انتصار جديد حققه مناهضو عقوبة الإعدام في العالم خلال سنة 2017. الأرقام التي تضمنها التقرير السنوي العالمي لمنظمة العفو الدولية "أمنيستي"، سجّلت انخفاض عدد عمليات الإعدام المنفذة سنة 2017 بنسبة 4 في المئة مقارنة مع سنة 2016، وبنسبة 39 في المئة مقارنة مع سنة 2015. وحققت دول إفريقيا الجنوبية قفزة كبيرة خلال السنة الفارطة في مجال تنفيذ عقوبة الإعدام؛ إذ لم يُسجّل تنفيذ هذه العقوبة سوى في بلديْن، هما الصومالوجنوب السودان؛ ما دفع بمنظمة العفو الدولية إلى دعوة المغرب إلى الاحتذاء بالدول الإفريقية جنوب الصحراء، التي تَعتبرها "بارقة أمل" في مجال إلغاء عقوبة الإعدام. الكلمة التقديمية للندوة الصحافية التي قدم فيها فرع منظمة العفو الدولية تقريره السنوي في الرباط، حفَلت بقلق كبير إزاء استمرار المغرب في إصدار أحكام الإعدام، رغم أنَّ تنفيذ هذه العقوبة، التي تصفها "أمنيستي" ب"غير الإنسانية والمهينة"، توقف منذ سنة 1993. مسؤولو "أمنيستي" المغرب حرصوا على التنويه بسيْر الدول الإفريقية جنوب الصحراء نحو القطع النهائي مع عقوبة الإعدام، وطرحوا، في المقابل، سؤال "أينَ موقعُ المغرب في هذه المسيرة الإنسانية الكبرى من أجل أنسنة العالم والانتصار للحق في الحياة؟". وكان المؤتمر الإقليمي الثالث حول عقوبة الإعدام المنعقد بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان، يومي 9 و10 أبريل الجاري، قد أعطى إشارات إلى أنَّ إفريقيا تمضي في اتجاه القطع النهائي مع عقوبة الإعدام. ويتساءل مسؤولو "أمنيستي" ما إذا كان المغرب سيلتحق بركْب الدول الإفريقية التي ألغت عقوبة الإعدام، بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي. وقال صلاح العبدلاوي، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية بالمغرب، الذي تلا الكلمة التقديمية للندوة الصحافية التي عقدتها المنظمة بالرباط، إنّ الحكومة المغربية "تدّعي أنّ عقوبة الإعدام ضرورية لردْع الجريمة، والحفاظ على الخصائص الدينية والثقافية للمجتمع، وتنسى أنَّ تطبيق عقوبة الإعدام يربّي الأجيال على ثقافة العنف والانتقام والدّم، ولا يردع الجريمة". وبالرغم من أنَّ المغرب أوقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، إلا أنَّ مسؤولي منظمة العفو الدولية شدّدوا على أنَّ هذا التوقيف لا يكفي؛ وقال محمد السكتاوي، المدير العام ل"أمنيستي" المغرب: "نحن نطالب بإلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي المغربي، وما دام أنَّ هذا لم يتمّ، فستظلّ سيْفا مُسلّطا على رقاب المحكومين بها رغم وقف تنفيذها". ويبلغ عدد المحكومين بالإعدام في المغرب 95 شخصا. وخلال سنة 2017 ارتفع عدد أحكام الإعدام الصادرة في المغرب ب 15 حُكما. وقالت منظمة العفو الدولية إنها تشعر بالقلق "من استمرار الحكومة في مغازلة المشاعر الشعبوية، وتوظيف معتقدات الناس الدينية في الاتجاه الذي يخدُم المصالح السياسية الضيقة، ولا يخدم التقدم الإنساني وأنسنة المجتمع". وللسنة الثانية على التوالي، وجّهت منظمة العفو الدولية المغرب مذكرة إلى رئيس الحكومة، عشية تقديم تقريرها السنوي الخاص بأحكام وعمليات عقوبة الإعدام، حثّتْه فيها على اتخاذ خطوات تكفل تصويت المغرب إيجابا على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، المزمع عرضه في الأممالمتحدة نهاية السنة الجارية. كما حثّت المنظمةُ الحقوقية رئيسَ الحكومة على التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، من دون إبداء أيّ تحفظات. وما زال المغرب يمتنع عن التصديق عن هذا البروتوكول. وترى منظمة العفو الدولة أنه لا جدوى من الاستمرار في الاحتفاظ بعقوبة الإعدام في القانون لردع الجريمة، وتَعتبر أنَّ "أساس العدالة وتحقيقَ التنمية والرفاه الاجتماعي يقوم على احترام الكرامة الإنسانية وليس بهدر الحياة".