اعتبر أحمد حرزني، السفير المتجوّل، أنّ المغرب قصّر في الدفاع عن ملف وحدته الترابية في أمريكا اللاتينية حين ترك الساحة فارغة أمام خصومه في دول هذه المنطقة؛ ما جعل عددا منها تدعم أطروحة البوليساريو، قبل أن تتدارك المملكة الموقف وتنزل بثقلها الدبلوماسي لدى عدد من هذه الدول التي سحب بعضها اعترافه بجبهة البوليساريو. وقال حرزني في ندوة صحافية قبيْل المحاضرة التي ألقاها مساء اليوم الأربعاء في أكاديمية المملكة بالرباط، حول إسهام أمريكيا اللاتينية في الفكر التحرري العالمي، "في وقت ما كنّا مُقصِّرين لأننا تركنا الساحة فارغة أمام خصوم وحدتنا الترابية في أمريكا اللاتينية، وكانت البوليساريو تتصرف فيها كأنها مُلحقة تابعة لها، لكنّ هذا الوضع تغيّر الآن، وأصبح هناك تفوق للمغرب على خصومه في أمريكا اللاتينية". من جهة ثانية، اعتبر المعارض السياسي السابق أنّ أمريكا اللاتينية يُمكن أن تكون نموذجا يُحتذى بالنسبة إلى المغرب في مجال الديمقراطية، وذهب إلى تشبيهها ب"أرنب السباق"، موردا أنها "مختبر ثري جدا في قضايا الديمقراطية، باعتبار أنّها تتوفر على رصيد فكري هائل في هذا المجال". ويرى السفير المتجوّل أنّ هناك ميدانين أساسيين يمكن للمملكة أن تستفيد فيهما من تجربة أمريكا اللاتينية، هما التنمية، باعتبار أن كثيرا من المفكرين الأمريكولاتينيين قدموا جملة من الاجتهادات في هذا المضمار، ومجال الدمقرطة وانتقال المجتمعات من أنظمة سلطوية إلى أنظمة ديمقراطية، معتبرا أن أمريكا اللاتينية رائدة في هذا المجال. غير أن حرزني، وَإِنْ نوَّه بتجربة بلدان أمريكا اللاتينية في مجالي الانتقال الديمقراطي والتنمية، فإنه دعا إلى عدم "تأليهها"، قائلا: "لا ينبغي تأليه أمريكا اللاتينية، فمسار انتقالها الديمقراطي واجهته صعوبات وشابته تراجعات، ونحن مدعوون إلى استلهام الأفكار الرائدة المناسبة لبيئتنا، لأنه لا توجد هناك حلول جاهزة صالحة لكل زمان ومكان". المعارض السياسي السابق ذهب إلى القول إنّ التجربة المغربية في مجال الانتقال الديمقراطي "لا يُستهان بها"، مضيفا: "نحن لسنا في حالة افتقار تام إلى الأفكار النيرة، ولسنا معدومي التجربة والخبرة"، لكنه رفض تقديم تقييم لما تحقق في المغرب في مجال الدمقرطة، واكتفى بالقول، جوابا على سؤال لهسبريس، "أنا أتيت إلى هنا لأحاضر في موضوع آخر بعيد عن موضوع السؤال". وشدد حرزني على أنّ من شروط نهضة المجتمع التحلّي بالقدرة على استيعاب ما تنتجه الثقافات الأخرى لمسايرة الرّكب العالمي، دون أن يعني ذلك تبخيس المنتوج الفكري الوطني، قائلا: "الفكر التحرري الذي أنتجه المغرب مهم، وتجربتنا يُعتدّ بها. ربما قد تكون أمريكا اللاتينية، أو غيرها، متقدمة أكثر، ولكن لا يجب أن نكون نتتلمذ كتلميذ بليد، بل أن نتحاور مع الآخرين لتقوية تجربتنا". وتندرج المحاضرة التي ألقاها أحمد حرزني في أكاديمية المملكة في إطار سلسلة اللقاءات التي تنظمها الأكاديمية في سياق انفتاحها على مختلف التجارب الكونية في السياسة والثقافة والاقتصاد، وغيرها من المجالات؛ وذلك تحضيرا لدورتها السنوية الخامسة والأربعين، المزمع انعقادها من 24 إلى 26 أبريل المقبل، حول موضوع "أمريكا اللاتينية أفُقا للتفكير".