أنصفت المسودة الأولية للتقرير الذي سيقدمه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إلى مجلس الأمن المغرب، وبالمقابل دحضت ادعاءات البوليساريو والجزائر بتأكيدها من جديد على الاختصاص الحصري لمجلس الأمن الدولي للبت في النزاع المفتعل بالصحراء المغربية، كما تفادت الإشارة إى حكم المحكمة الأوروبية، وفند مزاعمهما بخصوص «استغلال الثروات» بالمنطقة. مسودة التقرير، الذي ينتظر أن يتم إعداد نسخته النهائية يوم الأربعاء المقبل، استعرضت بعض الحقائق، ودحضت عدة ادعاءات تقدم بها الجزائر والبوليساريو، كما قدمت إجابات واضحة للحقائق التي يحاول الطرفان حجبها. وذلك بعد عدة أسابيع من التصعيد الدبلوماسي والإثارة الإعلامية المفرطة، والتلاعب السياسي من طرف الجزائر والبوليساريو. ويؤكد غوتيريس في مسودة التقرير، الذي اطلعت عليه «الأحداث المغربية» على الاختصاص الحصري للأمم المتحدة للبت في النزاع. وقال في الفقرة 26 من النسخة الأولية للتقرير إنه خلال اجتماعات مبعوثه الشخصي مع قادة الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي عبر الاتحادان عن دعم جهود مبعوثه الشخصي كما اعترفا بقيادة الأممالمتحدة لعملية التسوية. واستندت المسودة إلى قرارات الاتحاد الإفريقي بتأكيدها في الفقرة 74 على أن رؤساء الدول والحكومات في قمة الاتحاد الإفريقي الثلاثين، أيدوا قيادة الأممالمتحدة عملية التفاوض، وتعهدوا بالانخراط والتعاون الكامل في الجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي، كما تجاهلت مسودة التقرير الإشارة إلى لقاء المبعوث الشخصي للأمين العام بمفوض الاتحاد الإفريقي للسلام والأمن، الجزائري إسماعيل شرقي. وبخصوص حكم المحكمة الأوروبية، فإن المسودة في صفحاتها الستة عشرة وفقراتها التسعين، لم تشر أيضا إلى الحكم على الرغم من التعبئة الكاملة للجزائر وجبهة البوليساريو لاستغلالها في دعايتها. واعتبرت الأممالمتحدة، مثل المغرب، أن هذا الحكم لا علاقة له بمسلسل التسوية الذي تشرف عليه الأممالمتحدة، الذي يظل هو الإطار الوحيد للتعامل مع قضية الصحراء المغربية. من جهة أخرى، تناولت المسودة الوضع في الكركرات، وأكد الأمين العام من جديد الموقف الثابت للأمم المتحدة فيما يتعلق بوجود البوليساريو في منطقة الكركرات. ففي الفقرة 8 أعاد الأمين العام التأكيد على طلبه بتاريخ 6 يناير 2018 بشأن عدم إعاقة الحركة التجارية والمدنية، وعدم اتخاذ أي إجراء يمكن أن يشكل تغييرا في الوضعية الراهنة في المنطقة العازلة. وفندت المسودة بطريقة أوضح الادعات التي سعت الأطراف الأخرى إلى فرضها حول وجود ما يسمى «الأراضي المحررة». وفي هذا الإطار ثمنت الفقرة 80 من مسودة التقرير. الموقف المغربي والاستجابة الفورية لدعوة الأممالمتحدة، ودعا البوليساريو «إلى الانسحاب الفوري من المنطقة العازلة كما فعلت في أبريل 2017». ومن أهم ما تضمنته المسودة القطع مع جميع المقترحات والخيارات السابقة بشكل نهائي، وهو ما أشارت اليه الفقرة 78، من النسخة الأولية من التقرير التي استبعدت بشكل نهائي المقترحات السابقة، واعتبرتها غير قابلة للتنفيذ ومتجاوزة بما في ذلك خيار الاستفتاء، وأكدت أن الهدف من العملية السياسية هو التوصل إلى حل سياسي على أساس توجيهات وقرارات مجلس الأمن «منذ عام 2007». ولم تغفل المسودة الدعوة إلى انخراط الجزائر في عملية التسوية بشكل فعلي، وفي هذا الإطار جدد الأمين العام في الفقرة 79 مناشدة مجلس الأمن إلى الجزائر، لتقديم مساهمة هامة في العملية وتعزيز مشاركتها في عملية التفاوض». كما أكد على ضرورة التحلي بالواقعية وروح التوافق كمحددات أساسية للتوصل للحل السياسي. ففي الفقرة 78، أشار الأمين العام إلى أن «مجلس الأمن قد كلفه بتسهيل المفاوضات بين الأطراف بحسن نية، مع مراعاة الجهود التي بذلت منذ عام 2006 والعمل بواقعية وبروح التوافق. وهي المعايير التي قدمهما سلفه «بيتر فان والسوم» المبعوث الشخصي السابق الذي طالب بالتخلي عن الخيارات المتطرفة بغية التوصل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين يوصى به مجلس الأمن. وتضمن التقرير إشارة إلى موقف المغرب من المسار التفاوضي كما جاءت في خطاب الملك محمد السادس في ذكرى المسيرة الخضراء، واستعرضت الفقرة 11 من الوثيقة بشكل أساسي المبادئ الأساسية الأربعة لخطاب الملك: * أولا: لا لأي حل لقضية الصحراء، خارج سيادة المغرب الكاملة على صحرائه، ومبادرة الحكم الذاتي، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها. * ثانيا: الاستفادة من الدروس التي أبانت عنها التجارب السابقة، بأن المشكل لا يكمن في الوصول إلى حل، وإنما في المسار الذي يؤدي إليه. لذا، يتعين على جميع الأطراف، التي بادرت إلى اختلاق هذا النزاع، أن تتحمل مسؤوليتها كاملة من أجل إيجاد حل نهائي له. * ثالثا: الالتزام التام بالمرجعيات التي اعتمدها مجلس الأمن الدولي، لمعالجة هذا النزاع الإقليمي المفتعل، باعتباره الهيأة الدولية الوحيدة المكلفة برعاية مسار التسوية. * رابعا: الرفض القاطع لأي تجاوز، أو محاولة للمس بالحقوق المشروعة للمغرب، وبمصالحه العليا، ولأي مقترحات متجاوزة، للانحراف بمسار التسوية عن المرجعيات المعتمدة، أو إقحام مواضيع أخرى تتم معالجتها من طرف المؤسسات المختصة». كما تشير الفقرة 19، إلى الموقف الذي عبر عنه ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي الذي أكد: «الالتزام المستمر للمغرب من أجل التوصل الى حل سياسي قائم على مبادرة الحكم الذاتي»، مبرزا أن «تسوية الصراع ستتطلب انخراط الجزائر في عملية التسوية». وبخصوص الاستثمارات المغربية في صحرائه، أوردت المسودة في الفقرة 12 أن «الاستثمارات في المنطقة مستمرة وتم انجاز العديد من المشاريع وأخرى تم الإعلان عنها»، وهو ما يتناقض مع مزاعم الأطراف الأخرى المضللة بشأن ما يسمى بالاستغلال «غير القانوني» لموارد الصحراء المغربية.