اجتاحت موجة من الانتقادات مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، بعد نشر سعوديين لتغريدات احتوت على إعلانات لبيع خادمات مغربيات من خلال البحث عن كفيل يتبناهن مقابل مبلغ مادي. السن والجنسية والصورة الشخصية والمهارات التي تتقنها العاملة، هذا فقط ما يحتاجه المُعلِن لينشر عرضا يطلب فيه كفيلا جديدا لعاملته مقابل مبلغ معين. "تويتر" منصة العرض العرض والطلب لا يحتاج إلى سوق وزمان محدد في هذه الحالة؛ مواقع التواصل الاجتماعي كفيلة بتسهيل الأمور للعارض. وهو ما اتبعه بالضبط عارض سعودي نشر قبل أيام، إعلانا لنقل خدمات خادمة مغربية يبحث لها عن كفيل مقابل مبلغ مادي. العديد من الصفحات السعودية نشرت بموقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، صورة الإعلان. وبمجرد ظهوره بادر رواد آخرون إلى وضع إعلانات مشابهة تؤكد رغبتهم في التنازل عن خادمات يحملن الجنسية المغربية مقابل مبالغ مالية. إعلانات أخرى وثقت منع الخادمات المغربيات من الحصول على هواتف تتيح لهن التواصل مع ذويهن، إذ تشرح بعض الإعلانات أن سبب الرغبة في التخلص من الخادمة هو طموحها إلى الحصول على "هاتف محمول" ! "سوق نخاسة حضاري وراقي" ندد مئات الناشطين بالإعلانات التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرو الأمر منافيا للقيم والحقوق الإنسانية، خاصة وأن الإعلانات التي تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت صور المعنيات بالأمر، وصوراً لجوازات سفرهن... وفي هذا الإطار، علقت ياسمين أجوطاط، المدونة المغربية، المهتمة بقضايا المرأة والحقوق الإنسانية، في تصريح لDWعربية، قائلة: "إنه مثال للعبودية". وهو نفس ما أكدته العديد من التدوينات التي رأت في الأمر إعادة حديثة لعروض بيع العبيد، وأسموا الظاهرة ب"سوق نخاسة". ليست المرة الأولى كثيرون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عبروا عن رفضهم لما يحدث للعاملات المغربيات، ورأوا فيه حطاً من كرامة الإنسان. ولا يتعلق الأمر بالخادمات المغربيات فحسب، بل يشمل إعلانات تخص نساء تونسيات وأسيويات آخر تداولتها مواقع التواصل الخليجية بنفس الإتجاه. وبهذه المناسبة، ذكّر رواد مواقع التواصل الاجتماعي بوقائع مشابهة ربطت المغرب بالسعودية في نفس القضية، ومن بينها العاملة لمياء معتمد، التي أطلقت نداء استغاثة للملك محمد السادس، سنة 2016، تطالبه بإنقاذها بعدما ذاقت صنوف العذاب من كفيلها السعودي، وتم سجنها، حسب روايتها في فيديوهات نشرت على عدد من المواقع الإلكترونية الإخبارية المغربية. واستأثرت القضية، حينها، بالرأي العام المغربي والعربي. إذ أطلق كثير من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وسم #كلنا-لمياء-معتمد، تضامنا مع ما تعرضت له من عنف على يد كفيلها السعودي. بعد لمياء، وفي نفس السنة، انتشرت قصص عاملات مغربيات أخريات يشتكين من الظروف السيئة وأشكال العنف الذي يطالهن بشكل دائم، ولجأن أيضا إلى تصوير فيديوهات يتحدثن فيها عن "الويل" الذي يذقنه في السعودية. ولكن لماذا يقصدن السعودية؟ "المغربيات اللواتي يذهبن إلى السعودية شأنهن شأن أي شخص آخر يبحث عن عمل يكسبن منه أكثر من بلدهن"، هكذا كشفت المدونة أجوطاط مؤكدة على العامل الإقتصادي الذي يكون وراء هجرة المغربيات للبحث عن عمل في السعودية. إذ تشكل رغبة المغربيات في الرقي بمستواهن المعيشي مقابل دريهمات زائدة لا يمكنهن تأمينها في المغرب، سببا رئيسا لاختيار الهجرة والعمل في منازل السعوديين. وفي هذا الإطار، كان الموقع الإلكتروني السعودي "اليوم" قد نقل بتاريخ 29ديسمبر/ كانون الأول 2017، تصريحا للكاتب الاقتصادي المتخصص في الموارد البشرية بندر السفير، يقول فيه إن المبلغ الطبيعي للخادمات لا يزيد عن 1200 أو 1500 ريال، وهو ما يقارب 3000 أو 3500 درهم مغربي، أي ما يوازي (350- 400 دولار). و يمكن الإشارة هنا إلى الإعلانات التي يمكنك الحصول عليها بمجرد نقر جملة "خادمات للتنازل" في خانة البحث على "تويتر"، حتى تظهر لك العشرات من الإعلانات عن عاملات منازل مغربيات في السعودية، يبحث كفلاؤهن عن التنازل عنهن مقابل مبالغ معينة. سكوت لسبب في نفس المغرب! "المغرب لا يتدخل في هذه الأمور حرصا على أن تبقى العلاقات بين المملكتين بخير" هكذا بررت أجوطاط، المدونة المغربية، عدم اهتمام حكومة بلادها بموضوع "العاملات بالمنازل السعودية" وتعرضهن للاستغلال هناك. في المقابل، صرح عبد العزيز الخميس، الصحافي السعودي، لDWعربية، قائلا: "تسييس الموضوع خاطئ"، مؤكدا في حديثه عن تاريخ العلاقات السعودية المغربية وامتيازها على مر الزمن. كما اعتبر أن القضية "مخالفة للقوانين الدولية والسعودية" وأن البلد لا يسمح بنشر هذه الإعلانات في منابره الرسمية حيث تمنع وزارة الإعلام كل ما من شأنه أن يهين الإنسان، خاصة المغربي الذي يبقى ،حسب قوله، محط احترام وفخر، وفي معرض استنكاره للظاهرة قال الخميس" إذا كانت القصة حقيقية، فسينال الفاعلون جزاءهم من قبل السلطات السعودية". تجدر الإشارة إلى أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية كانت قد عممت منشورا على مصالحها سنة 2015 ، اعلنت بموجبه عن إيقاف التصديق على وثائق مواطناته الراغبات في العمل ك"خادمات" بالمملكة العربية السعودية، على أن يدخل هذا القانون حيّز التنفيذ ابتداءً من 7 ديسمبر 2015. * ينشر وفق اتفاقية شراكة مع DW عربية