شكل موضوعا الذكرى الثانية والستين لاستقلال تونس، والانتخابات الرئاسية المقبلة بالجزائر، أبرز اهتمامات الصحف الصادرة، اليوم الثلاثاء، في هذين البلدين. ففي تونس، تساءلت صحيفة (لوكوتيديان) عن ما بقي من هذا الاستقلال الذي تحقق بفضل كفاح مرير وتضحيات جسام؟ هل نحن فعلا مستقلون؟. وأوضحت أنه منذ 14 يناير 2011، توجد سيادة البلاد محل شك على كافة الأصعدة، السياسية والاقتصادية، وحتى الأمنية، مضيفة أن "بلدنا لم يعد سيد قراره". وأبرزت أنه على الصعيد السياسي، قفزت تونس، بعد الثورة، إلى الديمقراطية الحزبية دون أن تمكن نفسها من الوسائل لذلك، مضيفة أن جميع الأحزاب، مع بعض الاستثناءات، تبقي على تعتيم مطلق حول تمويلها ونفقاتها. وتابعت أنه على صعيد الوضع الاقتصادي، هناك تقهقر بعد الثورة، حيث تهدد الاستدانة المفرطة سيادة تونس. وتحت عنوان "وتستمر المعركة"، لاحظت صحيفة (لابريس) أنه منذ سنة 2011، تطرح أسئلة جديدة حول مآل المكتسبات المحققة منذ الاستقلال؟ ما الذي يتعين القيام به لتجنيب مدرستنا الهدر والفشل؟ وهل منظومتنا الصحية التي شكلت قصة نجاح في حقبة ما بعد الاستقلال في طريقها إلى الانهيار؟ وأكدت أن هذه الأسئلة وغيرها تتطلب اليوم أجوبة واضحة ودقيقة، والتي ينبغي أن تكون نتاج حوار وطني منفتح ما أمكن، بمشاركة كافة مكونات المجتمع، السياسية منها والمدنية. وأوضحت الصحيفة أن الأمر يتعلق بحوار سيسمح بتحديد واضح لمعالم المستقبل، و الذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يصادره أحد المكونات المدنية أو السياسية، مهما كان، بحثا عن فرض هيمنته الفكرية أو تغليب أجندته الاقتصادية. من جهتها، كتبت صحيفة (لوتون) في مقال بعنوان "انتظارات بلد يرتجف"، أن نتائج 62 سنة من الاستقلال وسبع سنوات طوال من الانتظار تمثلت في وضع اجتماعي مترد، وشباب بدون آفاق، واقتصاد وطني منهار، وطبقة سياسية تنخرها آفتا الفساد والمصالح الشخصية. وأوضحت أنه إذا كانت البلاد لم تستطع النهوض على الصعيد الاقتصادي والمالي، فإن المنظومة السياسية لا تسمح لها بذلك، مذكرة بأن الرئيس الباجي قائد السبسي، الذي لم يخف أبدا معارضته لهذه المنظومة، قد يكون بإمكانه تقديم بديل جديد للبلاد. وتابعت أن 2018، التي اعتبرت سنة صعبة بل وحتى كارثية على الصعيد الاقتصادي، "يمكن أن تصبح سنة تغيير، التغيير العميق الحقيقي الذي سيمكننا، في غضون سنوات قليلة، من النهوض مجددا والسير قدما مرة أخرى". وفي السياق ذاته، تحدثت صحيفة (الشروق) عن مبادرة رئاسية حول مراجعة النظام السياسي "شبه البرلماني"، الذي أرساه دستور 2014، والذي توجه له أصابع الاتهام بشل العمل الحكومي وتقويض السير الجيد للمؤسسات وفي الجزائر، تطرقت الصحف إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة، التي يحتمل أن يفوز خلالها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بولاية خامسة، مشيرة إلى أن الأمين العام لجبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم)، جمال ولد عباس، شرع، هذه المرة وبشكل فعلي، في القيام بالحملة الانتخابية لهذا الغرض. وتساءلت صحيفة (ليبيرتي)، في هذا الصدد، عما إذا كان ولد عباس يتحرك وفق الإملاءات، أم أنه يريد استباق أشخاص آخرين معروفين ب"مساندتهم الثابتة" لعبد العزيز بوتفليقة، والموجودين داخل جبهة التحرير الوطني وخارجها على السواء؟. واعتبرت أنه سواء بالنسبة للفرضية الأولى أو الثانية، فإن هذا التسرع بالانطلاق في "العملية" ينطوي على مخاطر، معللة ذلك بأنه إذا كانت الخرجة الأخيرة للأمين العام لجبهة التحرير الوطني نابعة عن خارطة طريق وضعتها الجهة صاحبة الحق، فإنه من الممكن أن تكون هذه الأخيرة مستوحاة من إرادة ما، على أعلى مستوى، لجس نبض نوايا البعض ومراقبة ردود فعل آخرين، بما في ذلك نوايا "الشركاء السياسيين" الأجانب. وأوضحت أنه من غير المحتمل إلى حد كبير أن يترشح بوتفليقة إلى ولاية خامسة دون أن يتوفر، بشكل مسبق، على ضمانات بالتعويل على الدعم التقليدي، على الصعيدين الداخلي والخارجي، مبينة أن ولد عباس قد يلعب، في هذه الحالة، وبشكل جيد، دور كبش الفداء. وأشارت الصحيفة، في افتتاحيتها، إلى أنه بالنسبة للفرضية الثانية، فإن ولد عباس قد يكون مدفوعا بالأمل للعب دور التلميذ النجيب، الذي يتقدم على الجميع، في الدعوة إلى تمديد حكم بوتفليقة. من جهتها، كتبت صحيفة (الشروق) أن محافظي جبهة التحرير الوطني دعوا، بشكل ضمني، الرئيس بوتفليقة إلى مواصلة برنامجه عبر التعبير عن مساندتهم القوية لتنفيذ خارطة طريقه الجديدة برسم الفترة 2020-2030 ، مبرزة أن المبادرة تعود إلى الأمين العام للحزب، جمال ولد عباس، الذي يخرج هذه الورقة غير المنتظرة، وهو الذي تنتظره دورة صاخبة للجنة المركزية للحزب. وقالت إن السبب يعود إلى كون ولد عباس، ومنذ الإطاحة بسلفه عمار سعيداني من على رأس الأمانة العامة للحزب، يكرر الأخطاء، وأن استراتيجيته للم الصفوف جاءت بنتائج معاكسة، مشيرة إلى أن البعض يجد فيه المواصفات لذلك، بينما يعتبر آخرون أنه يدين بمنصب الأمين العام لجبهة التحرير الوطني لهذه المواصفات بالذات. وأضافت الصحيفة أنه في الوقت الذي تجدد فيه أحزاب الائتلاف أو تلك التي تساند الرئيس بوتفليقة، التعبير عن موقفها "في حالة ما إذا قرر الترشح" لولاية خامسة، فإن ولد عباس يسير في هذا الاتجاه ويتبنى خطابا يطبعه اليقين، وذلك من أجل إسكات خصوم اللحظة، ممثلين في الذين يعتزمون خلافته، والأعضاء الذين ينتقدونه. من جانبها، تناولت صحيفة (الوطن) رسالة الرئيس بوتفليقة بمناسبة ذكرى عيد النصر (19 مارس)، والتي قال فيها إنه "يحق للساحة السياسية في بلادنا أن تعرف تنوعا وصراع البرامج، وسعي الجميع للوصول إلى سدة الحكم، غير أنه من واجب الجميع المساهمة في هذه الحركة الديمقراطية التعددية مع جعل الجزائر والمصالح العليا لشعبها فوق الجميع". أما صحيفة (لوماتان دالجيري)، فاعتبرت أن الخطابات السياسية لا تكفي، وإذا كان الحكام يريدون الخير للبلاد، فإنه يتعين عليهم الانخراط إلى جانب الشباب وتعبئتهم من أجل التغيير، والتصدي لمشاكل الجزائر المريضة، بعيدا عن لغة الخشب، والإجراءات غير المكتملة.