جعل من التّرحال مكاناً شعرياً وفِكرياً لإنتاج المعنى وتحديد الرؤيا في الذات وإلى العالم.. هي تجربة غنية لشاعر الطوارق محمدين خواد، المُتوج بجائزة أركانة العالمية للشعر، التي يُقدّمها بيت الشعر في المغرب، بتعاون مع وزارة الثقافة والاتصال ومؤسسة الرعاية الاجتماعية لصندوق الإيداع والتدبير، والتي تبلغ قيمتها المالية 12 ألف دولار أمريكي (120 ألف درهم مغربي). وتعودُ جائزة الأركانة العالمية للشعر في دورتِها الثانية عشرة، بعدَ أن جابتْ أصقاع الأرض، إلى شاعر الطوارق خواد، وهي بذلك وفيّةٌ للوعد الذي حرصت دوماً على استنباته ورعايته تحت ظلالها، الوعدُ بالشِّعر المُدهش المنصت للجّرح الخاصّ في مُعانقته للكون الإنساني في آن، يقول مراد القادري رئيس بيت الشعر في المغرب. ويُضيف القادري، في كلمة افتتاحية خلال حفل تتويج شاعر الطوارق احتضنته المكتبة الوطنية بالرباط: "على الرّغم من كون الشاعر خواد كتب قصائده بتمجاغت وعمّدها بحرف تيفيناغ، فإنّها استطاعت أنْ تَضمنَ لها امتداداً عالميّاً تشهد عليه الترجمات التي عرفتها أعماله الشّعرية"، وتابع "علاوة على الوفاء للشّعر، يُسجّل خواد وفاءه لقضايا مُجتمعه وارتباطه بما يجْمعه من أواصر بشعبه المشدُود لتجربة الترحال والتجوال، إذ لا تنفصل تجربته الشعرية عن تجربة التّرحل والتيِه، على نحو يجعل كتابته مشدودة إلى الأقاصي، وإلى شسوع فضاء الصحراء". محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، أورد، في كلمته بالمناسبة، أنّ الجائزة مكّنت منذ إحْداثها من قطع شوط كبير من الانتصار لهاجس التجديد على مستوى القصيدة حيثما كانت، وتثمين التراكم المهم الذي حققه نخبة من الشعراء بمختلف اللغات، ممّا يسهم في تحفيز المنجز الشعري مغربياً وعربياً وإفريقياً ودولياَ. وتابع الوزير: "لقد جعل الشاعر محمدين خواد التّرحال فضاء شعرياً وفكرياً سَافر من خلاله بكلماته الباحثة، دُون كلل أو توقف؛ فجائزة الشعر العالمية أضافت اسماً رصيناً، ممّا يثري ذخيرتها المكونة من حساسيات وممارسات شعرية منتصرة للقول الجذري". من جهتها، أبْرزَت دينة النّاصري، المديرة العامة لمؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، أنّ "الجائزة تُعتبر واحدة من العلامات الثقافية للمغرب، من خلالها يُؤكِد شعبنا عشقه للأدب والفنّ، وارتباطه بفنّ العربية الأول "الشعر"، واستطاع من خلالها شاعرات المغرب وشعراؤه، بناء جسور من الحوار الحضاري والإنساني بينهم وبين شعراء العالم". وفي رَصده لتجربة شاعر الطوارق، أبْرز الشاعر اللبناني عيسى مخلوف، رئيس لجنة التحكيم، أنّه "تبني المعنى في تفاعل حيوي مع زَمنها، لقد توغلت كتابته بعيداً في تأمل الفضاء، لا اعتماداً على التجريد، بل استناداً إلى تجربة ملموسة، وتلقى منذ تربيته الأولى، أبجدية الترحل، ومنها خبر كيفية الانتساب إلى فضاء الصحراء؛ وهو ما جعل الأمداد والآفاق والأقاصي جزءاً من تجربة وجودية ممتدة في الزمن، قبل أن تشهد امتدادها وتفرعاتها في البناء الشّعري والدلالي لمُمارسة الشّاعر النصية". يُشار إلى أنّ شاعر الطوارق محمدين خواد، الذي توج بجائزة الأركانة العالمية للشعر في دورتِها الثانية عشرة، من مواليد 1950 في منطقة إير (النيجر) ويعيش حالياً بفرنسا، التي نشر بها عدداً من القصائد والملاحم والأعمال الأدبية، التي حظيت جُلها بالترجمة إلى الكثير من اللغات.