((ما اجمل كلماتك لو أن الذي حرمني من مواصلة تعليمي يقرأها مااجمل كلماتك لوأن كل من يقرأها يفهمها لقد ايقضت هاذه الكلمات جروح نائمه في قلبي قد اكل عليها الزمن وشرب لقد بكيت حينما قرأتها لا اعلم كيف حصل ذالك رغم أن من حولي قد جعلو مني حجرا اصم لايبكي ولايشكي لقد حرمت من مواصلة تعليمي بسبب انني انثى فأخوتي الذكور واصلو تعليمهم إلا انا ولا احمل الآن شهادة افتخر بها لأنني لم اكمل تعليمي الأبتدائي انا اعلم جيدا انه ليس الدين هوى السبب فأنا أحب ديني وألبس الحجاب وأنتقب ليسة مشكلتي مع الدين ولاكن مشكلتي مع من لم يفهم الدين لقد قلت كلمة ياأستاذ محمد وكأنك تعنيني بها وهي قولك (اما النساء المنسيات في اقاصي الجبال وفي متاهات التخلف والجهل والأمية فلا عيد لهن) اهلي ليسو سيئين معي فهم يحبوني وأنا احبهم ايضا لاكنهم حرموني من الدراسه كل صديقاتي يدرسن إلا انا لاحظ لي في الدراسه انا الوحيدة انثى بين اخوتي لهاذا كان الفصل من حقي كنت اتمنى انني ذكر ولاكن الآن حمدت الله كثيرا ان خلقني انثى لأصبر ولأحس بمعاناة النساء انا دائما ادخل الى الأنترنت وأقرأ واتعلم لعلي اعوض نفسي شيئا منما فقدت لاكني لا اجرؤ ان اعلق بأسم امرأه دائما اعلق بأسم ذكر ولا اعلم ماهوى السبب شكرا لك على مابذلت من جهد)). في يوم المرأة العالمي، اخترت أن أنقل هذه الكلمات المؤثرة كما جاءتني حرفيا (دون أي تصحيح أو تعديل) في تعليق على مقال كتبته بالمناسبة نفسها قبل سبع سنوات. كان عنوان مقالي حينها: "نساء... ونساء"، تحدثت فيه عن معاني الاحتفال بهذا اليوم العالمي ودلالاته في ظل واقع يحتفي بنساء المجتمع المخملي والراقي، ويسلط عليهن كل الأضواء، بينما ينسى أو يتناسى كل النساء اللواتي يعانين في صمت شديد ويعشن كل أشكال المهانة تحت سطوة الذكورة وسلطتها. لذلك كان هذا التعليق الذي عنونته صاحبته ب "من أقاصي الجبال" صرخة حقيقية في وجه ثقافة الذكورة، وفي وجه هذا المجتمع الذكوري الذي يبيح لنفسه كل شيء ويأخذ من المرأة كل شيء، لكنه ينظر إليها باحتقار، ويمارس عليها كل أشكال الحجر والوصاية. هذه الصرخة التي تفجرها كاتبة التعليق تكشف عن جانب مسكوت عنه في واقعنا، حيث المرأة تتنفس المعاناة كل يوم وتداوي جراحها بالصبر والبكاء، لأنها لا تجرؤ على البوح، ولا آذانا تصغي لآهاتها وآلامها. وإذا كانت صاحبة التعليق أعلاه قد وجدت وسيلة للتنفيس، لأنها كانت محظوظة بامتلاك حاسوب تتواصل من خلاله افتراضيا، إلا أنها مع ذلك لم تستطع توقيع التعليق باسمها، لأنها تدرك أنها تعيش في مجتمع يمنعها حتى من الكشف عن هويتها. إنها تدرك معاناة المرأة جيدا، لأنها حرمت من متابعة دراستها بسبب عقلية الذكورة تلك. الاحتفال بيوم عالمي للمرأة تحول منذ إقراره سنة 1977 من طرف الأممالمتحدة إلى مناسبة لتقدير إنجازاتها وأدوارها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتربوية، لكنه أيضا أصبح موعدا للتقييم والمساءلة. لذلك ننحني احتراما وتقديرا للمرأة المغربية وما حققته من نجاحات في مختلف الميادين، لكن هذا لا يمنعنا من النظر إلى النصف الفارغ من الكأس، لا لأننا نعشق السوداوية والسلبية، ولكن لأن هذا النصف الفارغ يستفزنا... فما أحوال هذه المرأة التي نتذكرها في هذا اليوم؟ وأي حضور لها في الواقع المغربي؟ لنقرأ في هذا المقام بعض الأرقام التي كشفت عنها دراسة استقصائية دولية لتقييم نسب المساواة بين الجنسين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. الدراسة التي أطلقتها هيئة الأممالمتحدة كشفت عن إحصائيات مثيرة بخصوص وضع المرأة المغربية. وينبغي التذكير في هذا المقام بأن العينة التي تم استطلاع آرائها في هذه الدراسة شملت 2400 شخص تتراوح أعمارهم بين 18 و59 سنة، نصفهم من الرجال والنصف الآخر من النساء، يقطنون في جهة الرباط-سلا-القنيطرة. وقد تم جمع البيانات الخاصة بالدراسة بين أبريل 2016 ومارس 2017. وفي بعض التفاصيل نقرأ أن 50 في المئة من الذين شملتهم الدراسة يؤيدون تعنيف المرأة جسديا، واللافت أن 20 في المئة من هذه النسبة المذكورة تمثل الجنس اللطيف نفسه. أي إن نسبة مهمة من النساء يتقبلن تعرضهن للعنف، بل يعتبرنه سلوكا طبيعيا. وهنا نتوقف عند رقم آخر يعلن أن 46 في المئة من النساء يعتقدن أن من واجب المرأة تقبل عنف الرجل حفاظا على شمل الأسرة. ومن ثم تثبت هذه الأرقام أن واقع المرأة تحكمه ثقافة اجتماعية مازالت تفرض نفسها بقوة، ومرة أخرى تعبر إحصائيات الدراسة عن هذه الثقافة وتكرسها، حيث اعتبر 50 في المئة من الرجال المستجوبين و48 في المئة من النساء المستجوبات أن المساواة بين الجنسين ليست "من تقاليد وثقافة المغرب". طبعا إنها العادات والأعراف التي تعتبر المرأة "ناقصة عقل ودين"، وتعاملها كضلع "أعوج" ينبغي إصلاحه وتعديله. إنها العقلية المتجذرة عميقا في الوعي الجمعي التي تتغذى على موروث ثقافي صنعته واحتضنته تربة دينية منغلقة ومتشددة تجاه جسد المرأة وصوتها وصورتها ولباسها وعملها وكل حركاتها وسكناتها. لذلك تبدو الأرقام التي كشفت عنها الدراسة المذكورة تجسيدا لهذا الواقع الاجتماعي الذي يظل وفيا لنمطية جاهزة تحول دون الرقي بمكانة المرأة، بالرغم من كل المكتسبات التي ندعي بأنها تحققت على هذا المستوى هنا وهناك. إن الاحتفال بيوم للمرأة في ظل هذه الثقافة هو تكريس للذكورة بامتياز. فالرجل–المتعلم والمتفوق-على كل حال هو الذي اختار أن يحتفل بالمرأة. لقد اختار أن يعترف لها بدورها الكبير في كل ما حققه (هو) من هيمنة ونفوذ ونجاح. اختار أن يلتفت إليها في هذا اليوم ليهديها وردة أو يمنحها ابتسامة، مع أن الورود والابتسامات تهدى وتمنح لها في كل يوم... نعم هو يوم دولي، والاحتفاء بالمرأة وتكريمها بهذه المناسبة عادة تحرص عليها المؤسسات الرسمية في مختلف بقاع العالم، لكن شتان بين امرأة قطعت أشواطا كبيرة في التحرر وحققت كل المساواة مع الرجل هناك في الغرب، وامرأة أخرى مازالت ضحية للعادات والتقاليد عندنا. شتان بين مجتمع تجاوز كل أشكال التمييز الجنسي وأصبحت فيه المرأة فاعلا أساسيا في التنمية والإنتاج، ومجتمع آخر تحكمه خلفية ذهنية تختزل دور المرأة في الإمتاع والمؤانسة. في فرنسا صدر قانون يحظر استخدام لفظ "مدموزيل" في الوثائق والمراسلات الرسمية سنة 2012؛ وذلك في سياق الحرص على تجاوز كل ما من شأنه أن يندرج في خانة التمييز ضد المرأة، حيث اعتبرت المنظمات النسائية هذا اللفظ حاملا لإيحاءات إغرائية، ويحمل انطباعات كامنة مثل العذرية أو العنوسة، وهو ما من شأنه أن يثير عواطف النساء المطلقات والعوانس ويؤثر على نفسيتهن... كما يشير اللفظ إلى نوع من الخضوع لوصاية الأب قبل أن تتحول بعد ذلك إلى وصاية الزوج عندما تصبح سيدة (مدام). وقد كانت ألمانيا سباقة إلى مثل هذا الإجراء منذ 1972 عندما ألغت كلمة "فرويلاين" التي تعني "مدموزيل" من المراسلات والوثائق الرسمية رغم استعمالها في لغة التواصل اليومي... وعلى الرغم من أن هذا الموضوع يعد شكليا وثانويا في السياق الحقوقي، فإنه يظهر الفجوة العميقة بين حال المرأة في العالم المتحضر والحداثي وحالها عندنا وعند مختلف شعوب ومجتمعات شمال إفريقيا والشرق الأوسط.