دعت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) الحكومة المغربية إلى "التخلي عن الازدواجية التي يتسم بها خطابها إزاء مسألة إلغاء عقوبة الإعدام"؛ إذ توجه خطابا إلى الخارج فحواه أن المغرب يمضي نحو إلغاء عقوبة الإعدام، فيما تخاطب الداخل بأن هذه العقوبة لن تلغى. وفي ندوة لتقديم التقرير السنوي حول عقوبة الإعدام في العالم، قدم مسؤولو منظمة العفو الدولية-فرع المغرب نموذجين ل "التناقض" الذي يسم خطاب الحكومة بشأن إلغاء هذه العقوبة؛ أولهما تصريح لوزير العدل في المؤتمر السابع لإلغاء عقوبة الإعدام ببروكسل قال فيه إن الإعدام لن يطبق في المغرب مستقبلا، والثاني تصريح لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان عبّر فيه عن دعمه للإبقاء على عقوبة الإعدام مع مراجعة الترسانة القانونية لتخفيض عدد الأفعال الموجبة لها. وعبّرت منظمة العفو الدولية عن خيبة أملها من تعاطي الحكومة المغربية مع مطلب إلغاء عقوبة الإعدام، معتبرة أن خطاب الحكومة إزاء هذه العقوبة "يعبر عن استمرار حالة الفصام السياسي بين خطابين متناقضين". في هذا الإطار، قال محمد السكتاوي، الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية-فرع المغرب، إن الحكومة المغربية تتبنى خطابين مزدوجين بشأن إلغاء عقوبة الإعدام، واحد موجه إلى الخارج، والثاني موجه إلى الداخل، داعيا، في تصريح لهسبريس، الحكومة إلى تأويل إيجابي للدستور الذي ينص على أن الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان. السكتاوي دعا أيضا القضاء المغربي إلى "أن يكون في مستوى هذه اللحظة التاريخية بأن يستعمل سلطته التقديرية لتفادي النطق بأحكام الإعدام"، كما دعا الحكومة إلى "التصديق وبدون تأجيل على القرار الأممي القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام"، معتبرا أن "إلغاءها سيكون خطوة أساسية نحو الاستئصال النهائي لهذه العقوبة اللاإنسانية والحاطة بالكرامة الإنسانية". ويوجد في سجون المغرب 93 شخصا محكوما بعقوبة بالإعدام، لكن تم إيقاف تنفيذ هذه العقوبة منذ سنة 1993، غير أن محاكم المملكة ما زالت تصدر أحكاما بالإعدام وإن كانت لا تنفذ، وما زال المغرب متحفظا عن المصادقة على القرار الأممي القاضي بالإلغاء التام لعقوبة الإعدام، رغم مطالب المنظمات الحقوقية المدعومة بتوصية هيئة الإنصاف والمصالحة المطالبة بإلغائها. ووجهت منظمة العفو الدولية، اليوم الأربعاء، رسالة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بعنوان "العدالة لا تقتل.. بل تنتصر للحياة"، دعته فيها إلى التصديق على البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي ينص على الإلغاء التام لعقوبة الإعدام، واعتماد مشروع قانون بشأن إلغاء عقوبة الإعدام في التشريع والممارسة وعرضه على البرلمان المغربي. وقالت المنظمة الحقوقية الدولية، في رسالتها إلى رئيس الحكومة المغربية، إن "إجماعا عالميا يتشكل، ببطء لكن بثبات، باتجاه وضع حد لاستخدام عقوبة الإعدام"، مشيرة إلى أن 106 دول ألغت عقوبة الإعدام في القانون بالنسبة لجميع الجرائم، بنهاية العام 2018، في حين قامت 142 دولة بإلغاء عقوبة الإعدام في القانون والممارسة. وكانت "أمنستي" تتوقع أن تُسهم عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي في تغيير موقفه من عقوبة الإعدام، على اعتبار أن غالبية دول الاتحاد ألغت هذه العقوبة، لكنّ أملها خاب بعد امتناع الرباط مجددا، شهر دجنبر الماضي، عن التصويت لصالح القرار الأممي السابع للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يدعو الدول إلى وقف تنفيذ عمليات الإعدام، والذي حظي بالأغلبية الساحقة للدول الأعضاء في الأممالمتحدة. واعتبرت منظمة العفو الدواية أن الحكومة المغربية "ما زالت تسير على طريق الأقلية المسدود، مدّعية أن عقوبة الإعدام ضرورية لردع الجريمة والحفاظ على الخصائص الدينية والثقافية للمجتمع، وتنسى أن تطبيق عقوبة الإعدام يربي الأجيال على ثقافة العنف والانتقام والدم، ولا يردع الجريمة".