على بعد أيام من تقديم التقرير السنوي حول نزاع الصحراء أمام مجلس الأمن الدولي، كشفت النسخة الأولية من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، الخطوط العريضة لهذا المستند الأممي الذي يُحدد مآل الصراع بين المغرب وجبهة والبوليساريو مستقبلاً. وسارعت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إلى تقديم قراءتها الخاصة لمضامين التقرير الأولي، بينما اعتبرت مصادر رسمية لجريدة هسبريس الإلكترونية أن "ما يتم الترويج له من طرف الآلة الدعائية لجبهة البوليساريو، وبعض المواقع المحسوبة على التنظيم الانفصالي، غير صحيح بتاتاً". ومن خلال قراءة التقرير تُشير المصادر ذاتها إلى أن "أنطونيو غوتيريس أكد أن منظمة الأممالمتحدة هي الجهة الوحيدة المخول لها الإشراف على تدبير نزاع الصحراء، وهو الموقف نفسه الذي عبر عنه الوفد المغربي خلال اللقاء الذي جمعه مع المبعوث الأممي هورست كوهلر". وبعد أن حاولت جبهة البوليساريو جعل الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي طرفين رئيسيين في نزاع الصحراء، شددت الفقرة 26 من التقرير على أن "القادة الأفارقة والأوروبيين أكدوا دعمهم لمجهودات المبعوث الشخصي لغوتيريس، واعتبروا أن قضية الصحراء تحظى برعاية الأممالمتحدة"؛ كما جاء في الفقرة 74 أن" أعضاء الاتحاد الإفريقي شددوا، خلال القمة ال30، على الموقف نفسه"؛ بينما لم تشر الوثيقة الأممية إلى وجود أي لقاء مع مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي؛ الجزائري إسماعيل شرقي. مصادر هسبريس ذكرت أن "تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، الصادر في 16 صفحة و90 فقرة، لم يتطرق نهائياً إلى قرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص استثناء الصحراء من اتفاقية الصيد البحري؛ وذلك خلافاً لما تروجه أطراف محسوبة على البوليساريو والجزائر. ويأتي موقف غوتيريس مماثلاً لنظيره المغربي الذي يُؤكد أن الحكم القضائي لا يعني الأممالمتحدة أو مجلس الأمن الدولي في شيء". علاوة على ذلك، خصص غوتيريس حيزاً مهماً من تقريره لتطور الأوضاع في منطقة الكركرات، إذ جدد التأكيد على موقفه السابق، الصادر بتاريخ 6 يناير 2018، والداعي البوليساريو إلى "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وتجنب تصعيد التوتر، وعدم عرقلة حركة المرور المدنية والتجارية العادية، وعدم اتخاذ أي إجراء قد يشكل تغييراً في الوضع الراهن"؛ وذلك رداً على التوغل العسكري لميليشيات الجبهة في هذه المنطقة. وثمن التقرير الانسحاب المبكر لعناصر القوات المسلحة الملكية من الكركرات عقب نداء منظمة الأممالمتحدة، بناء على طلب الأمين العام، لتجنب تصعيد التوتر. وحول آفاق النزاع يتبين، من خلال التقرير، تخلي الأممالمتحدة عن مقترحات الحلول السابقة غير القابلة للتطبيق، من قبيل إجراء الاستفتاء في الصحراء، إذ تؤكد الفقرة 78 على "الحل السياسي المتوافق عليه، وفقا لقرارات مجلس الأمن الصادرة منذ 2007". دور الجزائر في نزاع الصحراء حضر بقوة في التقرير، إذ كرر غوتيريس في الفقرة 79 مناشدة مجلس الأمن الدولي هذا البلد "تقديم مساهمته لإيجاد حل للصراع، وتعزيز مشاركته في مسلسل التفاوض الأممي". وشدد المسؤول الأممي على "روح الواقعية والتوافق كمعايير أساسية للحل السياسي المتوافق عليه"، مشيرا إلى مواقف المغرب، خصوصا في الفقرة 11 التي نقلت المبادئ الأربعة التي نص عليها الملك محمد السادس في خطاب الذكرى 42 للمسيرة الخضراء. وفي الفقرة 19 استند التقرير إلى موقف وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، ناصر بوريطة، الذي شدد على "التزام المغرب المتواصل من أجل التوصل إلى حل سياسي على قاعدة مبادرة الحكم الذاتي، وضرورة انخراط الجزائر في تسوية النزاع". كما لقيت مجهودات المغرب التنموية في الأقاليم الجنوبية إشادات في التقرير، ضمن الفقرة 12، بتثمين الاستثمارات والمشاريع الجارية بالصحراء.