في الصورة الملك محمد السادس رفقة الرئيس السينغالي عبد الله واد يبدو أن سنة 2007 ستقفل على موقف معاكس لما كان يتمناه المغرب الذي يستعد لتوديع سنة ميلادية واستقبال أخرى على إيقاع الأزمات الدبلوماسية التي خيمت ظلالها الثقيلة على سماء علاقاته الخارجية مع جيرانه وأقرب أصدقائه، فيما تقرع جبهة البوليساريو في الجهة الأخرى طبول الحرب التي توقفت معاركها الدامية منذ سنة 1991. "" ففي الوقت الذي بدأت بوادر انفراج الأزمة الدبلوماسية بينه وبين الجارة إسبانيا، التي اندلعت على خلفية زيارة العاهل خوان كارلوس لسبتة ومليلية السليبتين، ما جعله يستدعي سفيره في مدريد عمر عزيمان قصد التشاور، تفجرت أزمة أخرى، لكن هذه المرة مع دولة صديقة وتربطه بها علاقات متميزة، ويقعان جغرافيا في القارة السمراء، بسبب تصريحات حول قضية الصحراء أغضبت حكومة الرباط. ويتعلق الأمر بالسينغال، التي أدلى أشاد الوزير السنغالي السابق بها، وهو من الحزب الاشتراكي المعارض، بكفاح جبهة البوليساريو من أجل استقلال منطقة الصحراء، وهو ما اعتبره المغرب موقفًا عدائيًا، لتتطور الأمور، قبل أن تصل إلى تبادل البلدين، نهاية الأسبوع، سحب سفيريهما. وأعرب الرئيس عبد الله واد عن الغضب لاستدعاء المغرب سفيره من داكار، وقال إن السفير معتمد لدى الحكومة السنغالية لا لدى الحزب الاشتراكي المعارض. وجاء في بيان رسمي أن "استدعاء السفير المغربي يمثل لفتة غير ودية، وأن السنغال قررت استدعاء سفيرها من الرباط بانتظار الحصول على إيضاح من السلطات المغربية". وجاء رد حكومة الرباط سريعا، على لسان الوزير الأول عباس الفاسي، الذي قال في بلاغ أصدره أول أمس السبت، "لقد شرح المغرب بوضوح الدافع الوحيد لاستدعاء سفير جلالة الملك بدكار إلى الرباط لفترة ثلاثة أيام، ألا وهو المساهمة في تحليل ملابسات التغير الجذري والخطر والمفاجئ في موقف كبار مسؤولي الحزب الاشتراكي السينغالي بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة". وأضاف أن "الأمر يتعلق إذن بخطوة محددة، وبهدف محدد حول موضوع محدد، ولم يكن بأي حال من الأحوال استدعاءً للتشاور الذي قد يثير خلافًا أو توترًا ذا طابع سياسي بين الدولتين أو يفهم منه على أنه تصرف غير ودي إزاء الشعب السينغالي الشقيق". بل وعلى العكس من ذلك، يوضح البلاغ، "عملت السلطات المغربية على عدم الخلط بين الأشياء وحرصت، بهذه المناسبة، على الإشادة بما تعرفه العلاقات بين البلدين من تطور وتعزيز خلال السنوات الأخيرة برعاية صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس عبدواللاي واد، لما فيه خير الشعبين الشقيقين". وفي هذا الصدد، يشير الوزير الأول، "ذكرت المملكة المغربية بأن الروابط بين الشعبين المغربي والسينغالي عريقة وتحظى بالاحترام المتبادل ومتميزة وعميقة. وعليه، فإن المملكة المغربية ليس لديها أي شروحات إضافية أو توضيحات تقدمها غير تلك التي تضمنها بوضوح تام بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الصادر بتاريخي 19 و20 دجنبر. وأبرز أن "خطوة المملكة المغربية والتوضيحات المقدمة، والتي لا يشوبها أي غموض، لم يجر تلقيها وفهمها، على مايبدو، بالشكل اللازم، مؤكدًا أنه "وبعد هذا التوضيح، وكما هو الأمر النسبة إلى المملكة المغربية، تحدد دولة السينغال، بكامل السيادة، سياستها الخارجية، وتحدد في هذا الإطار القرارات ذات الطابع الدبلوماسي التي تراها ملائمة". في هذه الأثناء بدأت البوليساريو في قرع طبول الحرب، إذ صرح محمد عبد العزيز، الأمين العام لجبهة البوليساريو، بأن جبهته على استعداد لخوض "حرب طويلة الأمد" مع المغرب إذا لم تكلل المفاوضات التي بدأت بين الجانبين برعاية الأممالمتحدة بالنجاح. وجاءت تصريحات عبد العزيز، أول أمس الجمعة، في ختام المؤتمر العام الثاني عشر لجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) الذي عقد على مدار أسبوع في مدينة تيفاريتي بالمنطقة العازلة في الصحراء. وأضاف الأمين العام للبوليساريو أن أحد اهم القرارات، التي جرى اتخاذها خلال المؤتمر، كان ذلك الخاص بالعمل على تعزيز قدرات جيش التحرير الصحراوي. وجدد عبد العزيز التأكيد على تمسك الجبهة بمطلبها الخاص بضرورة إجراء استفتاء "حر ودون ضغوط" يسمح للشعب الصحرواي بتقرير مصيره، مضيفًا أن الحكومة المغربية لا يمكنها أن تفرض على الصحراويين أن يكونوا مغاربة إذا كانوا لا يرغبون في ذلك، وزاد قائلا "نحن مستعدون لخوض كفاح مسلح إذا ما توصلنا لقناعة بأن الأمور لا تشهد أي تقدم، وأن المغرب لا تريد حلاً سلميًا للنزاع". وتأتي هذه الأحداث المتلاحقة، في توقيت حرج بالنسبة إلى المغرب الذي لم تمر إلا شهور قليلة جدًا عن تشكليه الحكومة الجديدة، بعد مخاض عسير، في حين منيت علاقاته على المستوى الأوروبي ب "نكسة"، إثر قيام العاهل الإسباني بأول زيارة لسبتة ومليلية، التي تطالب حكومة الرباط باسترجاعهما.