ناقش مجموعة من الشباب موضوع "دور حقوق الإنسان في تحقيق العيش مشترك"، ضمن المقهى الثقافي الذي نظمته كل من "أمنستي" (منظمة العفو الدولية فرع المغرب) وحركة المواطنين، بمدينة الرباط. وتداول الحاضرون في "المقهى المواطن" عدة نقاط همت محاولة تعريف العيش المشترك وقياس أهميته، إذ عرفه البعض بتكامل الأفراد في ما بينهم بشكل يغطي فيه كل واحد النقص الموجود لدى الآخر؛ فيما ركز آخرون على كون الحروب التي تسود العالم أحد مظاهر غياب العيش المشترك. واتفق الحضور على كون المغرب تميز بهوية أصيلة عبر التاريخ، شكل فيها العيش المشترك جزءا مهما، "إلا أنها بدأت في التلاشي مع تنازع تيارين، أحدهما محافظ والآخر ليبرالي، ما جعل المجتمع يعيش سكيزوفرينيا"، على حد تعبير أحد المشاركين. وطرحت مداخلات عدد من المشاركين الجدل حول الأزمات التي يعاني منها المغرب، فتحدث البعض عن أزمة القيم وأزمة الهوية، معتبرين أنهما عاملان أساسيان في تدهور حقوق الإنسان، ومؤكدين أنه حين تختفي الإنسانية من المعاملات بين الأفراد تترك المجال واسعا أمام تمييز الآخرين وفق صور نمطية جاهزة كرستها التنشئة الاجتماعية بمختلف أشكالها. والحديث عن التنشئة الاجتماعية قاد النقاش مباشرة إلى دور كل من الأسرة والمدرسة والإعلام، باعتبارها الركائز الأساسية التي تساهم في تنشئة الفرد، مع التأكيد على ضرورة حضور ثقافة حقوق الإنسان، التي بدونها لن يتحقق العيش المشترك. وركز الحاضرون على عدد من الحقوق والحريات، كحرية المعتقد، والحق في الاختلاف، والعدالة الاجتماعية؛ فيما شدد آخرون على كون حقوق الإنسان كلا غير قابل للتجزيء، معتبرين أن غياب أدنى حق يعصف بهذا العيش المشترك. وخرج "المقهى المواطن" بتوصيات لترسيخ حقوق الإنسان، وتحقيق العيش المشترك، إذ خلص الحاضرون إلى كون الديمقراطية هي السبيل الرئيسي، مؤكدين وجوب تجاوز هذا المفهوم للبعد السياسي، ليصل إلى الشق الاجتماعي، مع التأكيد على حقوق الأقليات؛ فيما ذهب آخرون إلى اعتبار العلمانية والفصل التام للدين عن باقي القضايا الحل للخلاص من تردي العيش المشترك. وذكر بعض المشاركين عدة نماذج عن دول غربية وأخرى ذات أغلبية مسلمة نجحت في تطبيق العلمانية، واختلف معهم آخرون في ذلك، مؤكدين أن نسخ التجارب الأخرى أمر غير صحي، وموردين أن على المغاربة أن يخلقوا نموذجا خاصا بهم يراعي "تامغرابيت" الخاصة بهم، كما جاء على لسان المسير. وختم مسير اللقاء بقوله: "إن بداية الخلاص هي حين نبدأ بالاستثمار في الإنسان، وحين نرصد لذلك ميزانية أكبر من تلك المخصصة للبنى التحتية"، مشددا على كون ذلك رافعة لترسيخ مبدأ "المسؤولية الفردية" لكل فرد داخل المجتمع. يذكر أن هذا المقهى الثقافي يأتي ضمن سلسلة من اللقاءات التي تنظمها حركة المواطنين بشراكة مع عدة جمعيات، وتتناول فيها مواضيع تهم حقوق الإنسان، من أجل ترسيخ هذه الثقافة في المجتمع، وتركز فيها على فئة الشباب، وعلى دورها الطلائعي في تحقيق العيش المشترك. *صحفية متدربة