في سابقة من نوعها، أصدرت جمعية أساتذة علوم الحياة والأرض بالمغرب، بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، وكتابة الدولة لدى وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة المكلفة بالتنمية المستدامة، دليلا يخص تدبير النفايات المنزلية بعنوان "تدبير النفايات المنزلية بالمغرب، مقاربة بديلة ومبتكرة". وبحسب تصريح أدلى به لهسبريس عبد الرحيم قصيري، رئيس جمعية أساتذة علوم الحياة والأرض بالمغرب، فإن الدليل لا يعتمد على تحاليل نظرية، لكنه نتيجة دراسة امتدت لأربع سنوات في 22 مدينة مغربية، وقال إن الدراسة "همت تحليل الوضعية الحالية، وإعطاء تحليل موضوعي، وضعت بناء عليه مجموعة من المقترحات". وبالحديث عن الصدى الذي ينتظر أن يخلفه إصدار من هذا النوع، صرح رئيس الجمعية بأن "هذا الدليل ليس منفردا، إنما يأتي ضمن مسلسل برنامج موسع من التعبئة والتواصل مع المواطنين، ومع الجماعات الترابية، والمسؤولين، حتى يجري نقل التجارب الدولية الناجحة وتنزيلها على مستوى الأحياء". وعن الحلول المبتكرة التي يقدمها الدليل، قال عبد الرحيم قصيري إن الفكرة الأولى التي جاء بها الدليل "تتعلق بتغيير نظرة المواطن والمسؤول إلى هذه النفايات". وأضاف موضحا: "حين يتم النظر إليها باعتبارها قاذورات، فإنه يجري مباشرة التفكير في كيفية التخلص منها، في حين إذا ما تم النظر إليها على أساس أنها موارد جديدة، فعندها سوف ننتقل إلى التفكير في كيفية استثمارها وتثمينها". ويتضمن الدليل الذي توصلت هسبريس بنسخة منه، عرض تجربة على المستوى الوطني بعنوان "مشروع الإنتاج المشترك للنظافة"، يرمي إلى الارتقاء بجمالية ونظافة فضاءات العيش ب 90 حيا سكنيا، و100 مؤسسة تعليمية، و22 موقعا طبيعيا. كما يسعى إلى تنمية قيم التضامن والعيش المشترك، وتعبئة وتنسيق تدخلات مختلف الفاعلين والشركاء المحليين والوطنيين. وسجل "مشروع الإنتاج المشترك للنظافة" نجاح 69 حيا ب 22 مدينة في إرساء عملية الفرز من المنبع، بنسب متفاوتة وصلت إلى 100% ببعض الأحياء. وفي نتائج المدارس، ذكر الدليل نجاح المشروع في إرساء عملية الفرز ب 94 مؤسسة تعليمية رائدة، وتمكين المتعلمين من القدرات القيمية والمعرفية والسلوكية الضرورية للتغيير الإيجابي على مستوى المجتمع. أما فيما يخص المقاولات، فقد أورد الدليل انخراط مجموعة من مؤسسات القطاع الخاص في المشروع. وسجلت الجمعية كذلك في نهاية المشروع انخراط ما يتجاوز 90 ألف فرد، يتوزعون على حوالي 20 ألف أسرة، مما يثمن هدف "مشروع الإنتاج المشترك" الذي يركز على المواطن باعتباره الفاعل والمستفيد الأساسي من عملية التغيير. ووفقا لحسابات الجمعية، فإذا ما جرى تعميم النموذج على المدينة، سيتم اقتصاد أكثر من 4 ملايين درهم، إضافة إلى إحداث مناصب شغل خضراء، مع إمكانية استغلال المبالغ الموفرة والعائدات في إنجاز مشاريع تنموية مهمة. ويعتمد الدليل كمرجعيات كلا من الدستور المغربي الذي ينص في فصله 31 على أن تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تعبئة الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين من الحق في الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة والحق في التنمية المستدامة، والدين الإسلامي الذي يربط بين النظافة والإيمان ويحث على حسن تدبير موارد الطبيعة. بالإضافة إلى اعتماده على كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والميثاق الوطني للتنمية المستدامة. ويعرض الدليل التجارب الناجحة لعدة دول أوروبية كالسويد وسويسرا والمملكة المتحدة، ودول آسيوية كسنغافورة وكوريا الجنوبية، بالإضافة للولايات المتحدةالأمريكية والبرازيل. وبحسب ما ورد في الدليل، فإن المشروع قد نجح في تحقيق خمسة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر؛ ويتعلق الأمر بكل من الهدف الثالث: الصحة الجيدة والرفاه، والهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والهدف الثاني عشر: الإنتاج والاستهلاك المسؤولان، والهدف الثالث عشر: العمل المناخي، وأخيرا الهدف السابع عشر: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف. يذكر أن معدل إنتاج النفايات المنزلية يصل إلى حوالي 6,9 ملايين طن في السنة، وتبلغ كمية النفايات الحضرية وحدها 5,3 ملايين طن في السنة. وغالبا ما يتم التخلص من هذه النفايات في مطارح عشوائية أو في نقط سوداء دون معالجة. وقد بلغت نسبة تدوير النفايات على المستوى الوطني %10 فقط مقارنة بالكمية الإجمالية التي تم جمعها سنة 2015. *صحفية متدربة