الأرجح، الشركات الغربية على الخروج من إيران في نهاية المطاف. من جهتها، وتحت عنوان " القذائف تطير في سماء دمشق" كتبت صحيفة (الأيام) أن إسرائيل استهدفت أمس الخميس عشرات الأهداف السورية في أكبر اندلاع للعنف بين إيران وإسرائيل، في الوقت الذي تدعو فيه أطراف دولية إلى " التحلي بضبط النفس" و"تجنب أي تصعيد" بين الجانبين. وأوضحت الصحيفة، استنادا لتقارير إعلامية، أن عشرات الضربات الصاروخية الإسرائيلية أصابت مواقع عسكرية سورية، وهو ما يسلط الضوء على خطر تصعيد أوسع تشارك فيه إيران وحلفاؤها بالمنطقة، غير أن إسرئيل تقول إنها "هاجمت كل البنية العسكرية التحتية الإيرانية في سوريا تقريبا بعد أن أطلقت قوات إيرانية، للمرة الأولى، صواريخ على أراض تسيطر عليها إسرائيل". وفي لبنان، كتبت صحيفة (الجمهورية) أن الوضع الإقليمي خطف وهج الاستحقاق الانتخابي، ونغص فرحة الفائزين، وأغرق البلد كله بسحابة كثيفة من علامات الاستفهام حول مستقبل المنطقة، ومن ضمنها لبنان. وأضافت اليومية أنه إذا كانت عمليات القصف المتبادل الذي طاول في الساعات الماضية أهدافا إسرائيلية في الجولان، وأهدافا سورية وإيرانية داخل الأراضي السورية، قد جرى حصرها - ربما مؤقتا - ضمن حدود المناطق المستهدفة في الجانبين، من دون توسيعها إلى ما هو أبعد منها، فإن هذا التطور العسكري يعكس مناخا خطيرا يبدو وكأنه يتدحرج في اتجاه حرب مدمرة وشيكة، بدأ العد العكسي لإشعال فتيلها بشكل خطير. وفي نفس السياق، أوردت (اللواء) أن لبنان نال قسطا من التصعيد العسكري الإيراني، الذي شهده الجنوب السوري أمس، حيث سقط فجرا صاروخ أرض - أرض في محيط بلدة الهبارية اقتصرت أضراره على الماديات، كما عثر على صاروخ في قب الياس بالقرب من مخيم للنازحين السوريين، مشيرة إلى أن ما حصل أمس في سورية، يضع المنطقة على مسار جديد له صلة بمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، بما يستوجب المزيد من الجهود والسعي نحو تحصين الوضع اللبناني، وتأمين الاستقرار فيه، وابعاده عن نيران المنطقة قدر الإمكان، على الرغم من وجود (حزب الله) في سورية، وكونه الحليف الاستراتيجي لإيران في المنطقة. وأضافت اليومية أن أوساط الحزب لا تبدو أنها تعيش أجواء تصعيدية، أو أنها تترقب تصعيدا عسكريا في سورية على غرار ما حصل أمس، وهي تعتقد أن الإجماع الأوروبي الإيجابي على عدم مجاراة الرئيس الأمريكي من مسألة الخروج من الاتفاق النووي، من شأنه أن يخفف من تداعيات القرار النووي، ولهذا فإن ما حصل من تطورات على صعيد الجبهة الإسرائيلية - الإيرانية على المسرح السوري، تقول الصحيفة، سيبقى "محدودا"، خاصة وأنه بإمكان موسكو التي زارها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن تستخدم نفوذها مع الحليف الإيراني والسوري للجم التصعيد باتجاه عدم خروجه عن السيطرة.