قالت نبيلة منيب، الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد، إن الدولة تسعى إلى ضرب مفهوم الاختلاط المجتمعي عندما قررت خوصصة التعليم بخنق منابع إنتاج النخب لصالحها، وعزل أبناء الفقراء في مدارس عمومية فاشلة، تنتج ثقافة الخوف والخنوع. وأضافت منيب، التي كانت تتحدث مساء اليوم الأربعاء في ندوة نظمها منتدى الحداثة والديمقراطية بالرباط، أن الدولة أصبحت تخاف من "الأنتلجنسيا" والمثقفين الذين يستطيعون في أي لحظة كشف عورة الدولة وعيوبها، مشيرة إلى "تزكية الدولة في وقت سابق للكتاتيب القرآنية على حساب التعليم العصري والحديث؛ وهو ما أفضى بنا إلى ردة فكرية غير مسبوقة". وأشارت منيب إلى أن الدولة انخرطت في سلسلة وعود؛ أولها كان الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي فشل، وعوض بالبرنامج الاستعجالي الذي حوّل رؤساء الجامعات والمدارس إلى "طاشرونات"، تخصصوا في بناء المدرجات دون تفكير في جودة مضمون التعليم. وأردفت السياسية المغربية أن "اختيار المناهج التعليمية بالمغرب يخضع لتوازنات سياسية تنتج لنا أناسا خائفين وبدون ثقة في النفس، يحفظون ويستظهرون، دون تحليل وتفكيك للمفاهيم المعروضة أمامهم، في تجاوز صارخ لمجتمع المعرفة الذي ننشد بناءه". ولفتت منيب الانتباه إلى "ضرورة الاهتمام بالتعليم الأولي والتعليم الذاتي اللذين سيمكنان من تطوير قدرات المتلقين، الذين يعيشون تحت نيران التمييز المجالي ويكرس المركزية في تلقي المعارف، ويترك أبناء البوادي في حالة من العزلة القسرية، يسهل معها التحكم في آرائهم وتوجهاتهم السياسية والانتخابية في وقت لاحق. من جهته، أكد محمد الهاشمي، أستاذ الفلسفة بجامعة محمد الخامس في الرباط، أن جميع الفاعلين السياسيين يتحدثون عن وصفة سحرية من أجل إصلاح التعليم؛ لكنها تنتهي بالخيبة والخذلان. وأورد المتحدث أن المتتبعين لا يجب أن يروا في المدرسة حبلا للانعتاق، فهي لم تكن في الأصل سوى مكان للضبط بتعبير مشيل فوكو، ومكانا لخلق الأجسام الطيعة، وخلق خدم جيدين، يذهبون في نهاية المشوار مثل كتلة إلى مؤسسات ومقاولات، دون هم حضاري. واعتبر الهاشمي، في مداخلته خلال الندوة ذاتها، أن المدرسة العمومية المجانية محاولة سابقة من أجل خنق التعدد وتنميط المعرفة، عبر وضع طريق وحيدة للتلقي والتفكير، موردا أن المعرفة أصبحت توجد في مخابئ أخرى غير المدرسة التي حولت إلى ثكنات. * صحافي متدرب