تقديم: تحتل النخبة الدينية مكانة محورية ضمن المكونات النخبوية للمجتمع والدولة بالمغرب، ولأهميتها المجتمعية والسياسية وارتباطها الوثيق والبنيوي بتمثيل الزعامة الدينية للمغاربة سواء في شقها الرسمي والشعبي، حرصت هذه الدراسة في مقاربة بنيوية وتصنيفية على رصد مختلف فئاتها في النسق السياسي المغربي، وتحديد خصائصها البنيوية، وتجليات فعلها الديني وسلوكها السياسي في محاولة الإجابة عن أسئلة: ما هي مكونات النخبة الدينية المغربية في المغرب الراهن؟ وما هي الخصائص المميزة لكل فاعل ديني ضمن بنيتها؟ وما هو المحدد الحاسم في التمييز بين النخبة الدينية التقليدية والنخبة الدينية الحديثة؟ وما هي أبرز التحولات التي مسّت مسارها ضمن الحقبة الزمنية المدروسة؟ تاريخيا، شكلت النخبة الدينية المغربية، فئة إستراتيجية في البناء الهرمي للدول المتعاقبة على حكم البلاد، وفي تنظيم وتمثيل المجتمع. وقد تحددت مكوناتها في بداياتها التاريخية في: العلماء والصلحاء أو شيوخ الزوايا الصوفية الذين عرفوا في الوجدان العام للمغاربة بالأولياء، ثم السلطان المستمد مشروعيته في الحكم من الاستناد إلى الدين وبالانتماء للنسب النبوي الشريف. كما ضمت النخبة الدينية عبر التاريخ المغربي: القضاة، الذين كان يتم اختيارهم من فئات العلماء في الحواضر الكبرى أو الفقهاء في البوادي والقرى. ثم الأحبار باعتبارهم ممثلين لليهود المغاربة أمام الدولة السلطانية، ومسؤولين على تنظيم شؤونهم الدينية وأحوالهم الشخصية.[1] إذ لازالت النخبة الدينية اليهودية المغربية تمارس مهامها في المغرب من خلال الإشراف على طقوس ذبح الأضاحي في المدن الكبرى كالدارالبيضاء، وتنظيم المواسم اليهودية. كما يؤطر اليهود المغاربة في مجال الأحوال الشخصية قضاة يهود مختصين لهم مكاتب خاصة في كل من المحاكم الابتدائية بالدارالبيضاء، طنجة ومراكش، يصدرون أحكامهم باللغة العبرية وباسم الملك، ويترأس موريس طوليدانو الطائفة اليهودية بالدارالبيضاء كأكبر تجمع ديني اليهود المغاربة. تفيدنا القراءة التاريخية أن النخبة الدينية الإسلامية بجميع مكوناتها- خاصة العلماء والصلحاء- كانت لها أدوار محورية في التعبير عن التطلعات السياسية والثقافية والاجتماعيةللمجتمع المغربي، وقد قامت بتلكم الأدوار بسلوكها الأخلاقي وإنتاجها العلمي، ومن خلال امتلاكها لناصية تفسير النصوص الشرعية الإسلامية، وبإسهامها الوافر في الحفاظ على الوحدة العقدية والمذهبية الوطنية، وتوطيدها لقيم التكافل الاجتماعي خاصة في أوقات الأزمات والمجاعات[2]، وكذا بمشاركتها في المجال السياسي عن طريق آليتي البيعة والنصيحة، الأمر الذي جعل من النخبة الدينية دوما فاعلا مهما ضمن أهل الحل والعقد المساهمينعن قرب في صنع قرارات "المخزن"، والمؤثرين في توجيهها وتنفيذها، أو المعارضين لها أحيانا إذا دعت إلى ذلك الظروف والمواقف السياسية. وبتميزها بالرأسمال الرمزي القائم على المكانة الدينية والشرف والعلم، كانت النخبة الدينية ولا زالت من أهم مكونات النخبة المغربية المؤثرة في توجهات المجتمع المغربي، والحاضرة موضوعا واشكالا عويصا في أجندة ورهانات الدولة. فقد كانت النخبة الدينية على سبيل الذكر من أبرز مكونات النخبة السياسية والاجتماعية في مغرب القرن التاسع عشر الميلادي، والتي كانت تشمل الفئات التالية: - الشرفاء. - العلماء. - الأولياء والصلحاء والشيوخ. - قواد الجيش والقبائل، ومن على شاكلتهم من الأرستقراطيين والعسكريين مركزيا ومحليا. - كبار التجار وأرباب الحرف.[3] في مرحلة ما بعد الاستقلال، وتطور بناء الدولة الوطنية بالمغرب تعرضت النخبة الدينية لتحولات عميقة في بنية مكوناتها، مست أيضا مركزها الاجتماعي والسياسي الذي عرف مخاضا عسيرا أعاق استمراريتها في ريادة المجتمع، وأضعف تأثيرها في قرارات السلطة سواء مركزيا أومحليا. وقد ساهم في هذا التحول الذي مس بناء النخبة الدينية المغربية، بروز نخب سياسية ونقابية وإدارية حديثة تتكون من خريجي المعاهد العصرية والمدرسة العمومية، أضحوا منافسين أقوياء للنخب الدينية التقليدية بجميع عناصرها في احتكار تمثيل المجتمع وتوجيهه؛ وفي تزويد الدولة بالأطر اللازمة لتسيير دواليب المؤسسات والإدارة، وكان من تداعيات هذه التحولات السياسية والاجتماعية والإدارية لمغرب ما بعد الاستقلال تأثيرا على بنية النخبة الدينية، بفقدانها لإحدى مكوناتها الرئيسة المتمثلة في القضاة الذين أصبحوا يشكلون نخبة إدارية متفردة بنظامها التكويني والتراتبي المستمد من الترسانة القانونية الحديثة. كما شهدت النخبة الدينية المغربية بروز جيل جديد من رحمها منذ أوائل سبعينيات القرن العشرين تضم: الإسلاميون والمثقفون الدينيون والخطباء ذوي الشعبية في أوساط الشباب والطبقات الاجتماعية المختلفة خاصة في المدن الكبرى كالدارالبيضاء، طنجة، فاس، وجدة ومراكش.وكان لهذا الجيل الحديث من النخبة الدينية في تفاعله مع مكونات النخبة الدينية التقليدية وخاصة منهم العلماء، والملك/أمير المؤمنين والزوايا، أثر في رسم فسيفساء متعددة للنخبة الدينية المغربية في النسق السياسي الراهن. وفي خضم هذه التحولات البنيوية، يمكن تحديد مكونات النخبة الدينية المغربية، مع استحضارلسياق نشأتها وخصائصها المجتمعية و السياسية،فيما يلي: أ- النخبة الدينية التقليدية: التي تضم بالإضافة إلى العلماء-الذين خصصنا لهم دراسة مستقلة لمكانتهم المركزية ضمن النخبة الدينية المغربية-تتكون من الملك/ أمير المؤمنين ومستشاريه في الشؤون الدينية ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، وشيوخ الزوايا، والشرفاء، الفقهاء، والخطباء، طلبة العلوم الشرعية (الطُلبة). ب- النخبة الدينية الحديثة: تضم زعماء التنظيمات والتيارات الإسلامية، وقيادات الحركة النسائية الإسلامية والعالمات والمرشدات(الواعظات)والمثقفين الدينيين. ولرفع اللبس المنهجي عن دواعي هذا التصنيف للنخبة الدينية الوطنية، فإننا جعلنا المحدد التاريخي معيارا للتقسيم والتصنيف، وبمقتضاه جعلنا الفاعلين الدينيين التاريخين في النسق السياسي ضمن النخبة الدينية التقليدية، وحددنا الفاعل الديني لمغرب ما بعد الاستقلال في فئات النخبة الدينية الحديثة. أ- النخبة الدينية المغربية التقليدية: وتشمل إلى جانب العلماء – الذي خصصنا لدراسة نخبتهم بحثا مستقلا، يكشف عن فئاتهم الرسمية والمستقلة والحركية، وعن مدى تأثيرهم في الحياة السياسية والنقاش العمومي– كل من: - الملك / أمير المؤمنين: الذي هو زعيم النخبة الدينية الرسمية وأول العلماء[4] بمقتضى المشروعية الدينية والتاريخية المستمدة من وظيفتي: البيعة والنسب النبوي الشريف. كما يعد كذلك مصدرا للقيم الدينية[5] المطلوب الانضباط والامتثال لها في الحقل السياسي والديني. فمنذ أول دستور للبلاد سنة 1962 تم النص في الفصل التاسع عشر الشهير، على أن "الملك أمير المؤمنين، رمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، وهو حامي حمى الدين، والساهر على احترام الدستور، وله صيانة حقوق وحريات المواطنين والجماعات والهيئات، وهو الضامن لاستقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة". وقد حافظ هذا النص الدستوري على قوته السياسية والقانونية والعرفية في جميع التعديلات الدستورية اللاحقة لسنوات (1970 – 1972-1992-1996)، إلى أن تمت إعادة صياغته لغويا، وبلورته في الفصلين: 41و42 من دستور فاتح يوليوز 2011، الذي جاء في سياق الحراك السياسي العربي والمغربي المطالب بإسقاط الفساد والاستبداد. وبمقتضى هذين الفصلين اللذين أزالا الشهرة عن الفصل التاسع عشر من الوثيقة الدستورية المغربية، لازال الملك/ أمير المؤمنين فعليا، هو رئيس السلطة الدينية والمدنية في الدولة.[6] فالفصل 41 من الدستور الحالي ينص على أن الملك،" أمير المؤمنين وحامي حمى الملة والدين، والضامن لحرية ممارسة الشؤون الدينية، ويرأس المجلس العلمي الأعلى، الذي يتولى دراسة القضايا التي يعرضها عليه، كما يعتبر المجلس الجهة الوحيدة المؤهلة للإصدار الفتاوى، بشأن المسائل المحالة عليه، استنادا إلى مبادئ وأحكام الدين الإسلامي الحنيف، ومقاصده السمحة. وتحدد اختصاصات المجلس وتأليفه وكيفيات سيره بظهير. يمارس الملك الصلاحيات الدينية المتعلقة بإمارة المؤمنين، والمخولة له حصريا، بمقتضى هذا الفصل بواسطة ظهائر".[7] بينما يحدد الفصل 42 من دستور2011 الصلاحيات الدستورية للملك بصفته رئيسا للدولة، ف"الملك رئيس الدولة وممثلها الأسمى، ورمز وحدة الأمة، وضامن دوام الدولة واستمرارها، والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، وحقوق وحريات المواطنين والمواطنات والجماعات، وعلى احترام التعهدات الدولية للمملكة. الملك هو ضامن استقلال البلاد وحوزة المملكة في دائرة حدودها الحقة. يمارس الملك هذه المهام، بمقتضى ظهائر، من خلال السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور. توقع الظهائر بالعطف من قبل رئيس الحكومة، وما عدا تلك المنصوص عليها في الفصول 41 و 44 (الفقرة الثانية) و 47 (الفقرتان الأولى والسادسة) و 51 و 57 و 59 و 130 (الفقرتان الأولى والرابعة) و 174"[8]. ويقوم الملك /أمير المؤمنين باعتباره فاعلامحوريا ضمن النخبة الدينية المغربية وحائزا للسلطة الروحية الملزمة في النسق السياسي الرسمي، بمجموعة من الوظائف التي تعكس تمثله المستمر للزعامة الدينية، من أبرزها: 1. رئاسة المجلس العلمي الأعلى والإشراف العام على هيئة الإفتاء. 2. التعيين في الوظائف الدينية (وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء ...) 3. الحضور الشخصي في المناسبات ذات الطابع الديني: حضور صلاة الجمعة، إحياء ليلة القدر والمولد، ترؤس الدروس الحسنية، القيام بشعائر ذبح الأضحية وتدشين المساجد. 4. رئاسة اللجنة الملكية للحج والدعوة للاستسقاء في فترات الجفاف. 5. التشريع والتنظيم في الحقل الديني بواسطة الظهائر. 6. إرسال ممثليه من الديوان الملكي لحضور المواسم وزيارة الأضرحة. 7. السهر على التجديد السنوي لمراسيم وطقوس البيعة. 8. التحكيم في النزاعات السياسية والمجتمعية الكبرى (مدونة الأسرة نموذجا). 9. بعث رسائل التهنئة لرؤساء وملوك وأمراء الدول الإسلامية، في المناسبات الدينية.[9] - مستشارو الملك في الشؤون الدينية: يشكل مستشارو الملك بصفة عامة حلقة وصل بينه وبين وزراء الحكومة، فمن بين عناصر الفريق الاستشاري للملك، نجد حضور صفة مستشار الملك في الشؤون الدينية داخل البلاط الملكي باعتباره مساعدا ووسيطا له مع وزارة الأوقاف ومجالس العلماء، وباقي مكونات النخبة الدينية، كما يقوم المستشار الديني بتمثيل الملك في المناسبات الدينية والعلمية التراثيةسواء داخل المغرب أوخارجه. وقد اشتهرت في عهد الملك الحسن الثاني شخصيتان رئيسيتان في تقلد مهمة مستشار الملك في الشؤون الدينية وهما السيدان: أحمد بنسودة وعباس الجيراري، وإبان وفاة الأول سنة 2008،[10]استمر المستشار الملكي عباس الجيراري سليل الأسرة العلمية الشهيرة في تقلد هذه المهمة في عهد الملك محمد السادس، بالإضافة إلى محمد الكتاني العميد السابق لكلية الآداب بتطوان وعضو أكاديمية المملكة المعروف بإنتاجه العلمي والديني.[11] إجمالا يقوم مستشار الملك في الشؤون الدينية كعضو في النخبة الدينية التقليدية الرسمية بتبليغ تعليمات وتوجيهات الملك /أمير المؤمنين لمختلف مكونات النخبة الدينية المؤسساتية مثل الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى، مدير دار الحديث الحسنية وغيرهم. كما يساهم التكوين الديني واللغوي والتاريخي للمستشار الديني في انضمامه ل"الأنتلجنسيا التقليدية داخل القصر" المختصة في تدبيج الخطب الملكية ذات الطابع الأكاديمي والتاريخي، وفي الحضور نيابة عن الملك في تمثيل المغرب في المحافل العلمية المهتمة بالتراث العربي والإسلامي. - وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية: هو أبرز شخصية ضمن أعضاء النخبة الدينية الرسمية بعد أمير المؤمنين، لما يمتلكه من ثقل سياسي وقانوني في توجيه السياسة الدينية الوطنية وفقا للتوجهات العامة للمؤسسة الملكية في هذا المجال. ويعمل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بصفته مسؤولا عن إدارة مرفق عمومي مختص بالمجال الديني[12] على اجتراح المفاهيم الأساسية الناظمة للعمل الديني الرسمي وللفاعلين في مؤسسات الحقل الديني، سواء من خلال افتتاحه للدروس الحسنية أو من خلال قراءته للرسائل التوجيهية نيابة عن أمير المؤمنين إبان حضوره للمناسبات الدينية الرسمية المختلفة. كما يشهد النسق السياسي بروزا كبيرا لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية كفاعل ديني عضو في النخبة الحكومية والسياسية، نظرا لارتباطه العضوي بالمؤسسة الملكية وصفتها الدينية إمارة المؤمنين، ولتقلده مهمة تدبير "المقدس" كحقل تتصارع بداخله مجموعة من الرهانات والمؤسسات، ولربما هو من أكثر الحقول المجتمعية انفتاحا على الصراع الخفي والظاهر، وذلك لأن صراعاته تتوجه بالأساس إلى سؤال المشروعية والاستمرارية في نظام الحكم بالمغرب[13]. وقد أنيطت مسؤولية الإشراف على وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ تأسيسها العملي (إدارة الأحباس سنة 1955) إلى شخصيات مختلفة تميزتعلى العموم بعدم تحزبها السياسي، وطول مكوثها في المنصب الحكومي، إذ يتميز وزراء الأوقاف والشؤون الإسلامية عن غيرهم من الوزراء، بكونهم الأكثر استقرارا في الحكومات المتعاقبة على تدبير شؤون المغرب.[14] قضى وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبد الكبير العلوي المدغري في مهمته الوزارية بعد تولي الملك محمد السادس الحكم حوالي ثلاث سنوات ونصف، عمل فيها على ترسيخ نموذج الوزير "الفقيه" المنافح عن صلاحياته السياسية في خدمة إمارة المؤمنين، ولو على حساب مبدأ التضامن الحكومي.تجلى ذلك بوضوح في قضية الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وما عرفته من معارضة صريحة من قبل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقيادة العلوي المدغري.[15] تراكم تجربة الوزير "الفقيه" في خدمة "الإسلام المغربي" وإمارة المؤمنين لحوالي عقدين من الزمن، لم تعفه من الإقالة من قبل الملك محمد السادس سنة 2002، ليتم تعيينه بعد ذلك كاتبا عاما لوكالة بيت مال القدس. ويمكن إجمال أهم عوامل إقالة عبد الكبير العلوي المدغري فيما يلي: - إقحامه بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في صلب الصراع الحزبي حول خطة إدماج المرأة في التنمية، وما سببه ذلك من إحراج لصورة التضامن الحكومي لحكومة عبد الرحمن اليوسفي. - أحداث 11 شتنبر 2001 وما واكبها من تداعيات وطنية من خلال انخراط الدولة في مواجهة التيار السلفي أمنيا خاصة بعد أحداث 16 ماي بالبيضاء بعد عقود من التعايش مع منبعه الأم الوهابية المغربية (الشيخ المغراوي وقبله الشيخ تقي الدين الهلالي...). - رغبة المؤسسة الملكية في مواجهة التيار السلفي خاصة "الجهادي" وذلك بتشجيع وتوظيف الطرق الصوفية، مما عجل بتعيين الأستاذ الجامعي والمؤرخ المعروف بميولاته الصوفية أحمد التوفيق الذي عمل منذ توليه مسؤولية الأوقاف والشؤون الإسلامية على نهج "سياسة دينية" هيمن عليها طابع الضبط والتدبير، وسميت رسميا وإعلاميا بإعادة هيكلة الحقل الديني. وقد تأسست المقاربة "التوفيقية"- نسبة للوزير احمد التوفيق- في ضبط وتدبير الحقل الديني على ست ركائز: 1. مواجهة التيارات الإسلامية المعارضة للتوجهات السياسية والدينية خاصة التيار السلفي الجهادي والعدل والإحسان. 2. محاولة التأسيس لسياسة عامة دينية في الحقل الديني عن طريق تحديد الأولويات وصوغ البرامج والأهداف في مختلف مجالات تدخل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. 3. التركيز على الضبط المؤسساتي لاختلالات مرحلة تدبير العلوي المدغري، خاصة في مجالات: الإفتاء – الإعلام الديني – تكوين الأئمة – المجالس العلمية. 4. محاولة تشبيب النخبة الدينية الرسمية (المجالس العلمية والرابطة المحمدية، الوعاظ والمرشدات...). 5. التركيز الواضح على الخصوصية المغربية للتدين المغربي خاصة في مجالي الفقه المالكي والتصوف من خلال الإنتاج الإعلامي الديني الرسمي بمختلف أنواعه المرئي والمكتوب والإلكتروني. 6. نهج مقاربة تنظيمية تقوم على تقنين الممارسات والسلوكيات الدينية للمغاربة سواء في فضاء المساجد أو في مبادرات بناء هذه الأخيرة، أو في الفعل الوقفي والإفتاء المرتبط بالشأن العام[16]. - شيوخ الزوايا: يرتبط شيوخ الزوايا بالتصوف المغربي الذي تعود جذوره العميقة إلى بداية مرحلة الفتح الإسلامي. وبتطوره التلقائي في البيئة المغربية شكل التصوف كنمط للتربية الروحية، استمرارا لظاهرة الزهد التي عرفها التاريخ الإسلامي، والتي اصطبغت في تاريخ المغرب الأقصى بوجود نخبة شيوخ الزوايا الذين عرفوا في المخيال الشعبي المغربي برجال الله والأولياء والصالحين. ويتمتع الصلحاء كمكون متميز ضمن النخبة الدينية المغربية بمشروعية دينية واجتماعية عميقة وقوية[17] جعلتهم يتبوؤون مكانة سامقة في التوجيه التربوي والفقهي للمجتمع، أدت ببعضهم في فترات من ضعف السلطة المركزية إلى التطلع للحكم، كما حصل في القرن السابع عشر ميلادي مع الزاوية الدلائية[18] ومع الزاوية الكتانية بعد ذلك بقيادة شيخها محمد عبد الكبير الكتاني في معارضته الصارمة للسلطان عبد الحفيظ في المطلع القرن العشرين. وإذا كان شيوخ الزوايا (الصلحاء) قد ساهموا في صوغ المعادلة السياسية المفرزة للسلطة الحاكمة عن طريق حضورهم الفاعل إلى جانب العلماء في دعم السلطان أو خلعه من خلال توظيف آلية البيعة، أو بتوفير الدعم المجتمعي للسلطان خاصة في القبائل، فإنهم لم يعد لهم في المغرب الراهن نفس المركز الاجتماعي والسياسي المؤثر بعمق في بنية المجتمع والدولة[19]، بقدر ما أصبحوا فاعلا دينيا تابعا بشكل مطلق للمؤسسة الملكية، مساهما في ترسيخ مشروعيتها الدينية و"الشرفاوية". ويعزى هذا التراجع في التأثير المجتمعي لشيوخ الزوايا فيما بعد الاستقلال إلى عامل بروز الحركة الوطنية ذات الميول السلفية بدء والوطنية فيما بعد، ثم لتطور مؤسسات الدولة الحديثة بالمغرب وتوسع الإدارة على حساب الأدوار التقليدية للزوايا وشيوخها خاصة في التأطير الاجتماعي، كما ساهم ظهور الأحزاب السياسية والنقابات العمالية ثم الحركات الإسلامية في ترسيخ المسار التراجعي للفعل الديني للزوايا، لينحصر في أداء وظائف رمزية وتبركية موسمية (مواسم الأولياء، إحياء ذكري المولد النبوي). ومن أبرز شيوخ الزوايا الذين مازالوا يساهمون في التأطير الديني الرمزي والاجتماعي والسياسي، نذكر: الشيخ حمزة بن الحاج العباس شيخ الطريقة البودشيشية، والشيخ الغالي بن عرفة شيخ الطريقة الحراقية الدرقاوية بتطوان، والشيخ عبد الله التليدي شيخ الطريقة التلييدية الصديقية الدرقاوية بطنجة، والشيخ يوسف الكتاني شيخ الطريقة الكتانية والشيخ محمد الكبير بن أحمد التجاني الذي تم تعيينه من قبل الملك محمد السادس شيخا للطريقة التيجانية بالمغرب يوم 27 فبراير سنة 2009. ويعد هذا التعيين أول سابقة في تاريخ علاقة السلطة السياسية بالمغرب بالزوايا، إذ كان السلاطين والملوك يكتفون بإصدار ظهائر التوقير والاحترام فقط في حق شيوخ الزوايا، ولا يتدخلون في تعيين خلفهم بشكل مباشر ورسمي. وعلى إثر الحراك السياسي لحركة 20 فبراير وما تضمنه من دعوة إلى وضع دستور جديد من قبل جمعية تأسيسية منتخبة في معارضة للعرض الرسمي حول تعديل الدستور من قبل "لجنة المانوني"، قامت الزوايا بقيادة شيوخها بدعم هذه المبادرة الملكية في فترة سياسية حرجة ضمن سياق " الربيع العربي". وفي هذا المضمار دعمت كل الزوايا في "إجماع زاوياتي" لم يسبق له نظير منذ تأسيس الدولة الإدريسية، دستور فاتح يوليوز 2011، إذ أصدرت كل من الزاوية الحراقية الدرقاوية والعلوية بيانين لدعم مشروع الدستور والمؤسسة الملكية ومشروعيتها الدينية، في حين ارتأت الزاوية البودشيشية بما تمتلكه من نفوذ شعبي ودعم رسمي متزايد، النزول إلى الشارع في مسيرة حاشدة داعمة للدستور، يوم الأحد 26 يونيو 2012 بالدارالبيضاء بزعامة حفيد شيخ الزاوية منير القادري بودشيش. - الشرفاء: ترتكز شرعية السلطة بالمغرب بشكل بارز على أرضية الشرف والانتماء للبيت النبوي، فبالرغم من غياب محدد الانتماء الشريف كشرط متفق عليه لتولي الحكم في النظرية السنية، فإننا نجد له حضورا كبيرا في عملية تولية الملك في التجربة المغربية، وفي ثنايا الدعاء للملك في خطب الجمعة، وكذا في الشعائر الدينية التي تمارس على طول السنة الإسلامية، ففي كل هذه التجليات يكرس وجود الشرفاء، فهم دوما بحسب الأنثروبولوجي المغربي عبد الله حمودي "أول الشهود الذين يذكرون في التاريخ السياسي المغربي البيعة بسبب الحظوة التي يضفيها عليهم نسبهم، ولقربهم الاستراتيجي من السلالة الحاكمة "العلويون". وبما لهم من احترام كبير في أوساط عامة الشعب خاصة في أضرحة كبار الشرفاء (مولاي ادريس زرهون، وابنه ادريس الثاني بفاس، ومولاي عبد السلام ابن مشيش، وسيدي احماد أو موسى) كما كان للشرفاء أدوار اجتماعية وسياسية متميزة، خاصة في فترات النزاعات والاضطرابات التي كانت تحصل في البوادي والحواضر، مما أدى بهم إلى حد التدخل والتوسط بين السلطان ورعاياه كشرفاء وزان مثلا[20]. وإذا كان التاريخ السياسي والديني قد حفظ للشرفاء قوة حضورهم وتأثيرهم في المجتمع المغربي وبدواليب الدولة السلطانية بما جعلهم -خاصة المنتمين للفرع الحسني والمقربين منهم من العلويين / الحاكمين- ضمن النخبة الدينية المساندة للسلطان الشريف سياسيا ودينيا، المستفيدة من امتيازاته في شكل هدايا عمومية أو خصوصية أو من خلال إعفائهم من تأدية الضرائب[21]. فإنهم منذ بداية العقد الأول من القرن الواحد والعشرين لم يعد لهم نفس التأثير الديني والسياسي في بنى المجتمع والدولة الحديثة، إذصاروا يمثلون العمق التاريخي للنظام السياسي المغربي، الذي يقابل سندهم الرمزي بالدعم المادي لمواسمهم وأضرحتهم، الأمر الذي شجع بعض العائلات الشريفة الكبرى ذات الأصول الحسنية أو الحسينية على الانتظام في روابط للشرفاء[22] تحظى باحتضان ودعم السلطات في الأقاليم والعمالات؛ من خلال استدعاء "نقباء الشرفاء" بتعدد أنسابهم للحضور في المناسبات الرسمية الوطنية والمحلية. ويحضر ضمن فئة الشرفاء كجزء بارز ضمن مكونات النخبة الدينية المغربية، الملك أمير المؤمنين الذي يعتبر أبا للشرفاء ورمزا لهم على رأس قمة الهرم السياسي للدولة، ولا يفتأ الملك / الشريف يذكر بانتمائه إلى "آل البيت" في خطبه المختلفة بتوظيفيه لعبارات مثل : "جدنا الكريم" في إشارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم "وأسلافنا الميامين"، كما نستحضر في هذا المضمار الدرس الافتتاحي للدروس الحسنية لسنة 2002 الذي اعتبر فيه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق حكم المغرب بكونه أمانة بيد الشرفاء، استودعته لهم الأمة بتوجيه من الصلحاء وذلك بقوله: "وها أنتم يا مولاي، وقد أخذتم دفة سفينتها (أي الأمة المغربية باللغة السياسية الرسمية) وتسلمتم أمانتها بتجل رباني ظهر في إجماع الشعب. أمانة تسلمتموها مطوقين بالبيعة والعهد، مستعينين بالصبر والصلاة، تقعدون مقعد الوارث الكامل الذي استودعته هذه الأمة في شجرتكم منذ أن أضفت لتوجيه صلحائها، وألقت للشرفاء بأزمتها لا ليكونوا حكاما كالحكام أو ملوكا كالملوك"[23]. - الفقهاء والخطباء: هم أكثر أعضاء النخبة الدينية تغلغلا في أوساط المجتمع المغربي؛ إذ يعدون بعشرات الآلاف،[24] حيث يسهرون على أداء وظيفتهم الدينية في مختلف مساجد وزوايا المملكة من خلال إمامة المصلين، وتحفيظ القرآن الكريم، وإلقاء خطب الجمعة، ومشاركة الناس في أتراحهم وأفراحهمفي الجنائز والعقائق وغيرهما. ورغم التفاوت الطبقي الحاصل في شريحة الفقهاء والخطباء، وغياب إطار تنظيمي وطني جامع لجهودهم ومؤطر لعملهم[25] ولاستمرار خضوعهم لرقابة صارمة من قبل وزارتي الداخلية والأوقاف والشؤون الإسلامية، فإنهم مازالوا يؤثرون في المجتمع المغربي بقوة على مستوى التوجيه الفقهي وإنتاج المعرفة الدينية[26]، نظرا لتواصلهم الأسبوعي مع ملايين المواطنين من خلال خطب الجمعة ، وتأطيرهم المتواصل خلال أيام الأسبوع لرواد المساجدبإلقائهم للدروس الفقهية، وإشرافهم على التدريس في أسلاك التعليم الديني سواء في المعاهد العصرية النظامية أو التقليدية. لم تحد التحولات المجتمعية العميقة التي يعرفها المغرب على كافة الصعد خاصة الدينية والثقافية والاجتماعية من حيوية الفقهاء في الأوساط الشعبية، إذ لا زال "الفقيه" يحظى لدى «الجْماعة» أي المرتادين المستمرين لمسجد الحي، المؤدين "للشرط"[27] بالكاريزما الأخلاقية والفقهية، إذ تختاره لأداء وظائفه الدينية بعد موافقة السلطات الإدارية الإقليمية (العمالة) والدينية (مندوبية الأوقاف والمجلس العلمي المحلي) وفقا لشروط صارمة، كأن يكون الفقيه في الغالب متزوجا، ومتمكنا من أساسيات العلوم الشرعية، وحافظا للقرآن والأحاديث النبوية، ذا أخلاق حسنة، ويتقن ضوابط الإمامة ويتولى الخطابة وتدريس "الطلبة" ويسهر على تنظيم الحزب الراتب من القرآن الكريم بعد صلاة المغرب كما جرت العادة بذلك بمساجد المغرب[28]. - طلبة العلوم الشرعية (الطٌلْبة): يشكلون بكثرة عددهم كتلة كبيرة، وقاعدة اجتماعية واسعة في الحقل الديني المغربي، فقد سبق أن صنفهم المفكر السياسي الفرنسي الراحل ريمي لوفو( Rémy Leveau) في معرض دراسته عن تأثير النخب التقليدية في النسق السياسي المغربي خلال السنوات الأولى للاستقلال، ضمن المثقفين ذوي التكوين التقليدي، الذين تميزوا بتاريخ المغرب بعد حصولهم على التكوين الديني المؤسس على حفظ القرآن الكريم والمنظومات الفقهية المالكية في المعاهد العتيقة، بانتشارهم عبر ربوع البلاد بصفتهم مدرسين للقرآن، أو عدولا أو كتابا لدى القواد، وقد كان منهم من يحصل على ثقافة أكثر عمقا، مما يتيح لهم الاندماج ضمن هيئة العلماء (ulémas)[29] . يدرس أغلب طلبة العلوم الشرعية (الطٌلْبة) بالتعليم الديني في المعاهد التقليدية، التي أصبح معظمها خاضعا لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. ونظرا لارتباطهم بالفقه في الدين تعلما وممارسة، ولما يشكلونه كفئة دينية استراتيجية عددا من قوة داعمة لحيازة المشروعية الدينية في المجتمع، فإنهم صاروا مصدر استقطاب واحتواء من قبل كل الفاعلين الدينين، خاصة من قبل الجهاز الديني الرسمي للدولة والجماعات الإسلامية الكبرى، وهو الأمر الذي يظهر جليا في التنافس القائم بينهما حول امتلاك المخزون الرمزي الذي يمثله الطُلبة والذي ينصب أساسا على تنظيم وتدبير قطاع التعليم العتيق باعتباره مصدرا رئيسا في إنتاج هذه الفئة الشابة من النخبة الدينية المغربية[30]. *باحث في علم الاجتماع السياسي [1]- . انظر: اليهود المغاربة ضمن تقرير الحالة الدينية في المغرب 2007-2008، المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة. طوب بريس. الطبعة الأولى أكتوبر 2009 ص 421 – 430. [2]- في هذا المضمار قام الصلحاء والأولياء كمكون أساسي ضمن النخبة الدينية المغربية بأدوار متميزة دينيا وعسكريا واجتماعيا في التاريخ المغربي خاصة في الحفاظ على الخصوصية المغربية في السلوك الديني المؤسس على الأشعرية في العقيدة والمالكية في الفقه والتصوف السني في التزكية، كما كانت لهم أدوار عسكرية في مراحل الجهاد وأثناء تأمين المسالك التجارية، بالإضافة إلى ما قاموا به من أدوار مجتمعية تمثلت في ترسيخ التكافل الاجتماعي بين المغاربة، انظر، بوتشيش إبراهيم وآخرون، التصوف السني في تاريخ المغرب، نسق نموذجي للوسطية والاعتدال. منشورات الزمن، سلسلة شرفات عدد : 27، 2010– ص 141- 246. [3]- جفريسعيد ، النخبة وسؤال الإصلاح في مغرب القرن 19، ضمن كتاب النخب المغاربية الخلفيات، المسارات والتأثير. منشورات مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية. جامعة الحسن الثاني. الدارالبيضاء، مطبعة سوماكرام، 2012 ص 47. [4] - ريمي لوفو، الإسلام والتحكم السياسي في المغرب، مجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي عدد 13-14، سنة 1991-1992 ص 170. [5]- المعتصم محمد، التطور التقليداني للقانون الدستوري المغربي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الدارالبيضاء 1988 ص 157. [6]- نستحضر في هذا السياق نموذجا لتفسير العقل الديني والسياسي الرسمي لحيازة الملك أمير المؤمنين مقاليد السلطتين الدينية والمدنية (رئاسة الدولة)، إذ ترافع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق بقوة للدفاع عن تداخل السياسي والديني في مقام أمير المؤمنين في افتتاح الدروس الحسنية الرمضانية لسنة 2004 بدرس معنون ب: "تدبير العلاقة بين الدين والسياسة"، فقد وظف الوزير في مداخلته مختلف إمكانياته العلمية التاريخية والقانونية والصوفية في التأصيل لجمع إمارة المؤمنين للسلطتين الدينية والسياسية، وقال: في معرض حديثه بإن النظام السياسي في المغرب هو "محل إجماع الأمة لمشروعيته الدينية في المقام الأول ... فالعلاقة بين الدين والسياسة ليست مطروحة في مستوى الاختيارات المحسوم فيها، وإنما هي مطروحة على مستوى الممارسة التعاملية للفاعلين في الميدانين الديني والسياسي، حيث السياسة نشاط تطبيقي يحاول حل مشاكل محسوسة تعرض للمجتمع مع مراعاة الظروف ... مقام أمير المؤمنين الديني والسياسي، الذي لا ينفصل الأمران في أي عمل من أعماله، فهو عندما يأمر ببناء مدرسة أو عندما يدشن مسجدا أو يخطط لمرسى أو يشيد سدا لا يميز في عمله بين ما هو ديني وما هو سياسي، فالتاريخ والوحي في أفقه وشخصه مندمجان متلازمان" انظر النص الكامل للدرس الحسني في الموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية www.habous.gov.ma [7]- دستور فاتح يوليوز 2011، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011. [8]- نفس المرجع. [9]- للمزيد من الاطلاع حول آليات اشتغال مؤسسة إمارة المؤمنين في الهيمنة على مجريات النسق السياسي المغربي وخاصة الحقل الديني منه، انظر: - Darif Mohamed, Commanderie des Croyants : Outille de L'étatisation en Ouvrage : Monarchiémarocaine et acteurs religieux. Ed. Afrique Orient 2010 pp : 13 -26. - الشعيري منظور عبد الرحمن، إمارة المؤمنين في دستور 2011، قراءة في البنية والتوظيف، مجلة وجهة نظر العدد: 50 خريف 2011 ص ص 9 -11. [10]- قبل وفاته أحيل المستشار أحمد بنسودة على التقاعد بسبب مرضه، وقد كانت لظروف نشأته في أسرة مشهورة بعلمائها في القرويين بفاس الأثر الكبير في تكوينه الديني مما جعله محل ثقة الملك الراحل الحسن الثاني الذي عينه في البداية مديرا للديوان الملكي ثم مستشارا له، انظر بتفصيل مقال حول ثلة من شخصيات النخبة الدينية المغربية وخاصة منها الرسمية، لمحمد فاروق النبهان المفكر الإسلامي السوري والمدير السابق لدار الحديث الحسنية بالرباط بعنوان "أصدقائي المغاربة" بموقعه الإلكتروني الرسمي www.dr-alnabhan.com [11]- يعد الرجلان إلى حد الآن من أبرز مستشاري الملك محمد السادس في الشؤون الدينية بناء على نشاطهما الأكاديمي وحضورهما في تمثيل الملك في المحافل الدينية والعلمية التراثية، ولتواصلهما على ندرته مع الإعلام المكتوب في مجال التاريخ والمعرفة الدينية. انظر حوارهما مع مجلة الإحياء التابعة للرابطة المحمدية للعلماء: - حوار مع محمد الكتاني: عدد 27 سنة 2008. - حوار مع عباس الجيراري: عدد مشترك 30/31 سنة 2009. ونظرا لعدم وجود قانون تنظيمي مؤطر لعمل المستشارين الملكيين، فإن عملية تصنيف مهماتهم في الحقلين السياسي والإعلامي تتأسس غالبا بناء على تخصصهم العلمي ومجال بروزهم الإعلامي والعلني. [12]- BouarifTawfik, l'action du ministére des habous et des affaires islamiques, sous le nouveau régne Mémoire pour l'obtention du diplôme des études supérieurs approfondis.droit Public.Université MohammedV.Faculté des Sciences Juridiques Economiques et Sociales Agdal 2004-2005p :20 [13]- العطري عبد الرحيم ، النخبة الدينية خلال 16 ماي ورهانات الترويض والاحتواء في كتابه، صناعة النخبة بالمغرب، المخزن والمال والنسب والمقدس طرق الوصول إلى القمة، منشورات دفاتر وجهة نظر عدد: 9 مطبعة النجاح الجديدة. الطبعة الأولى 2006 ص 176. [14]- تعاقبت عدة شخصيات على تحمل مسؤولية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية منذ تأسيسها، محمد المختار السوسي (1955-1956)، علال الفاسي (1963-1961)، أحمد بركاش (1972-1963)، المكي الناصري (1972-1974) والداي ولد سيدي بابا (1977-1974)، أحمد رمزي (1972-1977)، الهاشمي الفيلالي (1981-1983)، عبد الكبير العلوي المدغري (1983- 2002) أحمد التوفيق منذ سنة 2002 إلى الآن، وقد احتفظ هذا الأخير بمنصبه رغم الحراك الشبابي والسياسي الذي عرفه المغرب بعد بروز حركة 20 فبراير وقيام النظام السياسي المغربي بمراجعة دستورية في فاتح يوليوز 2011، مما يكرس الطابع السيادي لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية. [15]- حميمناتسليم ، السياسة الدينية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب 1984 – 2002. أطروحة الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال الرباط 2008 – 2009 ص 55. [16]- انظر قراءة في تجربتي وزيري الأوقاف والشؤون الإسلامية، عبد الكبير العلوي المدغري وأحمد التوفيق في مقال، الشعيري منظور عبد الرحمن ، الفعل الديني الرسمي: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية نموذجا. مجلة رهانات العدد: 10 ربيع 2009 ص ص 34 -36 . [17]- المغراوي محمد ، العلماء والصلحاء والسلطة بالمغرب والأندلس في عصر الموحدين، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في التاريخ، جامعة محمد الخامس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية الرباط 2001 – 2002 ص 473. [18]Larouiabdellah, les Origines sociales et culturelles du nationalisme marocain (1830-1912). Ed, Maspero.Paris.1977 p :132 [19]- حول تأثير بروز الحركة الوطنية في الحدّ من النفوذ المجتمعي للزوايا وشيوخها انظر، الزاهي نور الدين ، الزاوية الإسلام والسياسة في المجتمع المغربي، افريقيا الشرق. الطبعة الثانية 2003 ص ص 59 – 86. [20]- حمودي عبد الله ، الشيخ والمريد، النسق الثقافي للسلطة في المجتمعات العربية الحديثة، ترجمة عبد المجيد جحفة، دار توبقال، الطبعة الثالثة 2003 ص 93. [21]Laroui Abdellah, Les Origines sociales et culturelles du nationalisme. op. cit:95 [22]- من أبرز روابط الشرفاء التي تتوفر على مقرات في العديد من المدن المغربية، وتعمل على توزيع بطائق انخراط لمنتسبيها نجد الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة وأبناء عمومتهم بالمغرب، وتثير هذه البطائق التي تطلب لحاملها ضرورة الاحترام والتوقير لنسبه الشريف إحراجا قانونيا بالدولة الحديثة، بل وتمس جوهرها المبني على ضرورة وجود دولة قانون بالمعنى الشامل والكامل للكلمة تسودها المساواة في الحقوق والواجبات، انظر أكنوش عبد اللطيف ، السلطة والمؤسسات السياسية في مغرب الأمس واليوم، مكتبة بروفانس. الدارالبيضاء، 1988 ص 180. [23]- مقتطف من الدرس الحسني للوزير أحمد التوفيق بعنوان: النسب الشريف والسند الصوفي في تاريخ المغرب، يوم 7 رمضان 1423 الموافق 12 نونبر 2012. منشور في سلسلة الدروس الحسنية في الموقع الإلكتروني لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية: www.habous.gov.ma [24]- حسب تصريح وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق في اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية بالبرلمان يوم الاثنين 26 مارس 2012، يبلغ عدد الأئمة أي الفقهاء والخطباء بالمغرب 46 ألف فردا. جريدة التجديد عدد 2862، الأربعاء 28 مارس 2012. [25]- عرف النسق السياسي المغربي خاصة بعد بداية الشطر الثاني من إعادة هيكلة الحقل الديني سنة 2008 المؤطر بعنوان مبادرة "ميثاق العلماء"، بروز إطار تنظيمي للأئمة والفقهاء وينحدر أغلبهم من جنوب المغرب باسم: الرابطة الوطنية لأسرة المساجد بالمغرب، نظمت العديد من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية بالعاصمة الرباط للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والقانونية للأئمة والفقهاء، وكانت أبرزها مسيرة 14 أبريل 2011 ، ويترأس الرابطة الإمام محمد سمير، ويتولى الحديث باسمها إعلاميا كاتبها العام الإمام عبد العزيز خربوش. انظر للمزيد من الإطلاع الموقع الإلكتروني الرسمي لرابطة الأئمة والفقهاء: www.osratalmasajid.com [26]- رغم وجود تنافسية حادة في تصدير المعرفة الدينية خاصة مع تطور التكنولوجية الحديثة المسهلة للولوج للمعلومة الدينية (الفضائيات + شبكة الأنترنيت بمختلف مواقعها) فإن الفقهاء بحسب دراسة الإسلام اليومي لازالوا يحتلون المرتبة الأولى كمصدر للمعرفة الدينية بالنسبة للمواطن المغربي بنسبة 39,8% للرجال و 11,2% بالنسبة للنساء. انظر. El Ayadi Mohamed, Rachik Hassan, Tozy Mohamed, Islam Quotidien Sur Les Valeurs Pratiques Religieuse Au Maroc. Ed Prologues Religion et Société 2007p :196 [27]- "الشرط"، في اللغة الفقهية المغربية هو تعاقد عرفي بين الجماعة والفقيه يلتزم بمقتضاه هذا الأخير بالقيام بالإمامة وتعليم للأطفال وطلبة القرآن، وكذا القيام بالخطابة يوم الجمعة، في مقابل التزام الجماعة بأداء مقابل نقدي أو عيني يحدد شهريا أو سنويا حسب ما تقضي به الأعراف والعادات، التي تختلف بتعدد المناطق، كما قد يتضمن الشرط التزامات أخرى ملحقة مثل أداء "النوبة " وهي مساعدة غذائية تؤدى إلى الطلبة لمساعدتهم على الدراسة أو كتحديد حصص من الحصيلة الزراعية لكل فرد من أعضاء الجماعة لتغطية مصاريف المسجد". [28]- انظر بتفصيل المهام الموكولة للفقيه ومسؤولياته في المسجد في وثيقة: دليل الإمام والخطيب والواعظ الذي أعدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بمثابة قانون داخلي للمساجد سنة 2006 ص174-179. [29]- لوفو ريمي ، الفلاح المغربي المدافع عن العرش، ترجمة محمد بن الشيخ ومراجعة عبد اللطيف حسني منشورات وجهة نظر، سلسلة أطروحات وبحوث جامعية: الطبعة الأولى 2011، ص 105. [30]- حول نمط دراسة طلبة العلوم الشرعية المغاربة "الطُلبة" وارتباطهم التاريخي بالمدن العلمية الكبرى كفاس ومراكش، وعلاقتهم التراتبية بالشيوخ / العلماء والفقهاء، انظر: - Laroui Abdellah, Les Origines sociales et culturelles du nationalisme marocain. Op.cit. pp : 196 – 197 – 201.