في سياق الأزمة "الصامتة"، التي تمرُّ منها العلاقات الجزائرية المغربية، على إثر تورط السفارة الايرانية في الجارة الشرقية في مخطط دعم مليشيات "البوليساريو"، وبعد سلسلة من المناورات البرية والجوية، التي استنفرت الجيش الوطني الشعبي، في مختلف المناطق العسكرية، حركت السلطات الجزائرية من جديد أسطولها البحري بالقرب من الساحل الشمالي الغربي للبلاد، في واحدة من أكبر المناورات العسكرية خلال السنوات الأخيرة. المناورات البحرية، التي حملت اسم "طوفان 2018"، أشرف عليها الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش، برفقة اللواء محمد العربي الحولي، قائد القوات البحرية، وسعيد باي، قائد المنطقة العسكرية الثانية غرب البلاد. ويأتي تحريك الوحدات البحرية، والتي ضمت غواصات وسفن القيادة وفرقاطات متعددة المهام وقاطرات أعالي البحار وكاسحات الألغام، في خضم سياق "مشحون"، بعد سلسلة من المناورات البرية والجوية، التي كانت قد باشرتها الجارة الشرقية خلال الأسابيع القليلة الماضية، في المناطق العسكرية القريبة من الصحراء. عبد الرحمن المكاوي، الخبير في الدراسات العسكرية والإستراتيجية، قال إن "هذه المناورات العسكرية تجري قرب أكبر قاعدة بحرية جوية في البحر الأبيض المتوسط، وهي قاعدة المرسى الكبير، التي تبعد عن القاعدة العسكرية المغربية لقصر الصغير ب700 كلم. كما تجري هذه المناورات بالقرب من القاعدة العسكرية الفرنسية، التي توجد على المسافة نفسها شمال الساحل المتوسطي". وأضاف الأستاذ في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أن "القادة العسكريين الجزائريين يرون في القوات البحرية التشكيلة الرخوية للجيش الوطني الشعبي، ولذلك لا تريد أن يَظهر المغرب كقوة في البحر المتوسط، خاصة بعد الاهتمام الذي أبداه في اقتناء أسلحة جديدة ومتطورة، كما أنها تراقب بقلق تعزيز المغرب لعقيدته العسكرية التي ترسخت أكثر مع الملك محمد السادس". وقال: "الجزائر قامت بإبرام صفقات مع زبونها الرئيسي روسيا لشراء الغواصات والبوارج البحرية وأنظمة صواريخ أرض جو، للرد على اقتناء المغرب لدبابات أمريكية ومضادات صواريخ"، وزاد: "هذه المناورات تأتي بعد المناورات البرية التي كانت قد قامت بها القوات الجزائرية في الصحراء في المنطقة العسكرية الثالثة، بالقرب من تندوف، والتي ترأسها القائد الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش. "كما قامت القوات الجوية بمناورات في الصحراء الجزائرية قرب المنطقة العسكرية السادسة في تمنراست التي تتواجد في قاعدتها صواريخ بعيدة المدى (S-300P)، يقول الخبير العسكري، الذي أضاف: "هذه المناورات البحرية تأتي لتتويج باقي المناورات الأخرى ولإعطاء دليل على أن القوات العسكرية الجزائرية لها نفس مستوى القوات الملكية". وحول الاسم الذي أطلقته وزارة الدفاع الجزائري على هذه المناورات يقول المكاوي إن "الطوفان مصطلح ديني مأخوذ من التراث ومن قصة نوح، وتابع: "اختيار هذا الاسم مردّه رفع معنويات أفراد القوات العسكرية الجزائرية، كما يدخل في إطار الحرب النفسية التي تشنها الجزائر على المغرب ومحاولة لتجييش "الضباط" العسكريين الجزائريين". وختم تصريحه: "الجيش الوطني الشعبي يعرف أزمة على مستوى القيادة وعلى مستوى السيطرة في تحديد المعلومات العسكرية وفي تجنيد القوات، وأورد: "هذه الأزمة تغطيها مثل هذه المصطلحات الدينية"، وفق تعبيره.