أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتماد ال3 من ماي في كل سنة يوما عالميا لحرية الصحافة..في هذا اليوم تساؤلات عديدة تطرح حول حرية الصحافة بالمغرب.صنف المغرب في المرتبة 135 عالميا من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة، الذي تنشره منظمة مراسلون بلا حدود سنويا، وسجل بذلك تراجعا برتبتين مقارنة بالسنة الماضية. صورة قاتمة وحسب التقرير الذي أصدرته المنظمة فإن "الترتيب قد كشف الضغوطات التي يتعرض لها الصحافيون في شمال إفريقيا عموما، من الإطار التشريعي الضيق، والقيود التي تعيق ممارسة معنى الصحافة في الميدان، خاصة خلال الاحتجاجات، إضافة إلى المواضيع المحظورة، والتي تشكل عوائق تمنع الصحافيين من أداء دورهم، وتأمين أخبار مستقلة، تعددية، وحرة". وعن أسباب هذا التراجع ورد في التحليل المرفق بالتقرير أن "الملاحظات المسجلة خلال هذه السنوات تؤكد إرادة أصحاب القرار في المنطقة التحكم في الإعلام، وتعقب الصحافيين الذين يتجرؤون على تناول مواضيع ممنوعة، كالفساد الإداري، والتهرب الضريبي، واللوبيات الضاغطة، أو حتى تغطية الاحتجاجات". وفي بلاغ صدر اليوم، انتقدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان "ضعف الضمانات الدستورية والقانونية الكفيلة بحماية حرية الصحافة وحق الولوج إلى المعلومة بدون قيود، واستمرار المتابعات والاعتقالات والمحاكمات غير العادلة في حق الصحافيين، ومنع الجرائد الوطنية والأجنبية من التداول وفرض الرقابة عليها"، مؤكدة علاقة هذه الممارسات بتصنيف المغرب "المتدني" في تقرير منظمة مراسلون بلا حدود لمؤشر حرية الصحافة في العالم. وأورد البلاغ أن "الجمعية سجلت ما تقوم به مختلف قوى الأمن من اعتداءات فجة، وعنيفة أحيانا، في حق عشرات الصحافيين أثناء أدائهم واجبهم المهني، مستهدفة المساس بسلامتهم الجسدية، وعرقلة ممارستهم لعملهم؛ فيما توقفت عند مواصلة السلطات سياسة الضبط والتحكم في المجال الصحافي، عبر طبخ الملفات والمتابعات القضائية، واستصدار الأحكام القاسية والجائرة والعقوبات السجنية والغرامات المالية الكبيرة، واعتماد أسلوب تسييس مصادر التمويل والإشهار". وانتقدت الجمعية استمرار الدولة ومؤسساتها في "فرض الاحتكار والوصاية" على وسائل الإعلام العمومية، معتبرة إياه تعارضا مع مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان، وخدمة مصالح المواطنين الذين يدفعون الضرائب مقابل هذه الخدمة العمومية؛ كما أشارت إلى "الإقصاء الذي يطال المنظمات الحقوقية وكافة الهيئات المنتقدة لتلك السياسيات"، معتبرة إياه "انتهاكا لحق هذه المنظمات في الاستفادة من خدمات وسائل الإعلام العمومية". وأعلن المكتب المركزي للجمعية تضامنه مع جميع الصحافيات والصحافيين الذين طالتهم الاعتقالات والمتابعات والتضييقات، مطالبا بإطلاق سراح المعتقلين منهم وإلغاء المتابعات الجارية ضدهم، والأحكام الجائرة الصادرة في حق البعض منهم؛ كما دعا إلى وقف الانتهاكات التي تمس حرية الصحافة وحقوق الصحافيات والصحافيين، ووضع حد لإفلات المعتدين على نساء ورجال الإعلام من العقاب، مطالبا بتمكين الصحافيات والصحافيين من الحق في الولوج إلى المعلومة في إطار حماية المصادر. من جهته أصدر مكتب إعلام جماعة العدل والإحسان بلاغا هذا اليوم سجل فيه "الارتباك الذي يشهده التنظيم الرسمي للمشهد الإعلامي"، مُدينا كل الخروقات المسجلة في حق الجسم الصحافي والممارسة الصحافية. وعبرت "العدل والإحسان" عن "دعمها لكل الصحافيين الذين يتابعون بسبب خطوطهم التحريرية أو كتاباتهم بقانون غير مدونة الصحافة والنشر، وتضامنها مع سائر الممنوعين ومن طالهم العسف المخزني". كما عبر البلاغ عن رفض الجماعة القاطع وإدانتها الحاسمة لاستعمال القضاء في تصفية الحسابات مع الأقلام الحرة من صحافيين ومدونين، وإرهاب الناشطين للحد من التعبير عن آرائهم، بجرّهم إلى محاكمات بتهم اعتبرتها "ترجع بالمغرب إلى عهود رصاصية بائدة". مكتسبات "محتشمة" من جهته قال الأمين العام للمجلس الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، يونس مجاهد: "إن تقرير "مراسلون بلا حدود" والتصنيف الذي تنشره سنويا غير دقيق، والمنظمة نفسها تعترف بأنه تقريبي، وبأن هدفه هو تحفيز الدول على احترام حرية الصحافة". ونبه مجاهد إلى أنه لا يمكن الطعن في مصداقية العديد من المعطيات والوقائع التي يتضمنها التقرير، باستثناء التصنيف الرقمي، الذي لا يمكن اعتباره ناجحا لأن المنهجية المعتمدة فيه كمية، ولا يمكن استعمالها في مسائل معقدة من قبيل قياس الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية الصحافة. وأضاف المتحدث ذاته أن مراجعة تصنيف الدول المنشور في موقع المنظمة كافية لكشف دول متقدمة في أرض الواقع في ممارسة حرية الصحافة، لكنها مصنفة في مراتب متأخرة مقارنة مع بلدان أخرى أقل منها في هذه الممارسة، معطيا المثال بتونس المصنفة 97 عالميا. وعن تقييم النقابة الوطنية للصحافة المغربية لواقع ممارسة هذه الحرية، يقول يونس مجاهد إن النقابة سجلت إصلاحا قانونيا يتضمن بعض المكتسبات، وإن كان لا يرقى إلى مستوى انتظارات الجسم الصحافي، إذ تم نقل فصول من قانون الصحافة إلى القانون الجنائي، تتضمن عقوبات سالبة للحرية، وأضاف أن ممارسة مبادئ الخدمة العمومية في وسائل الإعلام المملوكة للدولة لم تتقدم بالشكل الكافي، زيادة على استمرار ظاهرة الاعتداء على الصحافيين، ومتابعة بعضهم بتهم ومساطر لا تحترم القانون، أو تؤوله بشكل غير صحيح. واعتبر مجاهد في الآن ذاته أن هناك تقدما في الوضع العام لحرية التعبير في المغرب، مقارنة مع السنوات السابقة، مشيرا إلى أن الضمانات لا تتوفر دائما لممارسة هذه الحرية، إذ يمكن أن تحصل انتهاكات في أي لحظة، ومذكرا بأن هذه الضمانات تمنحها العدالة، الساهرة على احترام القانون وحسن تأويله. وأشار مجاهد إلى ما جاء في تقرير النقابة الذي نشرته بمناسبة اليوم الوطني للصحافة، من ضرورة إحداث سياسات عمومية، مبرمجة ومخطط لها، من أجل تطوير ممارسة المهنة وحرية الإعلام، معتبرا أن "من المستحيل تحقيق التقدم بدون إرادة سياسية، مع مساهمة كل المتدخلين في القطاع". ويعتبر اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف 3 ماي من كل سنة مناسبة لإعلام الجمهور بشأن الانتهاكات التي تتعرض لها حرية التعبير في عشرات البلدان حول العالم، وبأن الصحافيين والمحررين والناشرين يتعرضون للمضايقات والاعتداءات، ويتم اعتقالهم، بل وقتلهم أحيانا، إضافة إلى كونه يوما لإحياء ذكرى هؤلاء الصحافيين الذين ضحوا بحياتهم في سبيل الحصول على المعلومات وبثها للعالم. كما يمثل هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بحاجتها إلى الوفاء بالتزاماتها تجاه حرية الصحافة، كما أنه يمثل يوما للتفكير مع المهنيين في مجال الإعلام في مواضيع تتعلق بحرية الصحافة والأخلاقيات المهنية. *صحافية متدربة