يتواصل أفول الحركات الانفصالية في العالم؛ فبعد إعلان حركة "فارك" الكولومبية وضع حدٍّ للنزاع المسلّح مع القوات الكولومبية، ودخولها في مفاوضات مع حكومة كولومبيا، أعلنت منظمة "إيطا" الباسكية، المطالبة باستقلال إقليم "الباسك" عن إسبانيا، بدورها، حلّ نفسها. منظمة "إيطا"، وبعد حوالي ستين سنة من الوجود، تخللته أعمال مسلّحة خلفت العديد من الضحايا في المملكة الإسبانية، أعلنت بشكل رسمي وضع حدّ نهائي لمختلف أنشطتها، سواء المسلحة، أو مبادراتها السياسية، لتضع بذلك حدا لمطامعها السياسية في استقلال إقليم الباسك. إعلان منظمة "إيطا" الباسكية حلّ نفسها سيكون له تأثير إيجابي لصالح المغرب في نزاعه مع جبهة البوليساريو الانفصالية، على المستوى الخارجي، وعلى مستوى الترافع به من طرف المملكة مع الأممالمتحدة ومع أوروبا ومع مختلف التيارات التي تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية، حسب نوفل البعمري، المحامي والباحث في شؤون الصحراء. ويرى البعمري أن حركة "إيطا" الباسكية بعد حلّ نفسها ستتحول مع الوقت إلى حركة سياسية قد تأخذ طابع حركة سياسية-قومية، وتندمج في الحياة العامة، خاصة الانتخابية والمؤسساتية منها على مستوى تدبير إقليم الباسك. هذا التحوّل، حسب البعمري، من الناحية السياسية قد يكون له تأثير على نظرة أوروبا إلى حل مثل هذه النزاعات، وعلى رأسها النزاع حول الصحراء، ووجود حركة انفصالية مسلحة، وسيعزز من فرص الحل السياسي الذي اقترحه المغرب على المنتظم الدولي باعتبار جل النماذج التي عانت من الانفصال ومن وجود حركات انفصالية مسلحة انتهت بالتفاوض والحل السياسي في إطار الحفاظ على وحدة الدول والشعوب. ويقترح المغرب اعتماد نظام الحكم الذاتي في الصحراء لحل نزاعه مع جبهة البوليساريو، والذي عمّر أزيد من أربعين سنة. ويقوم الحكم الذاتي الذي يقترحه المغرب على تدبير الشؤون السياسية والإدارية والاقتصادية المحلية تحت السيادة المغربية. ويشير نوفل البعمري إلى أنّ عددا من الحركات الانفصالية في العالم انتهى بها المطاف إلى التحول إلى حركات سياسية، كما هو الشأن بالنسبة لحركة "فارك" الكولومبية، ومنظمة الجيش الجمهوري الإيرلندي السري، إذ دخلت في مفاوضات سياسية مع الدول التي كانت تطالب بالانفصال عنها. ورغم توقعه أنْ يعزز قرار حلِّ منظمة "إيطا" الباسكية لنفسها قوة الموقف المغربي فإنَّ نوفل البعمري يرى أنَّ هناك فرْقا بين هذه المنظمة وغيرها من المنظمات الانفصالية التي حلّت نفسها وبين جبهة البوليساريو الانفصالية؛ ذلك أنّ الأخيرة "لا تلمك قرارها السيادي". وأوضح الباحث في شؤون الصحراء أنَّ جبهة البوليساريو "لا تستطيع أنْ تتخذ أي مبادرة شجاعة من هذا النوع، لأنها اختارت أن تكون أداة طيّعة في يد النظام الجزائري، وهو ما يعقّد الحلّ السياسي لنزاع الصحراء، ويشكل حجر عثرة في وجه كل تقدّم ممكن في هذا الملف"، وفق تعبيره.