بعد مرور أيام على الانتخابات التشريعية الإيطالية التي أجريت في الرابع من مارس التي انتهت من دون فائز واضح، يتمسك كل من الأحزاب السياسية بمواقفه؛ وهو ما يبقي الحرب بينها مفتوحة. وأعلن لويجي دي مايو، زعيم حركة خمس نجوم المعادية لهيئات النظام التي تصدرت نتائج الانتخابات مع نحو 33% من الأصوات، "أسمع في هذه الأيام أن حركة خمس نجوم تريد التحالف مع إحدى القوى السياسية (...) كنت أنتظر بالأحرى أن تتواصل القوى السياسية معنا في مواضيع مختلفة" بدلا من طلب حقائب وزارية. وطلب من الأحزاب الأخرى "تقديم اقتراحات" حول هذه المواضيع. وقد اعتمد دي مايو مقاربة فريدة عبر الطلب بشكل أساسي من أحد الأحزاب شرط أن تكون الأصوات التي حصدها كافية لتشكيل أكثرية نيابية معه، إطلاق يده عبر الموافقة على برنامج حركته وحكومته. من جهته، اعتمد ماتيو سالفيني، زعيم الرابطة (يمين متطرف)، مقاربة مماثلة؛ لكن أكثر انفتاحا. والحزب الوحيد المستبعد بشكل قاطع عن برنامج خمس نجوم هو الحزب الديمقراطي اليساري الوسطي، الذي خرج مهزوما من الانتخابات الأخيرة بعد أن حصل على نحو 19% من الأصوات. أما الأحزاب الأخرى، فهي تفتح الباب أمام حركة خمس نجوم، بالرغم من أن هذا الحلّ يبدو من الصعب التوصل إليه. وصرّح سالفيني، الأربعاء، بالقول: "نعمل، في الأسابيع المقبلة، على تشكيل أكثرية. ما يمكنني استبعاده هو أن يكون المهزومون أي الحزب الديمقراطي (...) جزءا من هذه الأكثرية". وأكد أنه "بعد استبعاد الحزب الديمقراطي، كل شيء ممكن"، في تصريح يبدو فيه وكأنه يتقدم خطوة في اتجاه حركة خمس نجوم. إلا أنه على غرار دي مايو، يبقي على مواقفه الأولية. وتابع سالفيني: "أعتبر تصويت المواطنين مقدسا. لقد كافأوا تحالفا وفي قلب هذا التحالف، حزبا". وأكد أنه سيقوم "بكل ما هو إنساني وديمقراطي ممكن لاحترام هذا التفويض"، وتسلم رئاسة الحكومة بعد أن حصل تحالفه مع حزب "إلى الأمام إيطاليا" (فورتسا إيطاليا) برئاسة سيلفيو برلوسكوني على 37% من الأصوات. ولا يريد سالفيني ودي مايو، اللذان قد يسمح تحالفهما بتشكيل أكثرية نيابية، الكشف عن أوراقهما قبل بدء المشاورات مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا رسميا في الأول من أبريل، لتشكيل حكومة جديدة. لكن احتمال تحالف سالفيني ودي مايو لا يزال ضئيلا، حسب ما قال المراقبون الإيطاليون الذين لا يرون سبب مشاركة سالفيني من موقع ضعف في حكومة يرأسها دي مايو فيما يمكنه أن يكون جزءا من حكومة يمينية محتمل تشكيلها، في موقع قوة. لكن الفائزين في الانتخابات ليسوا وحدهم الذين يتمسكون بمواقفهم؛ فقد رفض الحزب الديمقراطي الخاسر في الانتخابات، بشكل قاطع ومرات عديدة، احتمال دعم أي كان، حركة خمس نجوم أو تحالف اليمين، مؤكدا أن موقعه أصبح في المعارضة. يسير سيلفيو برلوسكوني عكس التيار؛ فقد نقلت وسائل إعلام عن مصادر نيابية من حزبه "فورتسا إيطاليا" أنه يفكر في دعم الحزب الديمقراطي لحكومة يمينية في بعض المسائل. ودعم برلوسكوني عام 2013 حكومة مؤلفة من الحزب الديمقراطي و"فورتسا إيطاليا". وأدرك أن سالفيني والحليفة الأخرى جيورجيا ميلوني عارضا هذه الحكومة؛ لكنه أكد أنه سيحاول لإقناعهما بأهمية دعم الحزب الديمقراطي. في المقابل، قطع سالفيني الطريق على عقد اتفاق مع حركة خمس نجوم. وصرّح أمام صحافيين في البرلمان بالقول: "فتحت الباب كي أطردهم بطريقة أفضل". وقد يعطي انتخاب رئيسي مجلس النواب ومجلس الشيوخ، بدءا من 23 مارس، فكرة عن تطور الوضع. وختم ماتيو سالفيني مؤتمره الصحافي بالقول: "يجب أن تتحلوا بالصبر، يجب أن تنتظروا بضعة أسابيع، قبل أن تصبح الأفكار واضحة". *أ.ف.ب