انطلقت اليوم الإثنين بمراكش،أشغال المؤتمر السنوي للبعثة العلمانية الفرنسية والمكتب المدرسي والجامعي الدولي،تحث شعار "إنسانية بألوان التعددية .. كيف نؤسس لمدرسة تكون نواة لإنسانية حديثة"،وذلك بمشاركة نخبة من السياسيين وعلماء الاجتماع والأكاديميين والباحثين في المجال التربوي. وقال رئيس البعثة السيد إيف أوبان دو لا مسوزيير،خلال الجلسة الافتتاحية لهذا المؤتمر الذي ينعقد الى غاية 21 أبريل الجاري،إنه في سياق عالمي تزداد فيه حدة التنافسية،وفي ظل الرغبة في ضمان تنافسية التعليم الفرنسي بالخارج،تجعل البعثة من تعزيز تعلم اللغات والثقافات الوطنية أمرا ضروريا. وأضاف أنه "ينبغي لنموذجنا أن يقوم على التقاسم،لكوننا نتقاسم اللغة الفرنسية مع المغرب والبلدان الأخرى في المنظمة الدولية للفرنكوفونية"،مبرزا في هذا الاطار،أن "البعثة العلمانية تؤمن بمبدإ تقاسم ما هو عالمي في قيمنا،مع احترام مختلف الثقافات والحساسيات". وبعدما سجل أن مفهوم "العلمانية" يمكن أن يؤدي في بعض الأحيان إلى الخلط في الخارج وفي العالم العربي،أوضح السيد دو لا مسوزيير أن المؤسسات التابعة للبعثة والمكتب المدرسي والجامعي الدولي،التي تستقبل الأطفال من كافة الأعراق والثقافات،تتجاوز مهمتها النجاح المدرسي إلى ترسيخ التفكير الحر لديهم،واحترام الآخر واستيعاب الموروث التاريخي والانفتاح على العالم في تنوعه،وذلك بفضل إتقان عدة لغات. من جهته،توقف السيد إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال نقاش حول موضوع،"في عالم متغير"،عند بروز الشباب في الساحة العربية،موضحا أن العالم العربي يواجه اليوم رهانات كبرى ذات صلة بالانتظارات السوسيو اقتصادية والتشغيل والتكوين. وأضاف رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن العنصر الثاني المشترك في جميع البلدان العربية هو بروز المرأة في الحياة العامة،وهو ما مكنها من تحقيق نوع من الإقلاع الثقافي بالمنطقة وذلك بفضل مبادرات التمدرس المكثفة. وأشار إلى أنه من بين هذه العوامل المشتركة أيضا تمكن الفرد من فرض نفسه كفاعل أساسي ينتظم ويفكر بشكل مستقل،بدون الرجوع بالضرورة إلى الأنماط القديمة للفكر أو التنظيمات،كالنقابات والأحزاب والجمعيات. وفي ما يخص المغرب،سجل السيد اليزمي أن خصوصية المملكة تتمثل في توفرها ومنذ سنوات على مسلسل واسع من الاصلاحات،والتي همت بالأساس مدونة الأسرة،وإنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،وتجربة هيئة الإنصاف والمصالحة معتبرا أن هذا المسلسل يشهد تسريع وتيرة تقدمه. وأضاف أن هذا المسلسل تعزز،على الخصوص بتنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي،وتوسيع صلاحيات المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتعزيز استقلاليته،والخطاب الملكي ليوم تاسع مارس حول تعديل الدستور. وخلص السيد اليزمي إلى أن المغرب يتميز أيضا بفتح نقاشات واسعة ديمقراطية وهادئة ومتعددة،حول العديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية،في الوقت الذي تواصل فيه اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور عملها. ومن جانبه،أشاد السيد أوبيرت فيدرين،الوزير الفرنسي الأسبق للشؤون الخارجية،بالإصلاحات الكبرى التي قام بها المغرب منذ سنوات،على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية،مؤكدا على التفاعل الايجابي بين الملكية والمجتمع. وبعد أن قدم لمحة عامة عن الوضع في العالم العربي،أبرز السيد فيدرين التحولات المسجلة على الصعيد الدولي،مركزا على الدور الذي يمكن أن تضطلع به فرنسا وأوربا في عالم متغير. يشار إلى أن البعثة العلمانية الفرنسية،وهي جمعية أهلية ذات منفعة عامة معترف بها منذ سنة 1907،تهدف الى نشر اللغة والثقافة الفرنسيتين في العالم عن طريق التعليم العلماني متعدد اللغات والثقافات،حيث أنها تؤسس وتدير مؤسسات تعليمية وثقافية أو أكاديمية عن طريق مواردها الخاصة أو في إطار الشراكة. وتعد هذه البعثة بصفتها شريكة للدولة،جزءا من شبكة التعليم الفرنسي في العالم والذي تمنحه هوية مشروعها الخاص حيث تعتمد على وزارة التربية والشؤون الخارجية والأوروبية،وتعمل بتعاون وثيق مع النظم التعليمية للمؤسسات في البلدان المضيفة.