مع توقف الثلوج المتهاطلة بكثافة في الآونة الأخيرة على مختلف مناطق الأطلسين المتوسط والكبير، تنفست الساكنة الصعداء وانتعشت الفرشة المائية رغم ما تسببت فيه الثلوج من أضرار مادية، لكن الجراح تضاعفت وازدادت عمقا مع التساقطات المطرية الأخيرة التي عرت حقيقة البنيات التحتية بمختلف قرى إقليم ميدلت وكشفت وجهها الحقيقي. قناطر منعدمة لعل أبرز مشكل تعاني منه مداشر إقليم ميدلت، خصوصا في فصل الشتاء، هو انعدام البنيات التحتية، لاسيما القناطر التي يفضي غيابها إلى انعزال الساكنة عن العالم الخارجي، وعجزها عن التنقل إلى الأسواق للتبضع، والمؤسسات العمومية لقضاء الأغراض الإدارية، والمؤسسات التعليمية قصد التحصيل الدراسي. ولا أدل على هذه المعاناة من الفيديوهات المنتشرة على نطاق الواسع، والتي تبين، بما لا يدع مجالا للارتياب، أن أول مشكل يؤرق بال ساكنة العالم القروي، خصوصا بميدلت، هو انعدام القناطر التي تفك العزلة عن الدواوير المحاصرة كلما تساقطت الأمطار والثلوج. وحسب ما ورد في إحدى الفيديوهات التي يتناقلها النشطاء الفايسبوكيون في ما بينهم، مستنكرين ما آلت إليه الأوضاع بالقرى النائية، يظهر أن "جرافة" هي التي يعتمد عليها السكان للمرور كلما ارتفع منسوب المياه في الأودية، علاوة على مرور الماشية، لاسيما الماعز، وفي حالة غابت تحت الآلة المعنية، يضلون محاصرين لأيام، لما تشكله السيول من تهديد لحيوات الساكنة القاطنة بأعالي الجبال. وفي هذا السياق، أكد ناشط جمعوي وفاعل حقوقي بإحدى دواوير الإقليم، خصوصا التابعة لجماعة تونفيت، في اتصال هاتفي مع الجريدة، "أن هذا المشكل يتكرر مع حلول كل فصل شتاء، إذ نعاني جراء انعدام الجسور التي تؤمن لنا المرور، لذا ننتظر لأيام إلى أن ينخفض مستوى المياه، لكن ذوبان الثلوج واستمرار تساقط الأمطار وهشاشة البنية التحتية، كلها عوامل أدت إلى فرض العزلة على البدويين"، مردفا، "لا أزعم أن المشكلة في الأمطار أو الثلوج، بل في غياب الإرادة السياسية لدى المسؤولين المحليين والإقليميين بالإضافة إلى المنتخبين". وأورد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه ل"هسبريس"، "حتى التلاميذ تضيع حصصهم الدراسية، نظرا إلى الخوف الذي ينتاب ذويهم مع الزخات المطرية وكثرة الأودية والشعاب والسيول الجارفة، وهو الأمر الذي يسائل وزارة التجهيز عبر مندوبيتها عن دورها". ويضيف المتحدث عينه أن غابة جماعة تونفيت وجماعة أنمزي وجماعة سيدي يحيى أيوسف والدواوير التابعة لها، "لو فعلا استغلت عائدات شجرها على أحسن وجه وبما يعود بالنفع على الساكنة، لما تحدثنا اليوم عن أبسط الحاجيات التي تعرقل سير عجلة التنمية بالمنطقة، ولتوفرت أبسط شروط الحياة، لكن لا حياة لمن تنادي، لأن المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة العامة". حقول تحت المياه علاوة على ما تسببت فيه الثلوج والأمطار من أضرار مادية، تأسفت ساكنة إملشيل لمآلي حقولهم التي غمرتها المياه الناتجة عن الزخات وذوبان الثلوج مع ارتفاع درجة الحرارة والإتلاف الذي لحقها، خصوصا وأن ساكنة المنطقة تعتمد بالدرجة الأولى على الفلاحة لجني قوتها اليومي قبل الماشية. وحسب محمد حبابو، ناشط من منطقة إملشيل، أكد في الموضوع نفسه عبر تدوينة على موقع "فايسبوك" قائلا: إن "كمية الثلوج المتساقطة على منطقة إملشيل خلال الأيام الأخيرة لشهر يناير الماضي، والتي عزلت المنطقة لأزيد من أسبوعين، نظرا إلى الارتفاع الطفيف لدرجة الحرارة، أدت إلى ذوبان الثلوج وغمرت الفيضانات الحقول الصغيرة التي هي مورد رزق الساكنة المحلية، باعتبارها زراعة معيشية". وأضاف المتحدث ذاته أن "الوزارة الوصية على قطاع الفلاحة هنا بإملشيل مكتوفة الأيادي وتتفرج في الفلاح الصغير المغلوب على أمره".