بشكل مضطرد يمضي خيار العسكر نحو كسب مساحة أكبر في المنطقة المغاربية؛ فقد بادر الطرف الجزائري بدوره إلى المناورة الحربية، اليوم الاثنين، بمنطقة وهران الحدودية، ردا على تحرك القوات المسلحة الملكية للتدرب بمنطقة الراشيدية على الحدود الشرقية، وسلوك الجنرال خليفة حفتر خيار التصعيد لاختراق كل المناطق التي استعصت عليه داخل التراب الليبي. واستنفرت وزارة الدفاع الوطني الجزائري كل قواها من أجل ضمان تنقل الجيش الوطني الشعبي إلى الناحية العسكرية الثانية بمنطقة وهران قرب الحدود المغربية للقيام بتمرين تكتيكي بالذخيرة الحية، وذلك بحضور قائد أركان الجيش، القايد صالح، الذي سيعاين مناورات تتعلق بالتحضير القتالي ومن المنتظر أن يبقى رفقة قوات الجيش لثلاثة أيام من أجل تتبعها. ورغم الأوضاع السياسية المتقلبة بالجزائر ودخول القايد صالح طرفا مباشرا فيها، إلا أن طبيعة التحركات التي تعرفها المنطقة على المستوى العسكري حتمت على كبير العسكر الجزائري الحضور، خصوصا بعد التنسيق عالي المستوى الذي قام به المغرب مع الجيش الأمريكي خلال مناورات الأسد الإفريقي 2019، التي شهدت حضور راجر كلودي، القائد العام لقوات الجيش الأمريكي بالقارة الإفريقية. وينظم الجيش المغربي، ابتداء من اليوم الاثنين، مناورات عسكرية هي الأضخم في تاريخ الجيش الملكي، تحمل اسم جبل صاغرو، بمشاركة وحدات برية وجوية مختلفة، بمطقة جبل صاغرو بين تاغونيت وفوم زكيد، بالقرب من الحدود الجزائرية، وهي المنطقة التي تحمل دلالات كبيرة في علاقة المغرب بالجارة الشرقية، حيث شهدت اعتداءات الجيش الجزائري على الأراضي المغربية في أكتوبر 1963، ما أدى إلى نشوب حرب الرمال. وفي هذا الصدد، قال الخبير العسكري، عبد الرحمان المكاوي، إن "المتتبع للأحداث والتطورات بشمال إفريقيا سيجد أن المنطقة ملتهبة وغير مستقرة، حيث إن كل الأطراف تحاول تجريب جيوشها عن طريق مناورات برية أو بحرية"، لافتا إلى أن "تواجد الفريق القايد صالح بوهران غير عادٍ، خصوصا وأن المناورات الجزائرية تنفذ في مرسى الكبير، أكبر قاعدة بحرية في البحر الأبيض المتوسط". وأضاف المكاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "التحرك الجزائري يأتي في سياق مناورات الراشيدية التي ينظمها المغرب، فضلا عن تحرك الخليفة حفتر جوا صوب منطقة طرابلس للسيطرة عليها، وهو ما سيمكنه من دخول بقية المناطق"، مشيرا إلى إمكانية لعب الجيش الجزائري بورقة الأمن القومي من أجل الالتفاف على مطالب الشارع والحراك الجزائري. وشدد الخبير العسكري المغربي على "ضرورة تتبع المناورات الجزائرية في وهران، والخطاب المرتقب للقايد صالح بعدها"، مؤكدا أن الجيش قد يستغل هذا الوضع لإعادة سيناريو المؤامرة الخارجية وإسكات الشارع، موردا أن "كل الدول لها جيوش، باستثناء الجيش الجزائري الذي يتوفر على دولة".