منذ سنوات وأنا ألاحظ طبيعة العلاقات الزوجية وسلوك المرأة والرجل المغربي، سواء في مزاولة عملي أو حتى في الوسط المجتمعي، وشاهدت أن المغربي يعاني من المازوشية وأن العلاقات بين الذكور والإناث تطغى عليها الطبيعة السادومازوشية، وليست سوى علاقة سيطرة سلطوية أو علاقة مبنية على القهر والخضوع لمالك زمام القوة. المازوشية: هناك أنواع عدة: المازوشية الجنسية: في هذه الحالة لا يستطيع الفرد الوصول إلى المتعة الجنسية إلا عندما يشعر بالألم الجسدي (بواسطة الضرب مثلا) أو الإهانة (السب، الشتم...) أثناء العملية الجنسية. وهنا ألاحظ أن المغربي في حاجة ملحة إلى العنف اللفظي بين الرجل والمرأة وإلى كثرة النزاعات والصراعات الزوجية، وكل هذه الأزمات تندثر بعد الجماع الجنسي والشعور بالمتعة المؤقتة. ولهذا، تتجدد بعد أيام قليلة دورة أخرى "عنف-نزاع-جنس". المازوشية المعنوية: في هذه الحالة لا يستطيع الفرد أن يحقق رضا وجدانيا إلا إذا أهين بل يتلذذ بالتعرض للمهانة والشعور بالألم. وهذا السلوك شائع عند المغربي؛ بحيث يرى نفسه دائماً في وضع "الضحية" ولا يشعر بوجوده إلا في الشكوى للآخر من مظلوميته الدائمة. فنرى سواء الزوجين أو الأبناء أو الوالدين كلهم يشكون من كونهم "ضحايا". وحتى في العلاقات الزوجية كثيراً ما أرى سواء الزوج أو الزوجة، يجعل كل منهما نفسه في وضع "الضحية". فمثلا الزوجة تشتكي من زوجها لانعدام كرمه المادي "مْكْرْفْسْ عْلِيّا"، بينما الزوج يشكو من زوجته ويتهمها بالتقصير العاطفي والجنسي. المازوشية العاطفية: تجعل من الفرد بشكل دائم 24 على 24 ساعة يؤنب نفسه وينتقد ذاته دائما ويكرر عبارات مثل "أنا مَعْنْدي زْهْرْ، مَعنْدي قيمة، وْأنا مْزيانْ مْعْ كُلشي والناس كاعْ مَكَنْعْجْبْهومْشْ). "المازوشية الذهنية": تتميز بانطواء الشخص على ذاته وانعزاله عن كل ما فيه متعة في الحياة، فينغلق في الاعتزال أو العبادة أو التنسك أو الانزواء ولا يجد متعة إلا في حرمان نفسه من كل ملذات الحياة، وعادة ما يحرم نفسه حتى من الزواج والخروج إلى الحياة العامة. السادية: كل مازوشي هو سادي في الأصل. والسادية بإمكانها أن تتطور وتتحول إلى المازوشية. وأنواع السادية مثلها مثل المازوشية لكن السادي يشعر بالمتعة كلما أخضع الآخرين لانحرافاته السلوكية والجنسية والمعنوية والعاطفية والذهنية. وأرى العلاقات المغربية بصفة عامة، سواء في العمل أو في الشارع أو في الادارات أو بين الأبناء وآبائهم أو في المدرسة أو بين الأزواج، مبنية على السادومازوشيزم؛ حيث نجد دائما طرفاً سادياً والطرف الآخر مازوشياً، وهذا هو سبب عدم رضاء المغربي بصفة عامة عن حياته؛ إذ يرى نفسه دائما ضحية، بل "حتى الحكومة صارت ترى نفسها ضحية لسلوك المجتمع" والشعور بعذاب "الضحية". أسباب المازوشية والسادية الاعتداء الجنسي: وبالخصوص في ثقافتنا مع غياب التربية الجنسية عندما يصبح الطفل أو الطفلة ضحية جنسية ويكتم السر خوفا من المجرم أو من عقاب أبويه كأن ما حدث له هو ذنبه. ولهذا، فإن الضحية عادة عند وصولها إلى عمر البالغين وولوجها عالم الحياة الزوجية، لا بد لها أن تشعر في لاوعيها بالألم والعذاب أثناء الجنس للوصول الى المتعة وكأنها تنتقم من نفسها بطريقة لا واعية عن "الذنب" الذي اركبته في صغرها عندما كانت ضحية للاعتداء الجنسي. العنف التربوي والديني: إن الطفلة إذا كانت ضحية للعنف الجسدي وللإهانة ثم جرى حرمانها من الحرية في لباسها، مثلا، لأن الذكور (الأخ والأب) يسلبان منها سيادتها على جسدها؛ بحيث هما اللذان يقرران نوعية زيها وحتى اختيار أصدقائها، فإنها تتحول إلى ضحية للقهر الذكوري. زيادة على التوظيف الخاطئ للدين الذي يجعل من جسد المرأة عورة ويسلبها حقها في الوجود وسيادتها على جسدها تشعر الفتاة بالإهانة وتعيش بها بقية حياتها. وهكذا حتى في علاقتها الجنسية تبحث بِشكل لا واع عن الاهانة القصوى والسقيمة من شريكها لكي تسمح لنفسها بالشعور بالمتعة الجنسية. -ضرب الطفل أو المراهق بسبب العادة السرية: يشعر الناشئ بارتكاب ذنب كبير عند تعرضه للضرب بسبب ممارسته لهذه العادة، خاصة في وسط اجتماعي غير متفهم له، ويترسخ لديه هذا الشعور في مخزون لا وعيه. ولهذا في مراحل عمرية متقدمة عند قيامه بالجنس يجب أن يُؤدّي الثمن على الذنب الذي وقع فيه في علاقاته الجنسية، ولو كانت علاقات شرعية، حتى يتمكن من الوصول إلى المتعة المنشودة. *خبير في التحليل النفسي للمجتمع المغربي والعربي